غضون
* مثقفون ورجال الدين يكررون على مسامعنا يوميا ومنذ زمن بعيد تلك المقولة الذهبية التي ترد مورد الفخر .. يقولون إن في الديانة اليهودية أو النصرانية توجد طبقة (رجال دين) هم الذين يحللون ويحرمون ويتحدثون باسم الله، ويقررون باسم السماء ماهو خطأ وما هو صواب .. أما في الإسلام – والحمد لله – فالله والرسول هما مصدر التحليل والتحريم، ولذلك لايوجد لدينا (موظف ديني) أو فئة تتخذ من الدين مهنة .. لأن شريعة الإسلام لاتعطي هذا الحق لأي أحد كي يكون (رجل دين) ويتكلم ويحرم ويحلل باسم الله .. فقط لدينا علماء – وليس رجال دين – ومهمة العلماء التوضيح الشرح فقط، لكن كل هؤلاء الذين يسوّقون هذه (الميزة) ويتفاخرون بها لم يكونوا على استعداد – حتى لمرة واحدة – لحمايتها أو إثبات صدقها في الواقع.* إذ من الناحية العملية صار لدينا طبقات (رجال دين) ورجال تتزايد أعدادهم في السوق يقدمون أنفسهم – وباسم الإسلام كما لو أنهم نواب عن الله وناطقون رسميون باسم الرسول .. صارت مهنة (الدين) تجتذب كثيراً من الموظفين في الديوان العام للدين.* عضو برلمان يمارس وظيفة (رجل دين) سياسي يمارس السياسة بصفته (رجل دين) .. كاتب أو صحفي أو مدرس في الثانوية والجامعة يملي على القراء ما هو حلال وما هو حرام .. خطيب المسجد أصبح (رجل دين) يقرر المنكر وما هو السلوك الشرعي استناداً إلى ثقافته الخاصة وأهوائه السياسية.* وكل واحد منا يبحث عن مصدر رزق أو يستقطب احترام الآخرين يحقق ذلك بسهولة إذا تصرف كما يتصرف رجل الدين .. حتى بعض أهل البطالة والغش والحيلة يطرقون باب الطب الشعبي من مدخل (رجل الدين) فهو يداوي باسم الله وبالقرآن وليس بشيء آخر.أزعم أن الاختلاط بين هذه (المجاري) كفيل – بمرور الوقت – أن يعلمنا الاحتراز من هذا التلوث والابتعاد عن مصادره!.