صباح الخير
عبدالرقيب مقبللن نمل من الكتابة عن السلبيات مهما تنطع البعض و"أفادوا" شاكرين اننا لن نأتي بـ "لبن العصفور" ولعل أهم تلك السلبيات والسلوك والثقافة النشاز تكمن في انعدام النظافة العامة في شتى مناحي الحياة إلى جانب الفساد. هناك من يعتبر ان الكتابة في هذه المواضيع مضيعة للوقت والورق والحبر، وأنه ليس بالامكان أحسن مما كان، وأن ثقافة اللامبالاة قد طغت على كل شيء والدليل على ذلك ان الكثيرين يتعاملون مع الشارع وكأنه ملكية خاصة، لا يراعون حتى أبسط أحاسيس الناس.قد يعتقد البعض ان النظافة مسألة شكلية أو ذاتية وليست تكليفاً دينياً وثقافياً وتربوياً وصحياً، وأول خطوط الدفاع ضد الأمراض ـ وبالذات ـ المعدية، وقد يعتقدون ان الإنسان حر في مأكله وجسده حتى في الشارع حيث تنتقل العدوى من إنسان لآخر، وهذا ليس صحيحاً، لان أي حرية شخصية مقيدة باحترام حق الآخرين وليس مجرد إشباع الذات. أما إذا كان الأمر لذلك فقد نعتبر الغش والفساد وإطعام الناس القاذورات شطارة وفهلوة وحرية "تجارة" وهذا يدخل في باب التدليس والخداع وغسل الأوساخ بذنوب أشد وطأة منها.ان الحديث عن النظافة حديث مهم وجاد، حديث يجب أن تضعه الناس في مقدمة واجباتها في المنزل والطريق والمدرسة وشتى المرافق العامة، ولا ضير من ملاحقة المسيئين والذين يتعاملون بلامبالاة مع حق الآخرين في بيئة نظيفة، ولا شك في ان تعامل وسائل الإعلام بجدية مع هذا الموضوع ونشرها للتنبيهات والإرشادات اليومية مسألة مهمة كونها تحفز المواطنين على أخذ الموضوع بما يليق به من اهتمام.وكما أسلفنا، ونؤكد دائماً أن الفساد لا يصنع بيئة نظيفة وخلع أشياء الناس عبر الرشوة والابتزاز لا يخلف ثقة ولا نظافة في التعامل الإنساني لا سيما من قبل من تم ائتمانهم على الوظيفة العامة.ان حيتان الفساد الذين أعلن فخامة رئيس الجمهورية ثورة لاستئصال شرهم لن يدوموا كثيراً ولن يتناسلوا ثقافتهم إلا في حالة واحدة إذا كف المجتمع عن الحراك وفقدت قواه الحية الشريفة إرادتها وهذا مستحيل، خصوصاً واننا شعب مجرب على اجتراح المعجزات والملاحم التاريخية مهما حاول البعض التقليل من شأنها.والفساد أضر ويضر دائماً بتنمية أي بلد، خصوصاً إذا ما صاحبته جعجعة فارغة تريد انتاج وقت فائض لممارسة المكايدات والمماحكات بعيداً عن مجال العمل المثمر الواقعي والموضوعي وتوفير الجهد والمال والوقت في أشياء مفيدة.لا يوجد شيء مفيد في الحياة قدر "تقديس" حق البشر الذين كرمهم رب العالمين واحترام حقهم في الحياة، وكنس الفساد الذي أصاب بيئتهم بمقتل من خلال الاستيلاء غير المشروع على الكثير من المتنفسات الضرورية للبيئة الطبيعية.ان نظافة البيئة من ألفها إلى يائها لن تتحقق إلا بنظافة الأيدي التي مازالت تعرقل كل شيء، لانها تعتقد ان من حقها أذية المواطن اما للكسب غير المشروع أو للتنفيس عن عقدها المزمنة التي امتلأت جشعاً وبؤساً.