أطفال (الحرام) يعاقبون علي جرائم الكبار!
د. إيمان بحري: طفل السفاح ضحية الظروف القاهرة/14اكتوبر/ حسن صالح: خرجوا إلي زحمة الحياة ليجدوا أنفسهم بلا آباء بلا هوية بلا مأوي أطفال اكتظت بهم الشوارع. أسفل الكباري وبين الأنفاق وأحياناً داخل صناديق القمامة..لفظهم المجتمع بعنف دون أن يقترفوا ذنباً واحداً بعضهم دخل الملاجئ والبعض الآخر وجد نفسه هائماً على وجهه في الشوارع والطرقات وعندها أراد أن يأكل ويحصل على لقمة العيش التي تسد رمقه وتملأ جوفه الصغير وجد نفسه داخل دور رعاية الأحداث هؤلاء هم أطفال السفاح. ماذا يفعلون وماذا يفعل الآخرون بهم؟الحالة الأولى كانت في ضواحي القاهرة المكتظة بالسكان حيث ألقي رجال المباحث القبض على سيدة تتسول وبصحبتها طفل رضيع تحمله بين يديها تخرج به كل صباح في برد الشتاء وقيظ الصيف، لم ترحمه تتخذ من منطقة السيدة زينب وكراً تمارس من خلاله عملها في التسول مستغلة بكاء الطفل الرضيع في استعطاف القلوب واسترقاقها مدعية أن والده توفي وتركه لها دون عائل واحترفت التسول واتخذت منه مهنة تستجدي المارة وأولاد الحلال والناس الطيبين من أجل لقمة عيش لها ولباقي صغارها الموجودين في المنزل يترقبون عودتها آخر اليوم وعندما ألقي القبض عليها أثناء مزاوتها للتسول وبرفقتها الطفل عثر معها على مبلغ مالي كبير واعترفت بأن هذا المبلغ حصيلة يوماً واحداً من التسول.وبتضييق الخناق عليها لمعرفة هوية هذا الطفل اعترفت بأنه ابن صديقتها التي ارتبطت بقصة حب مع شاب وحملت منه سفاحاً وعندما أنجبت هذا الطفل فكرت في قتله والتخلص منه حتي لا يفتضح أمرها إلا أنها أخذته منها واستخدمته في التسول.وفي منطقة الهرم كانت الحالة الثانية ، حيث ارتبطت فتاة بشاب يعمل مهندساً وتمت العلاقة بينهما ورغم أنها لم تكن علي قدر من الجمال إلا أنها فكرت أنها ممكن أن ترتبط به يوماً من الأيام ولأن والدتها تعمل راقصة في كباريه بشارع الهرم كانت تجلس طوال الليل وساعات كثيرة من النهار بمفردها ولأن الباشمهندس لم يكن متزوجاً بدأ يطاردها بنظراته ويلاحقها من خلال الاتصالات اليومية عبر الهاتف حتي أوقعها في شباكه وذات يوم استدعته لشقتها في غياب والدتها وقضيا معاً وقتاً في المتعة الحرام مارسا فيه الرذيلة وعاشرها معاشرة الأزواج حتى اكتشفت بعد فترة أنها حامل.حاولت التودد إليه كي يتزوجها ويستر عليها إلا أنه ترك المكان الذي يسكنه وفر هارباً منها مرت الشعور التسع ووضعت الأم مولودها داخل حمام شقتها بالطابق التاسع بشارع فرعي من شارع الهرم. لم تعبأ بالآلام التي لحقت بها من آثار الولادة وقطعت الحبل السري بنفسها ووضعت الطفل داخل كيس بلاستيك أسود ووضعته داخل حقيبة وألقت به من الطابق التاسع في نهر الشارع. اقترب الأهالي من الحقيبة وعندما فتحوها وجدوا الطفل وقد فارق الحياة إلا أن التحريات أكدت أنها وراء الحادث وتم إلقاء القبض عليها لتباشر النيابة التحقيق.