أكد بحث اقتصادي صحة المقولة الشائعة التي توجه في العادة إلى كبار السن مشيرة إليهم بأنهم "بركة" المجتمع، وذلك بعد أن أظهر أن المسنين من مختلف الدول حول العالم يمنحون مجتمعاتهم مبالغ طائلة قد تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، ولكن دون أن يشعر بذلك بقية أفراد المجتمع، والذين قد يعتقد بعضهم أن كبار السن يشكلون عبئاً على اقتصاد الدول.وأشار البحث الذي قام به خبراء من المعهد المختص ببحوث التقدم بالسن، في جامعة أكسفورد البريطانية، إلى أن المسنين يمنحون اقتصاد دولهم مبالغ طائلة كل عام، لينفي بذلك ما يشاع حول هذه الشريحة من الأفراد من جهة استنزافهم موارد الدولة، فيما يخصص لهم من أموال ترصد لرعايتهم في المجال الصحي وغيره.وأجرى الباحثون دراسة مسحية بناء على طلب إحدى المؤسسات المصرفية العالمية الشهيرة، لتشمل 21 ألف شخص من المسنين، والذين توزعوا في 21 دولة ومنطقة حول العالم، وذلك للتعرف إلى أوضاع المسنين والأفراد المتقاعدين.وتشير النتائج إلى أن الأفراد المسنين يمنحون بلادهم سنوياً مبالغ طائلة قد تبلغ مليارات الدولارات، سواء كان ذلك عن طريق دفع الضرائب، أو من خلال الانخراط بالعمل التطوعي أو نتيجة التزامهم بمسئوليات اتجاه بعض أفراد الأسرة، وخصوصاً الأحفاد حيث يقومون على رعايتهم في العديد من الحالات، فهم قد يحلوا مكان الأمهات من العاملات أو يقدموا الرعاية للطفل عوضاً عن دور الحضانة. فعلى سبيل المثال أظهرت النتائج أن كبار السن في المملكة المتحدة والذين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 60- 79 عاماً يقدمون لاقتصاد الدولة نحو 5.5 مليار جنيه استرليني – أي ما يقارب 10.93 مليار دولار أمريكي – يدفعونها كضرائب مستحقة عليهم، كما يمنحون المجتمع 4.2 مليار جنيه ( 8.34 مليار دولار أمريكي) وهي قيمة 792 مليون ساعة عمل تطوعي يقدمونها كل عام، وذلك بعد احتساب تكاليف كل ساعة منها بحسب معدلات الأجور هناك، بالإضافة إلى تقديم أكثر من 50 مليار جنيه استرليني - أي 99.4 مليار دولار أمريكي تقريباً - والتي تمثل تكلفة قيامهم برعاية بعض أفراد الأسرة. وبحسب التقرير الذي نشر حول هذا البحث فإن المسنين في الولايات المتحدة الأمريكية ممن تجاوزوا الستين عاماً، يقدمون 3.67 مليار ساعة عمل تطوعي سنوياًً، والتي تصل قيمتها إلى 18.9 مليار دولار أمريكي. أما في الهند فقد أشار التقرير إلى أن الأفراد الذي تجاوزوا الستين من العمر يقدمون 1.3 مليار ساعة عمل تطوعي كل عام، بقيمة تصل إلى 381.4 مليون دولار أمريكي.وطبقاً للنتائج فإن نسبة كبيرة من المسنين حول العالم والذين أنهوا العقد السادس من عمرهم، يستمرون في مزاولة أعمالهم، كما أن خمس إلى نصف الأفراد العاملين لا يتوقفون عن العمل حتى بعد دخولهم العقد السابع من العمر. وتعلق في هذا الشأن البروفيسور "سارة هاربر"، مدير المعهد في الجامعة، إذ تقول ، لقد اظهر هذا البحث أن كبار السن يقدمون إسهامات واضحة لدعم ورعاية الأسرة على الصعيدين الاقتصادي والشخصي. كما توضح هاربر " إن قيمة هذا الدعم الاجتماعي للأسرة تعد هائلة فهي قد تتجاوز في المملكة المتحدة وحدها الخمسين مليار جنيه استرليني، وهو ما يكافئ ثلاثة في المائة من الناتج القومي الإجمالي فيها."
المسنون بركة اقتصادية
أخبار متعلقة