مدير برنامج مكافحة البلهارسيا لصحيفة ( 14 اكتوبر ):
لقاء / وهيبة العريقي :البلهارسيا مرض طفيلي تردد صدى ذكره في الأرياف بشكل خاص، بينما لا يعرف الكثيرون عنه سوى الاسم فقط. هذا المرض الطفيلي بنوعيه البولي والمعوي مصدر عدواه الوحيد هو المياه الراكدة والبطيئة الجريان غير الآسنة ، مثل (البرك – الغيول – قنوات الري – السدود والحواجز المائية).في اللقاء مع الدكتور/ عبدالله عشيش – مدير برنامج مكافحة البلهارسيا بوزارة الصحة العامة والسكان دار نقاش عن هذا المرض وما يلزم للوقاية منه وعلاجه، وكذا حول الحملة الوطنية للتخلص من البلهارسيا بمرحلتها الأولى التي تتخذ مدارس المديريات المستهدفة في محافظات (تعز – حجة – الضالع – ذمار – أبين – المحويت ) مقراً لها لإعطاء العلاج المضاد للبلهارسيا لطلاب وطالبات المدارس..ولنترككم مع هذا اللقاء وتفاصيله. [c1]حقائق وإحصاءات[/c] * ما حجم مشكلة مرض البلهارسيا عالمياً ومحلياً ؟ يقدر عدد المصابين بالبلهارسيا والديدان المنقولة بواسطة التربة في العالم بحوالي ملياري شخص، أي ثلث سكان العالم تقريباً ، ويشكل فيهم الأطفال والنشء في سن المدرسة في الفئة العمرية من ( 6 – 18 عاماً) نسبة تزيد على (50%) ، وتشكل الإصابة بينهم بالبلهارسيا وحدها نسبة (80%) وفقاً لتقرير منسوب لمنظمة الصحة العالمية. وإلى حد ما تختلف البيئة المفضلة لانتشار الديدان المنقولة بواسطة التربة عن البلهارسيا إذ تنتشر على نطاق أوسع في المناطق ذات التربة الرطبة. أما البلهارسيا فتحتاج إلى مياه عذبة وتربة رطبة ، فحيثما تنتشر تلك الديدان تنتشر البلهارسيا ، عدا عن أنها تنتشر في مناطق أخرى لا وجود فيها للبلهارسيا. وكمعظم أنواع الطفيليات المعوية الأخرى المنتشرة في معظم المناطق اليمنية ، يكثر انتشار مرض البلهارسيا بنوعيه البولي والمعوي ، وذلك في المناطق الريفية الزراعية حيث الغيول والبرك والسدود والمصارف المائية وما يواكبه من انعدام نظام للصرف الصحي وتدني مستوى الوعي الصحي لدى المواطنين. يستوطن مرض البلهارسيا معظم مناطق البلاد باستثناء بعض المناطق الواقعة على ساحل البحر الأحمر غرباً ، وعلى بحر العرب جنوباً ، والمناطق الشمالية الشرقية (صحراء الربع الخالي). ووفقاً للتقديرات يقدر عدد المصابين بالبلهارسيا محلياً بنحو (ثلاثة ملايين) شخص، نسبة عالية منهم ممن تتراوح أعمارهم بين (6 – 18 عاماً ) ،وتصل نسبة انتشار البلهارسيا البولية – وفقاً للتقديرات – في بعض المناطق إلى أكثر من (80% ) كبعض مناطق محافظات (عمران – حجة – ذمار – صنعاء – ريمة ) ، بينما يصل انتشار البلهارسيا المعوية في بعض المناطق إلى نسبة تزيد على (70%) ، وهذا ينطبق على بعض مناطق محافظات (تعز – إب – ذمار) . ومن العوامل المساعدة على توطن البلهارسيا في اليمن : وجود العادات غير الصحية في أغلب الأرياف (كالاستحمام – الوضوء – السباحة – غسل الأواني في برك الأمطار والحواجز المائية المكشوفة والغيول الجارية). شحة وجود مصادر المياه النقية الصالحة للشرب في الكثير من المناطق الريفية. إقدام البعض على اقتراف سلوكيات سيئة ، أنكرها الدين وشدد على عدم اقترافها ، كالتبول والتبرز في مصادر المياه أو بالقرب منها. عدم اهتمام المواطن بالفحص الدوري. الحاجة الضرورية والملحة لمياه البرك والسدود والغيول الجارية في الزراعة.غياب نظام الصرف الصحي. [c1]خصوصية الأعراض [/c]* بم تتسم أعراض وعلامات الإصابة بالبلهارسيا ؟ باختراق مذنبات الطور المعدي للبلهارسيا (السركاريا) لجلد الإنسان وخصوصاً الإجزاء الرخوة منه في القدم بين الأصابع ، يشعر متلقى العدوى بحكة شديدة التهابات وحساسية في الجلد مع ظهور بثور في الأطراف تزول بعد فترة وجيزة. بعد ذلك لدى استقرار ديدان البلهارسيا البالغة في الشعيرات الدموية للمستقيم أو المثانة البولية ووضعها للبيوض ، يشعر المريض بالام مختلفة في البطن والمفاصل والعضلات وحرقة عند التبول، يصاحبها خروج دم مع نهاية البول .. هذا بالنسبة للبلهارسيا البولية ، وبالمقابل تتحدد أعراض البلهارسيا المعوية في الاضطرابات أثناء التبرز (الإسهال) وخروج دم أو مخاط مع البراز. إضافة إلى الضعف العام للجسم والهزال وضعف الشهية وأحياناً فقر دم في نوعي المرض، وبدوري أنصح حاملي هذه الأعراض بسرعة مراجعة الطبيب لتشخيص المرض بعد أن يطلب إليهم إجراء تحاليل طبية في المختبر ، ثم يقوم ذلك بتقرير العلاج الملائم. [c1]سلوكيات سلبية [/c]* أين يكمن الخلل – من وجهة نظرك – في اتساع دائرة الإصابة بالبلهارسيا ؟ إن قيام بعض المرضى للأسف بالتبول أو التبرز أو الاستنجاء في المياه الراكدة والبطيئة الجريان أو بجوارها (البرك – السدود– الغيول – الآبار السطحية المفتوحة) يشكل السبب الوحيد الممكن للعدوى وانتقال المرض بين الناس عندما يستخدمون هذه المياه غير المأمونة بأي شكل من الأشكال، (كالسباحة – الاغتسال – الخوض في هذه المياه بالقدمين – الوضوء) وغيرها من الاستخدامات الأخرى المباشرة للمياه. ومما يزيد الطين بلة شيوع ظواهر وعادات غير صحية تسمح لبيوض ديدان البلهارسيا وغيرها من الأمراض بالانتقال عبر الفم نتيجة عدم غسل اليدين جيداً بالماء والصابون قبل الأكل وبعد قضاء الحاجة ، وإطالة الأظفار وعدم تقليمها. ومن العادات والسلوكيات السائدة والشائعة في الأرياف والتي أحب التركيز عليها لكونها تسمح للطور المعدي للبلهارسيا باختراق الجلد.. الخوض في المياه والتنقل فيها دون ارتداء الأحذية البلاستيكية الواقية للقدمين والساقين .. فهذا ما نلاحظه كثيراً من قبل المزارعين والعاملين في الحقول دونما إدراك منهم لخطورة المشكلة التي يقعون فيها. ويعتبر التبول والتبرز في المياه، في أي مكان ماعدا المراحيض سلوكاً مقيتاً يسمح لبيوض ويرقات البلهارسيا بتلويث البيئة. ومن السلوكيات المؤدية إلى استمرار وانتقال العدوى ، الفشل في الامتثال للمعالجة ، وكذا في تحسين النظافة الشخصية، وأخيراً المخلفات الآدمية الملوثة للمياه من بول وبراز وعدم الاعتماد على المراحيض وسوء تصريف المجاري بالطرق الصحية السليمة. فهذه المشاكل ساهمت وتسهم في انتشار البلهارسيا ولابد للناس أن يعوا أهمية العدول عنها من اجل صحتهم وصحة من حولهم ليتسنى القضاء على داء البلهارسيا في البلاد ، فلن تكفي المعالجة وحدها مالم تغير هذه السلوكيات غير الصحية. [c1]المستهدفون بالمعالجة [/c]* لماذا تستهدفون الفئة العمرية من (6 – 18 عاماً) في الحملة بينما يوجد الكثير من الشباب والكبار ممن يعانون أيضاً من مشكلة الإصابة بالبلهارسيا؟ هناك اعتبارات معينة يعزي إليها السبب ي اختيار الفئة العمرية من ( 6 – 18 عاماً ) فهي أكثر الفئات العمرية عرضه للإصابة بالبلهارسيا ، ونظراً لسهوله الوصول إليهم أثناء فترة الدراسة كما أن هذه الفئة – عادة – ما تعاني من نقص في التغذية ، كونها تمر بمرحلتي نمو جسدي وذهني كبيرتين. وعزز أهمية هذه الحملة تجارب العديد من دول العالم التي حققت نجاحاً في مسار مكافحة المرض من خلال برنامج مكافحة البلهارسيا حيث اتضح أن هذه الفئة العمرية أكثر امتثالاً للمعالجة من الكبار علاوة على كثرة الإصابة بالبلهارسيا والديدان ، فهي عادة مرتفعة وعالية بين من هم في سن المدرسة ( 6 – 18 عاماً ) أكثر من أي فئة عمرية أخرى. كما أن الآثار التي تخلفها الإصابة بالبلهارسيا والديدان المنقولة بواسطة التربة وخيمة وكبيرة على المستوى الصحي والتعليمي ، فالأثر الصحي الذي تحدثه الإصابة على أجساد من هم في سن المدرسة خطورته أكثر