[c1]حقيقة مرة[/c]وفي واقعة أخرى كان الطفل أحمد يعيش حياة غير طبيعية مع رجل وامرأة كانوا بالاسم والديه إلا أنهما كانا أكثر قسوة في معاملته حتى إنه بدأ يتعجب من هذه المعاملة. الأب يوقظه مبكراً من أجل جمع القمامة من الشوارع ومن داخل العمارات السكنية رغم صغر سنه. لم يستطع الطفل أن يتفوه بكلمة (لا) وإن فعلها ينهال الأب عليه بالضرب والسباب وذات يوم عاد الصبي من الخارج منهكاً ولسوء حظه وجد باب الشقة مفتوحاً فدخل دون أن يشعر أحد إلا أنه وقف علي صوت كلمات تخرج من على لسان الأب كانت هذه الكلمات بمثابة الصاعقة على الطفل الصغير.. الأب يقول لزوجته الحسنة الوحيدة التي فعلتيها في حياتك هي أنك سرقتي هذا الطفل ولم ينكشف أمرك الغريب أن الطفل لم يعرف حتى الآن من هما والديه انهار الطفل وسقط على الأرض في حالة صحية صعبة وبعد أن أفاق من غيبوبته خرج هائماً على وجهه وبعد أيام ألقي القبض عليه في قضية تسول.[c1]حمل سفاح[/c]أما الطفل سعيد فقد شب ليجد نفسه ابناً لأب تاجر مخدرات لا يعرف شيئاً عن الدنيا سوى المادة حتي إنه بدأ يستعين به في تجارته وهو في هذا السن الصغيرة يعطيه المخدرات المطلوبة مستغلاً صغر سنه وعدم اشتباه رجال المباحث فيه من أجل توصيلها للزبائن تكررت هذه العملية كثيراً حتى ألقي القبض عليه الطفل ودخل دار الرعاية الأحداث.. مرت الأيام ثم الشهور دون أن يسأل عنه والده وعندما زارته وسألها عن والده أكدت له أنه ليس والده وأنها أيضاً ليست والدته وإنما أخذاه من سيدة مسنة باعته لهما بمبلغ من المال كي تداري علي فضيحة ابنتها التي حملت فيه سفاحاً.تقول د. إيمان بحري إن أطفال السفاح غالباً ما يدفعون فاتورة خطأ الآباء. خاصة الأم التي لم تجد أمامها سبيلاً للهروب من الكارثة التي ستلحق بها سوي أن تقتل الطفل أو تعطيه لأي أحد نظير خروجها من المحنة وبذلك يكون الطفل دفع الفاتورة مرتين ..الأولي عندما تخلي عنه والداه وتركاه لآخر والثانية عندما أساء الآخر تربيته ومعاملته وألقي به في سوق العمل أياً كان نوع هذا العمل ليكتشف الطفل في النهاية وفي أول محنة تصادفه أنه ابن سفاح ولا يستحق الحماية فيجد نفسه داخل دار رعاية أو ملجأ ليحاسب علي أشياء لم يرتكبها .وتضيف : في الفترة الأخيرة انتشرت ظاهرة أطفال السفاح خاصة بعد أن تأخر سن الزواج وأصبحت هناك أرقام مفزعة من العنوسة وعندما تسمع الفتاة كلمة غزل من أي شخص توهم نفسها بحبه لأنها كالغريق الذي يريد أن يمسك بطوق نجاته وما هي إلا أيام وتسلم نفسها لهذا الشاب تحت ستار الحب وبعد شهور تأتي بطفل السفاح الذي يدفع ثمن الفاتورة حياته.وتضيف د. إيمان أن الآباء الأصليين الذي تتضلوا عن هذا الطفل هم أيضاً ضحية لهذا الزمن وإن كانوا مذنبين فقد تكون الظروف الصعبة هي التي دفعتهم لارتكاب مثل هذا الفعل لكنهم مذنبون بكل ما تحمله الكلمة من معاني ويتحملون نتيجة هذا الخطأ وكان لزاماً عليهما بدلاً من الهرب أن يواجها هذه المشكلة لأنها في النهاية ستودي بحياة طفل بريء أو تجعل منه مجرماً رغم أنفه ودون أن يعترف ذنباً سوى أنه ولد لأبوين مثل هؤلاء.ويعلق مصدر أمن من رعاية الأحداث قائلا (أغلب الأطفال الذين يتم القبض عليهم لا يعرفون من هم والديهم ولا شيئاً عن حياتهم. كل ما يعرفونه أنهم وجدوا أنفسهم علي الأرصفة يأكلون من صناديق القمامة..يهربون من مطاردة رجال الشرطة بشكل دائم وأن أغلبهم بالفعل عند التحسر عنهم نكتشف أنهم ضحايا لإفرازات هذا الزمن الرديء وأنهم أطفال بدون آباء أو أطفال سفاح إن جاز المسمي.وأن الأحداث تحاول تأهيلهم كي يخرجوا أطفالاً صالحين يجيدون مهنة يتكسبون منها أرزاقهم بدلاً من أن يجدوا أنفسهم متهمين بأبشع الجرائم علي الرغم من صغر سنهم).