العالم يتجه إلى محطات تحلية المياه
لندن/ وكالات :لمدة نصف قرن من الزمان كانت مسألة تحضير مياه الشرب وتكريرها من مياه البحر المالحة، وقفا على القليل من البلدان الصحراوية والساحلية التي تملك المال اللازم لكنها لاتملك المياه النقية الكافية. لكن مثل هذا الامر شرع في التغير في الشهور الاخيرة وبشكل سريع جدا عندما أعلنت مدينتان بطقسهما المعتدل جدا وهما لندن ومدينة تيانجن الصينية عن خطط لتشييد مرافق كبيرة لتحلية المياه في ما يعرف بعملية «الزملحة».ليس هذا فحسب بل يبدو أن «الزملحة» هذه شرعت في اكتساب المزيد من الشعبية في عشرات من الاقطار الباردة الاخرى التي أخذت أنهارها تتقلص وتنكمش وبحيراتها تجف. أي ان المياه باتت السبب المباشر لاشعال الحروب بدلا من الاسباب الاخرى السياسية أوالاقتصادية أو التجارية أو الجغرافية. إن تقطير مياه البحر لاغراض الشرب هو نشاط قديم مضت عليه حتى الان فترة طويلة، لكن تحلية مياه البحر على نطاق واسع عن طريق تسخينها وجمع بخارها بدأت في أول المطاف في بلدان الخليج العربية في الخمسينات حيث كانت الطاقة الكهربائية الضرورية متوفرة على نطاق واسع. أما البديل الآخر لهذه التقنية فكانت عن طريق النضح العكسي التي جرى تطويرها في السبعينات، والتي ترغم مياه البحر تحت عامل الضغط الشديد على المرور أو النفاذ عبر غشاء يقوم بترشيحها وفصل الملح عنها. والمعلوم أن طاقة الزملحة في يومنا هذا على نطاق العالم كله يبلغ نحو 30 مليون متر مكعب يوميا، اي ما يقارب 3 في المائة من مياه الشرب المتوفرة عالميا والتي توزع عبر الحنفيات على المنازل. إن ثلثي المياه المزملحة تأتي من تكرير مياه البحر في حين تأتي البقية الباقية من تنقية المياه الجوفية الشبه مالحة.[c1]عمليات تحلية مياه البحر مازالت في منطقة الخليج[/c]في أي حال فإن معظم عمليات تحلية مياه البحر حتى إشعار آخر ما زالت في منطقة الخليج، حيث أن 80 في المائة منها ما زالت تستخدم اسلوب التبخير استنادا الى القائمين على هذه الصناعة.ويعلق كلاوس وانغنيك من مدينة غنارينبيرغ الخبير في هذه الصناعة، ان المملكة العربية السعودية لوحدها تشكل عشر الانتاج العالمي من المياه المزملحة. أما بالنسبة الى الاقطار الاوروبية الواقعة على سواحل البحر الابيض المتوسط فإن تحلية المياه بواسطة النضح العكسي تلعب دورا حاسما. فمالطا مثلا تحصل على ثلثي مياهها للشرب من هذه الطريقة. إن كلا التقنيتين تتطلبان كميات كبيرة من الطاقة لتبخير المياه المالحة أو إرغامها على النفاذ عبر الغشاء الذي يقوم بعملية الترشيح. وحتى وقت قريب كان إنتاج متر مكعب من المياه العذبة يكلف عدة دولارات. بيد أن كلفة عمليات النضح العكسي انخفضت بشكل كبير خلال السنوات الخمس الاخيرة بعدما تمكن العلماء من تطوير أغشية صناعية متينة لاغراض الترشيح التي حلت محل الاغشية الضعيفة الرقيقة المصنوعة من النايلون والسليلوز. لقد تمكنت الاغشية الجديدة من إزالة 75 في المائة من الملح في عملية مرور واحدة، وبالتالي تمكنت من الخدمة فترة أطول قبل أن تبلى وتتمزق. وقد يتطلب الامر أحيانا ترشيح المياه ذاتها مرات عديدة قبل ان تصبح نقية تماما من الملح والشوائب. وفي تامبا باي في ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة الاميركية يجري تطبيق عمليات النضح العكسي على المياه الجوفية المستخرجة من باطن الارض خلال فصول وسنوات الجفاف. وتقوم مدينة