قرارات وقف تصدير المواد الغذائية يشعل أزمة الغذاء
القاهرة/14اكتوبر/ عبد العال سليمان: تفاقمت أزمة الغذاء في الفترة الأخيرة إثر إعلان العشرات من الدول تقييد التصدير فخلال الشهور القليلة الماضية فرضت 29 دولة علي الأقل قيوداً مشددة على تصدير المواد الغذائية لتضمن أن يبقي لمواطنيها ما يكفي من الغذاء بأسعار معقولة ، وبالنسبة للأرز قامت كل من مصر والهند وفيتنام والصين و10 دول أخرى بالحد من التصدير أو منعه تماما وبالنسبة للقمح قامت خمس عشرة دولة منها باكستان وبوليفيا بنفس التحرك وقامت عشرات الدول بحظر تصدير الذرة وقيدت كازاخستان تصدير الحصول علي الغذاء الذي تحتاج إليه.ومع الكارثة التي حلت بقطاع الزراعة في استراليا بسبب الجفاف وعانت الأرجنتين من سلسلة من الإضرابات والمعوقات الأخري أصبح العالم يعتمد باطراد علي حفنة من الدول مثل تايلاند والبرازيل وكندا والولايات المتحدة التي مازالت تصدر كميات كبيرة من الأغذية وتحمي اليابان صناعة الأرز مما يجعل من المستحيل للأرز المستورد فيها منافستها. وقد حذر صندوق النقد الدولي من أن ارتفاع أسعار الأغذية والبترول مؤكداً أن هذه الارتفاعات تضعف بشدة اقتصاديات 75 دولة من الدول النامية بما فيها باكستان وأندونيسيا.وقال دومنيك شتراوس خان المدير التنفيذي للصندوق إنه إذا استمرت زيادة أسعار المواد الزراعية حتي لو ظلت أسعار البترول ثابتة فلن تستطيع بعض الحكومات إطعام شعوبها مع الحفاظ علي الاستقرار في اقتصادياتها ويقدر الصندوق اثر زيادة الأسعار السلبي علي موازين المدفوعات للدول الفقيرة المستوردة للمواد الغذائية في الفترة من يناير 2007 إلي أبريل 2008 بما يتجاوز 1.37 مليار دولار اي 7.2% من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول وقال إن الزيادة الكبيرة في الأسعار مؤخراً يمثل خطراً علي استقرار الاقتصاد الكلي لعدد من الدول المتوسطة والمنخفضة الموارد.من جانبه أشار إدريس عباس رئيس شعبة الحاصلات الزراعية بالغرف التجارية بالقاهرة إلي أن مصر تعاني اضطراباً في سوق الأرز والذي يعتبر صمام أمن استراتيجية الغذاء، وازدادت هذه الأزمة بعد أزمة الخبز الأخيرة، واتجاه المواطنين لتعويض النقص في الخبز عن طريق الأرز·· مما أدي إلي زيادة أسعار الأرز نتيجة زيادة الطلب عليه بشكل أكبر عن السنوات السابقة إلي أن بلغ سعره 5.4 جنيه، ولم يؤثر قرار وقف تصدير الأرز الأخير والذي اتخذه وزير الصناعة والتجارة المصري رشير محمد رشيد علي زيادة أسعار الأرز، ويتوقع أن يرتفع سعر الأرز إلي 10 جنيهات للكيلو بنهاية عام 2008 وارجع ذلك إلي زيادة عمليات الاحتكار في سوق الأرز من جانب التجار، وخوف المواطنين من زيادة أسعار الأرز فبدأوا في عمليات تخزين للاستهلاك علي مدار السنة. وحول عمليات تصدير الأرز أشار عباس إلي أن أسعار الأرز المصري تعتبر أقل في الأسواق الخارجية بالإضافة إلي جودته ونوعيته والتي يفضلها المستهلك الأوروبي، كما أن قرار وزير الصناعة والتجارة بعدم تصدير الأرز لا يلتزم به المصدرون بالشكل الكامل نظراً إلي استغلالهم المناطق الحرة للتصدير من خلالها يتحايلون علي قرار وزير الصناعة والتجارة، وذلك مازاد من زيادة أسعاره بالإضافة إلي زيادة جميع أنواع البقوليات الأخري.