دبي /متابعات : لا يفتقد الفيلم البحريني “أربع بنات” النوايا الحسنة، بالحقيقة هو مليء بها، ربما إلى درجة الاختناق، الفيلم الذي عرض البارحة في افتتاح مهرجان الخليج السينمائي يقف تمامًا إلى الجانب الصحيح من الصراع (الجانب الذي يراه الكثيرون صحيحًا) على أي حال، هو ينتصر للمرأة. موضوع الفيلم، ينتقد التيار الديني المتطرف، ويقدم نهاية مثالية لإشكالية معقدة، تنتهي عادة بالتضاد عما يقدمه الفيلم.تدفع الظروف الاقتصادية والاجتماعية فتيات الفيلم البحرينيات إلى البدء مع عم إحدى الفتيات بمشروع لورشة غسيل السيارات في البحرين. المشروع تتصدى له قوى اجتماعية ودينية تريد إيقافه والنيل من صاحباته بسبب عمل الفتيات أنفسهن بغسل السيارات.قوى التطرف الديني في الفيلم، يقودها رجل ارتبط بعلاقة زواج سابق مع إحدى الفتيات الأربع. ما ينتهي إليه الفيلم (ربما من دون تخطيط) هو أن التطرف الديني يملك أسبابه الشخصية والاجتماعية وليس نابعًا دائمًا من النصوص الدينية أو التقاليد، وهو رأي يحتمل الكثير من الصواب. الفيلم يقدم أيضا رجل الدين العادل المتروي، بشخصية الإمام الذي رفض الاشتراك في حملة الكراهية التي أثارها التيار المتطرف. الإمام نفسه يقف في النهاية بوجه المتطرفين عندما يحاولون تدمير مشروع الفتيات.عوامل الضغط على الفتيات تكتمل وتتصاعد عندما تبدأ عوائلهن بالضغط عليهن لإنهاء المشروع الذي بدأت أخباره بالانتشار. الفيلم اختار الوصول إلى “الاصطدام” بين المجتمع المحافظ والفتيات عن طريق المستوى التقليدي المكرر، تهز اختيار الفتيات لمهنة غير معتادة بعضاً من ثوابت المجتمع المحافظ، فيتحرك المجتمع للحفاظ على أخلاقياته.المجتمع نفسه وكما قدمه الفيلم، لم يكن ليتحرك لو اشتغلت الفتيات بأي مهنة أخرى. هذه المعالجة الناتجة من تلك المقدمة تبقى على أهميتها قريبة من السطح كثيرًا، لأنها تبقى بالنهاية محصورة ضمن الأطر الدرامية للحكاية ولا تتطور او تتجه الى فهم موسع لعلاقة المرأة ومجتمعاتها في العالم العربي والإسلامي. الخلاص في نهاية الفيلم ينطلق من المجتمع نفسه، لكن دون تقديم حقيقي أو عميق لهذا المجتمع والعوامل التي تشكل بنيته وظواهره.هذا هو الفيلم الأول للمخرج البحريني حسين عباس الحليبي، الذي ينجح في إدارة مجموعة جيدة من الممثلين البحرينيين والذين قدموا اداءات جيدة كثيرًا، الفيلم يحمل مشاكل الفيلم الأول، من المباشرة الزائدة ومشاكل الاقتراب من التلفزيون، معظم مشاهد الفيلم بدت قريبة إلى المسلسلات الخليجية التي تمتاز بالدرامية الزائدة، والجرأة في تقديم مشاكل المجتمع الخليجي. وهو الأمر الذي يبدو مفهومًا في مجتمع تسيطر عليه الدراما التلفزيونية وتصبح هي مرجعيته الفنية، حتى عند تقديم أفلام سينمائية.جزء ما يسعى إلى مهرجان الخليج السينمائي هو تشجيع الإنتاج السينمائي وبناء تقاليد المشاهدة السينمائية في بلدان الخليح العربي. هذا يتحقق فقط عندما تكون السينما تحمل هويتها المنفردة الخاصة، و بعيدة قدر الإمكان عن سطوة التلفزيون وتكراره.