مدن عربية و عالمية
حين تقف متأملا أمام تلك الشواهد من مملكة سبأ الصامدة صمود الابطال وسط الصحراء ، لابد أن تنعكس في نفسك رغبة شديدة للسفر عبر الخيال الى تلك الحضارة العظيمة و ذلك الانسان الذي أسسها .وهذا ما دفع البروفسور الكندي جلانز مان ليقول عن محرم بلقيس أو معبد أوام كما يعرف بأنه قد يصبح أعجوبة الدنيا الثامنة متى ما أنتهت عملية البحث والتنقيب عنه .ومحرم بلقيس هو احد شواهد مملكة سبأ التي تقع في منطقة مأرب الواقعة على بعد 170كم شرق العاصمة صنعاء والتي تعتبر عاصمة مملكة سبأ، مهد حضارة أمتدت عدة قرون .فهي المرتكز الاساسي للحضارارت اليمنية ، اذ اعتبر الحميريون امتدادا متكاملا لمملكة سبأ التي سادت في كامل منطقة جنوب الجزيرة العربية والبحر الاحمر حتى مناطق اريتيريا وأثيوبيا الشرقية في القرن الافريقي .وقد جاء ذكرها في جميع الكتب المقدسة وهي ذلك النبأ العظيم في القرأن الكريم .وبعد أن كانت هي التاريخ والحضارة والثقافة والمجد العربي في جنوب جزيرة العرب على مدى عشرات القرون ، الا أنها تحولت الى مجرد أساطير وحكايات تتواترها ألسنة الرواة ، فمثلا سد مأرب العظيم الذي كان واحد من بين 80سدا في مملكة سبأ تحول بعد سيل العرم الى أسطورة باستثناء جزء بسيط من جداره الضخم الذي لا يزال منتصبا عند الضفة الغربية لوادي أرض الجنتين وأماسواه من معالم مملكة سبأ فقد طماها سيل العرم وزحفت عليها كثبان رمال الصحراء لتدفنها على أعماق مختلفة وحولتها الى مجرد أساطير يحالو الباحثون الاسنرشاد اليها من خلال ما وصلتهم من المخطوطات وبعض النقوش القديمة وبخاصة خلال القرنين التاسع عشروالعشرين .[c1]عرش بلقيس [/c]لم يشأ الزمان والا التاريخ أن يضل عرش بلقيس مجرد أساطير وهو الموقع الاثري الاشهر بين أثار اليمن ، وعرف بأعمدته الخمسة وسادسها عمود مكسور، كان حتى العام 1988ينتصب وسط كثبان الرمال المحيطة به ، وكان اليمنيون يستخدمونها لرسم صورورموز وطنية مهمة للبلاد (وعندما بدأ التنقيب في عام 1888لم يكن قد تبقى من عرش بلقيس سوى تل منخفض يرتفع عند الحقول المجاورة بحوالي ثلاثة أمتارويبرز في أعلاه صف من الاعمدة تنتشر حوله أحجار البلق المهدمة وبعض العناصر المعمارية المكسرة ، وخلال أربعة مواسم من أعمال الحفروالتنقيب تلتها عملية تثبيت وترميم المعالم بكل عناية ، فأصبح المعبد عرش بلقيس مهيأ لاستقبال الزوارومفتوحا لعامة الناس .[c1]محرم بلقيس أو معبد القمر[/c]يزيد عمره عن ثلاثة ألاف سنة وهو معلم أثري مذهل يحيط بالكثير من أسرار عظمة مملكة سبأ وهو جزء مهم من التراث الانساني العالمي ويعتقد فريق التنقيب والحفر الاثاري أن هذا المعبد قد وجد خلال الفترة 1200قبل الميلاد وحتى عام550للميلاد .[c1]معبد الشمس [/c]هو معبد كان يحج اليه السبئيون في مواقيت محددة في السنة ويعرف باسم معبد القمروهذا المعبد ينتظرفرق التنقيب الاثرية أن تأتي اليه لتستكمل ما بدأته قبل نصف قرن.[c1]السدود و جنتان عن يمين وشمال [/c]كانت السدود التي شيدها السبئيون والمعابد أهم علامة بلوغ حضارتهم وأوجها وكان ذلك في القرن العاشرقبل الميلاد ، حيث بلغ ارتفاع سد مأرب 16م وعرضه 60م وطوله 620م وهذا يعني حسابيا أنه يمكن أن يروي 9600هكتار من الاراضي منها 5500 في السهل الجنوبي والباقي للسهل الشمالي .كان يشار الى هذين السهلين في في النقوش السبئية مأرب والسهلان 41ويشيرالتعبير الدقيق في القرأن ( جنتان عن يمين وشمال) الى وجود حدائق وكروم في هذين الواديين أو السهلين ، أصبحت المنطقة أكثر مناطق اليمن غنى وانتاج بفضل السدود ومياهها لقد أثبت الباحثان ج. هوفلي والنمساوي غلاسرأن سد مأرب قد أوجد منذ زمن بعيد ، وتروي الوثائق المكتوبة بلغة حميرأن هذا السد قد جعل المنطقة في غاية الخصوبة والعطاء .ولقد تم اصلاح هذا السد خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد الا أن هذه الاصلاحات لم تمنع السد من الانهيار عام 542م بسبب سيل العرم فهلكت كل البساتين والكروم والحدائق التي بقي السبئيون يرعونها لعدة قرون عن بكرة أبيها ، فعانى السبئيون من فترة ركود طويلة ولم تقم لهم قائمة بعدها ... وكانت هذه نهاية القوم التي بدأت مع انهيار السد.