سانتا كروز في ولاية كاليفورنيا بتشييد محطة مماثلة. كذلك يجري مناقشة خطط في هيوستن في ولاية تكساس وفي كيب تاون في جنوب أفريقيا وفي بيرث في استراليا للحذو على الاسلوب ذاته. كما أن الحكومة الجديدة في إسبانيا تخلت عن خطط الحكومة السابقة لضخ المياه من نهر إيبرو في الشمال لارواء الجنوب القاحل، إذ قررت بدلا عن ذلك تشييد 20 محطة في الجنوب الشرقي من البلاد التي من المتوقع أن تلبي نسبة واحد في المائة من احتياجات البلاد من المياه في الوقت الراهن.والمعلوم أن أرخص مشروع لتحلية مياه البحر حاليا موجود في إسرائيل، حيث تقوم محطات النضح العكسي بتحلية المياه بكلفة 50 سنتا للمتر المكعب مقارنة بثلاثين سنتا كلفة ضخ المياه العذبة من بحيرة طبريا الى تل أبيب. والملاحظ أن نحو 10 في المائة من المياه الاسرائيلية محلاة. ومثل هذه الاسعار والكلفة المتهاودة شرعت تشجع المدن الاخرى في المناطق المعتدلة على استخدام اسلوب النضح العكسي، منها مدينة تيانجن الصينية التي يأتي ترتيبها الثالث في البلاد على صعيد عدد السكان التي لها مشروعها الخاص بإنتاج 100 الف متر مكعب من المياه المحلاة يوميا، خاصة أن نقص المياه في تلك المناطق من الصين يصل الى مائة مليون متر مكعب في اليوم على ذمة أوليفيا لوم من شركة «هايفلوكس» السنغافورية التي ستنفذ المشروع.[c1]200 مليون جنيه استرليني لتلبية الاحتياجات الداخلية لمليون من السكان[/c]هذا وأعلنت شركة مياه التيمس التي تزود لندن وبعض المناطق البريطانية بالمياه انها ستشيد محطة بطاقة 150 الف متر مكعب يوميا بكلفة 200 مليون جنيه استرليني لتلبية الاحتياجات الداخلية لمليون من السكان. وستعمل المحطة المذكورة بالنضح العكسي لتكرير مياه مأخوذة من دلتا نهر التيمس التي هي بربع ملوحة مياه البحر، والتي ستستخدم في الحالات الطارئة فقط، أي في حالات الجفاف وليس كمصدر دائم.لكن الخبراء يحذرون أيضا من التوجه بحماس الى تحلية مياه البحر لأن له وقعه ايضا على البيئة لكون كميات الملح الكبيرة والمركزة التي تحتوي أيضا على مواد كيماوية أخرى التي تفرزها عمليات التكرير يعاد طرحها في البحر، وهذا له تأثيره الكبير على ملوحة الاخـير والحياة المائية فيه. والمعلوم أن مثل هذه المحطات تستهلك 6 كيلوات من الطاقة الكهربائية في الساعة لتنقية متر مكعب واحد من المياه. وهذا ما دفع البعض، ومنها الصين والهند الى التفكير بتسخير الطاقة النووية لاغراض التحلية.وفي يومنا هذا يأتي واحد في المائة من مصادر المياه الصالحة للاستخدام العام من محطات التحلية، لكن الحكومات المختلفة تفكر في زيادة هذه الطاقة، بل وطاقة المعامل أيضا عن طريق النــــظر في تقنيات أخرى أكثر استجابة خاصة مع مشكلات طرح نفايات الملح التي تفرزها مثل هذه العمليات ومشكلة تأمين الطاقة الكهربائية الكبيرة التي تتطلبها أيضا، مما يعني المساهمة أكثر فأكثر في ظاهرة التسخين الحراري التي يشكو منها عالمنا اليوم، والتــــي قـــــد تسبب ضغوطا أيضا في حال تفاقمها على ما تبقى من المصادر الطبيعية للمياه العذبة على هذه الارض.