مبارك سالمين.. صوت من جيل شعري جميل
الطيب فضل عقلان أول لقاء جمعني بالأخ الشاعر مبارك سالمين في ليلة رمضانية ببرنامج خاص أعده الراحل شكيب عوض في إذاعة عدن كضيف، وكم أسعدتني تلك اللحظات وكما يقولون في علم الصحافة السؤال الجيد له إجابة جيدة، وكان للأمانة محاوراً لبقاً بشاعرية رقيقة تعرفت عليه أكثر بل وشكلنا جسراً للصداقة بعد أن عرفت أن الإعلامي المخضرم والمثقف ناصر بحاح ابن أخت شاعرنا مبارك سالمين، وها هي الأيام تمر والمحبة تتضاعف، فمن لا يحب مبارك سالمين يرجم نفسه بحجر. قبل الخوض في هذه القراءة الودية اهديه ما قاله الشاعر العربي نزار قباني في قصيدة عمودية رائعة: [c1]ضوء عينيك أم هما نجمتانكلهم لا يرى وأنت تراني لست ادري من أين ابدأ بوحي شجر الدمع شاخ في أجفاني [/c]مبارك سالمين ( الإنسان المبارك) حضرمي من مواليد الشيخ عثمان ( وليد عدني ) بدا بالمسرح ممثلاً وهو طالب وسيتحدث عن هذا الجانب من زامله من الأصدقاء في هذه الليلة الاحتفائية التي يقيمها منتدى الباهيصمي تكريماً لنيله شهادة الدكتوراه في الأدب ( ألف مبارك) والتي طالت المدة كثيراً لانجاز وقبول بحثه العلمي الرائع وعلى فكرة إننا لا نعاني من الركود الفكري العام المخيم على حياتنا بقدر ما نعاني من بعض النتائج السلبية لحركتنا الفكرية المحددة والمعاصرة فالكلمة المكتوبة والمسموعة لا تتجه إلى البحر أو الفضاء بل تتجه إلى الناس وتستقر في أعماقهم لان الكلمة يجب أن تكون على مستوى المسؤولية للكاتب والباحث ورسالة الدكتوراه لحبيبنا مبارك سالمين كانت بهذا المعنى وبهدف سام نبيل فهي ليست أطروحة لنيل الدكتوراه أو بحث علمي ( يضع على الرف) أنها دراسة وبحث علمي ستظل الأجيال تنهل منه على مر السنوات القادمة .. وقد تحمل هذه المسؤولية كونه واحداً من فرسان جامعة عدن والتأخير جعلنا نتذكر قول الفيلسوف والناقد المجري ( جورج لوكاتش) . [c1]انه الحزن يا سادتي يحتوي ضحكتي يعتري دهشتي ... يحتويني أنا هل يرى سادتي ... علي انه الحزن في رحلة الماء في خضرة العشب في رقصة النخل في صحوة النسل.. في هدأة الوصل في ضجة السهل يجتاحني “[/c] الدكتور مبارك سالمين ... رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ملامحه قصيدة مشحونة بحب الوطن يتمرغ بتراب الشيخ عثمان ويتوضأ ببحر حقات ويقف شامخاً على قلعة صيرة بنكهة الحضرمي الأصيل .. وهو صوت شعري أبى أن يحني رأسه مهما تراكم من حوله غبار السطحية وهو من جيل شعري جميل افتخرت بهم عدد من الدول العربية وبلادنا رغم كل العثرات إلتي عاشتها ولا زالت وستظل ثرية بأدبها المعاصر والموروث الرائع المتمثل بالجودة والأصالة والمعاناة الصادقة والإحساس المرهف ولا زالت بلادنا ولادة بأجيال من المبدعين بجودة العطاء ولربما أن الخلل الذي اهتزت له وجدانات الشعراء قد كان بين حالة الموت المادي والمعنوي التي تخيم على المجتمع بين الوعي الوليد من تحديات العصر ... وبذكر المعاصرة نورد هذا الجزء من قصيدة لشاعرنا الكبير عبدالرحمن فخري. [c1]سيوف الحب تلتمع بحد النار ومنها تخرج الأقدار وامضي بين شوك الغار في الدرب احلم يا مليح الدار [/c]بلادنا تعيش حالة ركود فكري وتهميش متعمد للإبداع ففرع الاتحاد الذي يدير دفته باقتدار دكتورنا المبارك ومعه مجموعة من أقمار الإبداع الدكتور الشاعر محمد الجنيد والقاص الأديب ميفع عبدالرحمن يعيش الاتحاد حالة من الضنك والاستهتار ففي ( إثنينية) الاتحاد حيث يلتم شمل النخبة الشاعر محمد ناصر شراء والإعلامي الكبير عبدالرحمن خباره وغيرهم من الأحبة نقضي السويعات في نقاش أدبي وحوار ثقافي بعيداً عن لغة الشكاء والبكاء لان الإبداع عطاء ( وهناك ) كلهم يتسولون باسم الأدب للأسف الشديد وأخاف أن يصل بنا الإحباط ونضطر إلى البكاء وكما يقولون الشيء بالشيء يذكر فقد زار الأديب والروائي العالمي الايطالي ( البرتومورافيا) مصر وقال انه لا يعرف اديباً واحداً من مصر بعد نصف قرن من السيادة العربية لمصر ثقافياً على الوطن العربي فماذا سنعمل نحن في اليمن إذن ... هناك أدباء صهاينة لهم أعمال متواضعة واقل من متواضعة تترجم إلى أربعين لغة ونحن غير قادرين على طباعة كتاب لأديب عنده أكثر من مخطوط جاهز. ولا يفوتني بهذه العجالة أن أتذكر فقيد هذا التجمع الخالد في قلوبنا الشاعر والناقد عبدالرحمن إبراهيم الذي هاتفني من الفردوس الأعلى وأصر على إهداء الدكتور مبارك سالمين مقطعاً من قصيدته ( ما تيسر من سورة الحزن الوديع).[c1]كنت الشجر الأخضر كنت البحر مري عبري فأنا الفاتح والذابح والمغفور له والسيف هو السلطان ومليك الجان وتعالي نتعاطى رائحة البيرة بالمجان. [/c]ختاماً ... سيسألني البعض لماذا لم أورد من نتاج دكتورنا الشعري والجواب لقد أردت أن اسمعه يغرد بها ليكتمل التمازج الحسي والمتعة .. اعذرني دكتور مبارك سالمين على تقصيري في إعطائك حقك فأنت أكثر واكبر وعزيز على القلب.