القاهرة / متابعات : أثارت فتوى الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بجواز غناء المرأة جدلا واسعا بين علماء الأزهر، فالبعض اعتبر أن غناء المرأة حرام، وأن صوت المرأة في الأصل عورة، وأن ارتفاع صوتها يثير الفتنة والشهوة ، مستندين إلى أن من أسموهم (أهل العلم )حرموا الغناء للرجال فما بالنا بالمرأة، وأن إجازة أغاني الأم للنساء ستفتح الباب أمام بعض مغنيات الإغراء في أن تغني أغنيات للأم أو الأطفال، فيما أيد البعض الآخر فتوى الدكتور القرضاوي، خاصة إذا غنت المرأة أغاني مديح للرسول أو الأغاني التي تتناول معاني إنسانية، واتفقوا على أن هناك ضوابط شرعية لغناء المرأة تتمثل في عدم إثارة الشهوات وألا يصاحبها رقص ماجن يثير الشهوات أو شرب خمر.جاءت فتوى القرضاوي، خلال استضافته ببرنامج تلفزيوني على إحدى القنوات الفضائية، عندما سئل عما إذا كان غناء المرأة جائزا في الإسلام أم لا، حيث أجاب بأنه «لا يوجد مانع في غناء المرأة، بشرط أن يكون ذلك في إطار الضوابط الشرعية، التي تتضمن عدم احتواء الأغنية على المحرمات التي يأتي في مقدمتها الرقص المثير للشهوات وظهور المسكرات». كما اشترط القرضاوي أن يكون غناء المرأة ذا قيمة وغير مثير للشهوات، واستشهد في هذا الصدد بأغنية «ست الحبايب» للمطربة الراحلة فايزة أحمد التي تتغنى فيها بحب الأم. وقال الدكتور القرضاوي في حديثه: «هناك كلمات لا يجوز لامرأة غناؤها، مثل الأبيات التي قال فيها الشاعر أبو نواس: دع عنك لومي فإن اللوم إغراء.. وداوني بالتي كانت هي الداء، أو مثلا قول الشاعر أحمد شوقي: رمضان ولى هاتها يا ساقي.. مشتاقة تسعى إلى مشتاق، فمثل هذه الكلمات حرام شرعا».واتفق الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر مع رأي الدكتور القرضاوي بجواز غناء المرأة. واشترط الدكتور بيومي ألا يكون صوت المرأة أقرب «للميوعة» والخضوع.كما أيد الدكتور إبراهيم صلاح الدين الهدهد وكيل كلية اللغة العربية في جامعة الأزهر كلام الدكتور القرضاوي قائلا: «إن أهل العلم أجازوا غناء المرأة للنساء بضوابط شرعية، منها ألا تكون الكلمات المغنى بها تثير الشهوات وألا تخالف صحيح الدين، وألا يصاحب الغناء محرمات شرعية كالرقص وشرب الخمر، وألا يكون هناك آلات تصوير تعرض من خلالها للناس». من جانب آخر، أكد الدكتور عبد الفتاح إدريس رئيس قسم الفقه المقارن في كلية الشريعة جامعة الأزهر إن «هناك أدلة يضيق المقام عن ذكرها تدل على جواز غناء المرأة، لزوجها أو لطفلها فيبقى أصل غنائها في غير هذه الحالات على أصل الحرمة، يضاف إلى هذا أن صوت المرأة في الأصل عورة، وأن ارتفاع صوتها يثير الفتنة والشهوة».من جهته، يرى الدكتور إبراهيم صالح أستاذ الفقه في كلية الشريعة جامعة الأزهر أن «الغناء بشكل عام حرام، وأنه لا يجوز للمرأة أن تغني إلا مع النساء فقط بشرط ألا يكون ذلك مثيرا للغرائز، أما أمام الرجال فلا يجوز مطلقا».أما الدكتور عادل عبد الشكور أستاذ اللغة العربية والشريعة في معاهد إعداد الدعاة بوزارة الأوقاف المصرية، فأوضح أن قضية الغناء هي قضية مختلف فيها، فالإمام ابن حجر، رحمه الله، كان يقول: «إشاعة المختلف فيه منكر»، لأنه يحدث كثيرا من الخلط واللغط عند عوام الأمة، فإذا كان الأمر قد اختلف فيه فكيف بنا نزيده، سوءاً بأن نحمل عليه ممنوعا أو غير جائز شرعا، والقضية تعيدنا مرة أخرى إلى صوت المرأة.وقال الدكتور عبد الشكور: «المتشددون يخلقون العموم بأن صوت المرأة عورة وهذا لا يليق ولا يصح، لأن الآثار النبوية الشريفة أثبتت أن النساء تحدثن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في شؤون الحياة، أما من يقولون بالإباحة العامة لصوت المرأة فهم أيضا مخطئون لأن النساء تحدثن مع الرسول في قضايا مهمة تخص أمور الدين والدنيا، فالمرأة لها أن تتحدث وتسأل في قضايا شؤون الحياة والدين، ثم إذا انتقلنا بعد ذلك إلى قضية الغناء، فإذا كان الغناء حرمه أهل العلم للرجال فما بالنا بالنساء؟».