أتمنى أن تعجبكم و تفيدكم معلوماتي أترككم مع صور لابداعات الله في الماءحيث حذر تقرير صادر عن صندوق البيئة الدولي (WWF)، نشرته صحيفة الشرق الأوسط في 23 يونيو/حزيران 2008م، من “حلقة مفرغة” في دورة حياة الماء، تنجم عن التقنيات التقليدية المستخدمة لتحلية مياه ... حذر تقرير حديث صادر عن صندوق البيئة الدولي (WWF)، نشرته صحيفة الشرق الأوسط في 23 يونيو/حزيران 2008م، من “حلقة مفرغة” في دورة حياة الماء، تنجم عن التقنيات التقليدية المستخدمة لتحلية مياه البحار، التي تنتشر في أكثر من 10 آلاف منشأة على المستوى العالمي, وتنعكس سلبيا على البيئة وعلى نسبة الماء العذب على كوكب الأرض, حيث إن أعمال تحلية مياه البحر، وما يقابلها من ذوبان لجبال الجليد، ستترك آثارها على نسبة ملوحة البحر، وسيكون لها ضرر كبير على البيئة البحرية وأحيائها. يشار إلى أن مصادر المياه العذبة، بما في ذلك الجليد والمياه الجوفية، لا تشكل سوى 2.6ـ3% من مجموع المياه على الكوكب الأزرق. وذكر التقرير أن أكثر من 10 آلاف منشأة في العالم لتحلية مياه البحر، يقع حوالي نصفها في منطقة الخليج العربي. وتعتمد دول الخليج الغنية بالنفط، والفقيرة بالمياه، على هذه المنشآت في توفير 60% من احتياجاتها من الماء العذب. وعدا عن انتشار هذه المنشآت في اسبانيا واستراليا، فقد توقع الخبراء أن تنتشر محطات تحلية مياه البحر بقوة في الهند والصين والولايات المتحدة، وخصوصا في مناطق الجفاف التي يسكنها مئات الملايين. وأشار الصندوق إلى أن الكثير من الدول التي تسعى لتوفير مياه الشرب، تستخدم تقنية المرشحات وتبخير مياه البحر على مراحل، بهدف تحلية المياه المالحة, إلا أن الطاقة المستخدمة في إنتاج الماء العذب ما زالت مرتفعة جدا. كما أن الغازات المنطلقة عن العملية، وخصوصا غاز ثاني أكسيد الكربون، تلحق أكبر الضرر بطبقة الأوزون وبطبقات الجليد في قطبي الأرض, ويؤدي الاستخدام المفرط للطاقة في تحلية مياه البحر، وتساعدها في ذلك الغازات الضارة بالبيئة، إلى تفاقم ظاهرة ارتفاع سخونة الأرض، وبالتالي إلى ذوبان الجليد في القطبين، واختلاطه مجددا بمياه البحر والمحيطات. ويشكل الجليد الأزلي في القطبين والمناطق الجبلية العالية 69% من احتياطي المياه العذبة على الأرض, ويؤدي تفاقم سخونة الأرض إلى ذوبان هذه الثلوج وذوبان القسم الأعظم منها في مياه البحار أساسا، وهذا يعني أن العملية تؤدي إلى الإخلال بالتوازن بين احتياطي الماء العذب والمالح، وستدفع الإنسان، بمرور الوقت، إلى تحلية ماء البحر مجددا في دورة مفرغة وضارة بمصادر المياه العذبة. كما يتوقع أن تنخفض كلفة تحلية مياه البحر بنسبة 50% عام 2025م، إلا أن التوجه نحو تشغيل المحطات على مصادر الطاقة البديلة، لا يجري بنفس السرعة, ولا يشكل الماء العذب، المكتسب من المحطات العاملة بيئيا حاليا سوى 0.02% من مجموع المياه التي تتم تحليتها في العالم. وانتقد التقرير الإفراط بالمياه المحلاة من البحر لأغراض الزراعة، مشيرا إلى ظاهرة الاستخدام “غير العقلاني” لهذه المياه البالغة الثمن, إذ لا يزال سعر تحلية المتر المكعب يتراوح حول 1 يورو لكل متر مكعب كمعدل على المستوى العالمي (160 سنتا في المملكة العربية السعودية، 100 سنت في ليبيا و244 سنتا في مكسيكو). ويرى خبراء صندوق البيئة الدولية، أن من المستبعد تماما أن تصبح زراعة الحنطة والقطن وغيرها من المحاصيل، بالمياه المحلاة، ذات فائدة لاقتصاد أي بلد، مقارنة بكلفة تحلية مياه البحر. وطالب التقرير البلدان الواقعة في المناطق “العطشى” من الأرض، وهي الأكثر استخداما من غيرها لتقنيات تحلية مياه البحر، مثل استراليا والمملكة العربية السعودية واسبانيا وليبيا، بالتركيز على “تدوير مياه الشرب”، بدلا من تحلية البحر.