[c1]تداول السلعة[/c]ومن جانبه يري مصطفي النجار رئيس شعبة المصدرين باتحاد الغرف التجارية أنه لابد من اتباع عدة إجراءات للعودة إلي المستوي الطبيعي للأسعار منها فرض نظام يسمح باستمرار التسويق وتداول السلعة ويمنع تخزينها لفترة طويلة أيضاً، وإلزام المزارعين بالإبلاغ عن مالديه من محصول الأرز، ليتم إنشاء قاعدة بيانات تمت الاستفادة منها أوقات الأزمات، مشيراً إلي أن مصر تصدر حوالي 3 ملايين طن من الأرز الأبيض (الكسر) سنوياً ويستفيد منها المصدرون الكبار فقط أما المزارع فاستفادته ضئيلة لأنه يورد الأرز للتجار والأخير يستخدمه كما يشاء سواء للسوق المحلية أو للتصدير فإذا عملية التصدير يستفيد منها المصدر فقط ، ولكن نظرا إلي أن المصدرين أبرموا عقوداً بأسعار متدنية ولم يتوقعوا زيادة الأسعار العالمية وبعد قرار وقف التصدير كان من المفروض انخفاض الأسعار نتيجة إلي وجود فائض في السوق وهو ما أدي إلي توقف عدد كبير من “المضارب” الخاصة بالأرز الأبيض، ولكن يوجد لعبة ما داخل السوق الداخلية أدت إلي زيادة الأسعار بدلاً من خفض السعر فالأرز متواجد وبوفرة في السوق ولكن مع ذلك السعر في زيادة مستمرة. ويضيف : إنه كان يوجد اصوات تنادي بوقف تصدير الأرز من أجل إيجاد حجة لإلغاء عقود التصدير المبرمة مع المستورد نظراً إلي انخفاض السعر التصديري مقارنة بالسعر المحلي، ويمكن الغاء العقود المبرمة لأنها تتضمن شرطاً يجيز ذلك إذا اتخذت الدول المصدرة قراراً بوقف التصدير بسبب ظروف قهرية وخارجة عن إرادة المصدرين· ويوضح أن وقف التصدير مساوئه أكثر من مزاياه لأنه أدي إلي إحداث عدم ثقة في المصدر المصري، خاصة للدول الأكثر استهلاكاً للأرز مثل الهند وفيتنام والصين وهي تسعي حالياً إلي التصدير، وهذا سوف يكلف قطاع مضارب الأرز في مصر خسائر فادحة، لأنها تعمل علي شقين الشق الأول فيما يتعلق بالسوق الخارجية والشق الثاني بالسوق المحلية وطاقتها الإنتاجية تعمل علي هذين الشقين، إغلاق التصدير يفقدها أحدهما، كما أن معظم المضارب لديها نفقات تتحملها مثل القروض وديون بنكية أخري.[c1]أيادٍ خفية[/c]ويشير أحمد الويلي باتحاد الغرف التجارية بالقاهرة إلي أن شعبة المصدرين قدمت مذكرة لوزير التجارة والصناعة تؤكد فيها ان هناك أيادٍ خفية تعبث بآليات سوق الأرز والدليل مازالت الأسعار مرتفعة، مشيراً إلي أن المذكرة تطالب الوزير بضرورة إعادة تصدير الأرز للخارج وأن يقف زيادة رسم الصادر عن طن الأرز. ويضيف أنه كان من المفترض وطبقاً للخطة الزراعية المتفق عليها أن تتم زراعة مليون ،100 ألف فدان من الأرز علي قدر الحصة التي حددتها الحكومة من زراعة الأرز، إلا ان زيادة أسعار الأرز خاصة الشعير أدي إلي إقدام المزارعين علي زراعة الأرز لما يحققه من ارباح، إلي ان وصلت المساحة المزروعة إلي 2 مليون و41 ألف فدان، وان أزمة زيادة أسعار الأرز الأخيرة لم يكن سببها عدم الاكتفاء من المحصول، وإنما ترجع الأزمة إلي فئات من التجار والتي تقوم بشراء وتخزين كميات كبيرة من الأرز في انتظار زيادة الأسعار· ويوضح أن المزارعين أنفسهم قاموا بتخزين المحصول إلي أن يزداد سعره·· فالجشع هو سيد الموقف بالنسبة لمحصول الأرز· وعلي الرغم من أن المياه المخصصة لزراعة الأرز توفرها الدولة مجاناً ولا تفرض عليها ضريبة، إلا أن الجشع في الحصول علي المزيد من الارباح هو الذي أدي إلي تشويه سوق الأرز واتخاذ الدولة لقرار عدم التصدير. ومن جانب آخر يري الباشا إدريس عضو شعبة البقالة باتحاد الغرف التجارية أن أسعار الأرز مستقرة داخل السوق المحلي، وأسهم في ذلك قرار وزير الصناعة والتجارة بعدم تصدير الأرز وفرض رسم صادر. ويري أن زيادة أسعار الأرز خلال الفترة الأخيرة يرجع إلي زيادة الأسعار العالمية، ودافع عن التجار قائلاً: إنه لايوجد أي تاجر جملة أو تجزئة يقوم بتخزين الأرز إلي أن ترتفع الأسعار، فالتخزين في الوقت الحالي ضد مصلحة التجار، لأن الأسعار تتغير يوماً بعد آخر، وأصبح من الصعب التنبؤ بالسعر المرتقب لذلك فالتجار يفضلون طرح كل الكميات التي يحصلون عليها في الأسواق من أجل استهلاكها