كمال محمود علي اليماني :تفضل الأخ الشاعر د. شهاب محمد عبده غانم بان أهداني نسخة من كتابه «صورة مدينتين» وهو الكتاب الذي يعرض ماجاء في أشعار والده شاعر اليمن الكبير. المغفور له د.محمد عبده غانم من أبيات شعرية يترنم فيها بعدن وصنعاء.والكتاب من مطبوعات مطابع البيان وجاء في 188 ص من المقاس المتوسط وهو لفته كريمة من مؤلفه وإمارة وفاء وعرفان قلما تجدها هنا أو هناك.تناول د.شهاب غانم أشعار والده في مجموع دواوينه في حلقات أخذت شكل مقالات أدبية ظهرت في الصحف السياسية ثم رأى وهو رأي سديد أن يجمعها في كتاب حفاظاً عليها من الضياع.ينتقل المؤلف من ديوان الى آخر وبحسٍ شاعري رفيع يشير الى هذا البيت او ذاك ويوجه الأنظار الى جمال الصورة هنا وحسن السبك هناك ليتضح جلياً أمام ناظرينا هذا الحب العظيم الذي اخذ بشغاف قلب والده الشاعر د. محمد عبده غانم، لهاتين المدينتين.انظر معي الى هذا الجمال في قوله:لندن عاصمة الدنيا لمن شاء المقاما [c1] *** [/c] لكن القلب على قمة شمسان أقاماوعرج معي على أبيات بديعات يقول فيها:باريس ياجنة الدنيا وزينتها [c1] *** [/c] ان قلت باريس قال القلب شمسانحيث الشواطئ بالأمواج صاخبة [c1] *** [/c] والريح تزار والاصلاد بركانوالكتاب لايستعرض شعر د. محمد عبده غانم في دراسة أدبية نقذية جافة بل هو اقرب مايكون الى نفحات قلب محب ونسائم عاطرة تأخذك في نداوتها مع الشعر والذكريات تجد في ثناياه نسائم من عطر عدن وصنعاء وشيئاً من زمان مضى حمل معه كثيراً من حب تغلغل في فؤاد الشاعر لمسقط رأسه عدن وللعاصمة الجميلة صنعاء.وهو، أي الكتاب وان كان عنوانه صورة مدينتين إلا انه لايحصر تناول أشعار غانم المتعلقة بهاتين المدينتين فقط بل يتناول كثيراً من مواقفه تجاه هذه القضية او تلك وان كان يشكل هامشي فالتركيز كان من نصيب المدينتين.ولعل ذكره لتلك المواقف إنما جاء لارتباطها بهذا القدر او ذاك بعدن وصنعاء، فمراثيه مثلاً للقمان، وباكثير إنما هي صورة من صور عيشه وذكرياته في عدن.وكما أشار د. شهاب غانم فان للشاعر، والده، عدد غير قليل من الشعر الأسري الذي يندر ان تجده عند هذا الشاعر او ذاك فلقد كتب غانم قصائد عدة في مناسبات مختلفة كميلاد احد أبنائه او نجاحه في نيل شهادة ما وغيرها من المناسبات.ولقد عاش غانم جل حياته حتى عام 1972م في عدن ماعدا سنوات دراسته في بيروت ولندن لذا فأنت تجد ان عدن قد تكررت كثيراً في أشعاره إذ هي مسقط راسة وهي مدرج ملعبه وهي أجمل سين عمره وذكرياتها فلا غرو إذن أن راح يترنم بعدن وحب عدن إما صنعاء فقد انتقل إليها بعد ذلك، وراح يترنم بها غير ان هذا لايعني عدم ذكره إياها قبل ذلك، اذ انه قد اشار اليها في اول ديوانه له « على الشاطئ المسحور» في قصيدته « قصة امواج» اذ راح يخاطب سيف بن ذي يزن اثر انتصاره على الاحباش قائلاً له:فاجلس على عرش الجدود فانه [c1] *** [/c] عرش القلوب الثابت الاركانوانزل بصنعاء الجميلة انها [c1] *** [/c] مرعى المها ومسارح الغزلانواطل من شرفات قصرك عندما [c1] *** [/c] تفد الوفود الى باغمدان.ولاعجب ان قرأت له اشعاراً وحدوية قبل إعلان الوحدة بسنوات طويلة ومن أين يأتي العجب وهو الذي قدم جده من الحجرية ليستقر في عدن ولتكون عدن مسقط رأس شاعرنا د. محمد عبده غانم ، إنها وحدة الأصل والفرع وحدة الجد والحفيد وحدة آمن بها شاعرنا فجلجل بالصوت قائلاً:مالحج ماصنعاء ماعدن وما [c1] *** [/c] عتق ودوعن في ظلال الواديإلا بلاد للتلاحم بينها [c1] *** [/c] عهد من الإبداء والأجدادكيف التمزق والأواصر جمة [c1] *** [/c] كيف التفرق والجميع بلاديولعله من غير اليسير ان نتتبع في عجالة كهذه كل ماجاد به د. شهاب غانم من فوائد جمة راح ينثرها فوق صفحات كتابه الذي جاء آية في العرفان، ون كان لي ان أتمنى عليه وإخوته شيئاً فاني أتمنى عليهم ان يحذوا حذو أخوالهم أبناء المجاهد التنويري المحامي محمد علي لقمان الذين قاموا بالتنسيق مع جامعة عدن ممثلة في شخص الدكتور احمد علي الهمداني بفعاليات وندوات أعادت إلى جيل اليوم ذكرى ذاك العلم الذي حاول الحكم الشمولي طمس عطاءاته الفكرية والثقافية والأدبية.وها آنذا أجد نفسي محاصراً بين شاعرين كبيرين اما الأول فهو د. محمد عبده غانم وإما الأخر فولده د. شهاب غانم ولا ادري هل امتدح الأول على جميل شعره ورقيق كلماته ام امتدح الثاني على حسن صنيعة وجمال أسلوبه في كتابة مقالاته.الحق إنهما يستحقان كل هذا وأكثر.ولن أضيف الى أمر مرجعية الكتاب شيئاً ففي ماقاله الصحافي الكبير فاروق لقمان في صحيفة 26 سبتمبر « مازاد وغطى» لاسيما وان الكتاب قد حوى عدداً غير قليل من الصور النادرة للشاعر الكبير محمد عبده غانم في مختلف مراحل عمره.
|
ثقافة
د.شهاب غانم في كتابه(صورة مدينتين)
أخبار متعلقة