وضوحاً ( إسهال وتقيؤ – غثيان مستمر – نزول دم مع البول أو البراز)، وهذا بدوره يؤدي إلى فقر الدم وتأخر في النمو ، خاصة وأن هذه الفئة تمر بمرحلتي نمو جسدي وذهني كبيرتين جداً ، وأن من شأنها التسبب بأضرار ومضاعفات لا يمكن معالجتها لاحقاً ، مثل سرطان الكبد والفشل الكلوي. ويزيد الطين بلة تأثير الإصابة على مستوى التحصيل العلمي والاستيعاب وضعف التركيز في الصف، وانعكاس ذلك في ارتفاع التغيب عن الدراسة وزيادة معدل الرسوب، وارتفاع معدل التسرب ، وترك الدراسة. عدا عن التأثيرات الاقتصادية على الدولة لما يمثله علاج الحالات المرضية المزمنة من عبء كبير على الدول يستنفذ الكثير من الموارد المالية . أضف إلى ذلك التأثيرات الاجتماعية المثقلة كاهل الأسرة والمجتمع . فوفاة عائل الأسرة بسبب مضاعفات البلهارسيا لإهمال علاج المرض، لها بالغ الأثر على الوضع الاجتماعي والمعيشي للأسرة. وبما أن نسبة عالية من الأطفال والنشء في سن الدراسة في بعض المناطق لا يذهبون إلى المدارس ، فإن اقتصار برامج المكافحة فقط على تقديم علاج البلهارسيا في المدارس يفوت الفرصة على هؤلاء مع أنهم في عداد الفئة الأكثر حاجة للمعالجة. غير أن هناك طريقة واحدة للوصول إلى هذه المجموعة ، وذلك بأن يطلب من الأطفال المسجلين (الطلاب) أخبار إخوانهم وأخواتهم وأقربائهم وأصدقائهم المستهدفين غير الملتحقين بالمدارس عن يوم المعالجة في المدرسة وطلب حضورهم لتلقى العلاج مجاناً في المدرسة. [c1]الآثار الوخيمة[/c] * كونكم تستهدفون الفئة العمرية من (6 – 18 عاماً) بالمعالجة ، فما أوجه الخطورة في إصابة هذه الفئة بالبلهارسيا ؟ للإصابة بالبلهارسيا لدى الفئة العمرية من ( 6 – 18 عاماً ) تداعيات خطيرة صحياً وعقلياً وبدنياً ، فمن الآثار الناتجة عن الإصابة على هذه الفئة تأثيرها على الحالة الغذائية وعلى العمليات الإدراكية للطفل ، كذلك تسببها بمضاعفات قد تحتاج إلى تدخل جراحي ، وإحداثها أضراراً خطيرة في الأنسجة ، وبوجه خاص تسببها بأورام سرطانية. وبسببها أيضاً تزيد القابلية للإصابة بأمراض معدية أخرى ، لما تؤدي إليه من قصور في مناعة ومقاومة الجسم. [c1]حملة ضد البلهارسيا [/c]* كيف سيأتي تنفيذ الحملة الوطنية للتخلص من البلهارسيا التي تعتزمون إقامتها ؟ ومتى موعدها؟ يأتي تنفيذ حملة للتخلص من البلهارسيا في المدارس على أربع مراحل للتنفيذ في (106) مديريات تابعة لأربع عشرة محافظة، مستهدفة جميع من تتراوح أعمارهم بين (6 – 18 عاماً ) من طلب وطالبات المدارس ومن غير الملتحقين بالمدارس السواء. حيث أن المرحلة الأولى للحملة التي نحن بصددها ، يأتي تنفيذها لمدة أربعة أيام ، خلال الفترة من (10 – 13 مارس 2008م) في جميع مدارس المديريات ذات الخطورة التابعة لمحافظات (تعز – حجة – الضالع – ذمار – المحويت – أبين) كما هو موضح في الجدول الخاص بالمديريات والمحافظات المستهدفة في هذه المرحلة من الحملة.آملين خلاص البلاد من البلهارسيا لتحذو من سبقتها إلى هذا الإنجاز من دول العالم ، وليمد كل منا العون .. كل في موقعهلنعمل على إنجاح هذه الحملة وبلوغ سائر المستهدفين وأخذهم جرعة علاج البلهارسيا. ونوه إلى مجانية العلاج في الحملة للطلاب وغير الطلاب ممن تتراوح أعمارهم بين ( 6 – 18 عاماً) ، وأن إعطائهم الجرعة المضادة للبلهارسيا يعتمد على قياس طول الجسم. وبدوري أدعو جميع طلاب وطالبات المدارس إلى ضرورة تلقيهم لجرعة العلاج في المدرسة في يوم المعالجة ، وأدعو كذلك كل من له صلة بقريب أو صديق لا يدرس وينتمي إلى الفئة العمرية المستهدفة ، من ( 6 – 18 عاماً ) إلى ضرورة اخباره بأهمية الحضور إلى المدرسة لتلقى العلاج أيضاً ، على أن يتناول الجميع طعامهم قبل مجيئهم إلى المدرسة لأخذ العلاج.