أقواس
برنامج على ضفاف النغم برنامج ناجح ومتميز وغيره من البرامج المتعلقة بتشخيص التراث الغنائي اليمني ومايؤرقنا هو عدم ربط الموضوع بالأغنية الأصلية فمثلاً عندما يكون التحدث عن قصيدة حمينية معينة لأغنية من أغاني الشيخ علي ابوبكر باشراحيل نفاجأ بسماعها من غيره.هذا بالرغم من أن مكتبة الأغاني التراثية باللاذعة مليئة بأغاني هذا الفنان الكبير وعندما يتحدثون عن أغنية غناها الشيخ محمد الماس فإذا بنا نسمع فناناً حداثياً يترنم بها وهذا يخلق غصة لدى المتذوق الحقيقي للتراث اليمني وكذا الحال بالنسبة للفنان الشيخ يسلم دحي وصالح يوسف الزبيدي وغيره من عباقرة هذا الميدان الجميل والصعب وكم يؤسفني وأنا اسمع أغنية (يا مكحل عيوني بالسهر) لصالح يوسف الزبيدي ينثر رذاذها فنان من الدرجة الثالثة أو الرابعة ونفس الأسف ينسحب على أغنية (ليت شعري ليه خلي اليوم اعتذر) للفنان الكبير النادر يسلم دحي أو أغنية (أحبة ربي صنعاء عجب كيف حالكم) للشيخ محمد الماس ليفسد نكهتها فنان لم يرتو من ينهل الفن بعد والأمر يسحب نفسه على صف طويل من درر الفن اليمني الخالص.نشير بالمناسبة إلى أن هؤلاء الفنانين جلهم قد أدوا معظم الأغاني التي تدخل في خانة هذه المواضيع وبذلوا عصارة جهدهم لإظهارها بمظهرها اللائق واستوطنت ذاكرة الإنسان اليمني واغلب هذه الأغاني موجودة في دواليب إذا عتى صنعاء وعدن على غير أن التغاضي عنها يجعلنا في حيرة من أمرنا.وهنا نضع أنفسنا أمام اختيار صعب أيهما أفضل أن نستمع إلى هذه الأغاني من نبعها الأصلي أم من فروعها القابلة للتشويش والنقصان وقليل من التوسع في هذا المجال يثري الحركة الفنية بجميع ألوانها ونتمنى ايضاً أن لا يتم بتر الأغاني الأصلية والنادرة ونحن في حالة انسجام معها لان ذلك يثير غصة لدى وجداننا الفني.واخيراً نأمل من إذاعتي صنعاء وعدن رفدنا بالبرامج الغنائية التشريقية ويا حبذا لو أن أغاني التراث تتصدرها لأنها تشكل عبق الماضي الجميل واستخرجت كلماتها من معينها الرقراق.ولا ننسى في هذا السياق أن الرعيل الأول من فنانينا أنقذوا الأغنية الصنعانية الكوكبانية من الآثار بإعادة تسجيلها وحفظها في الاسطوانات البلاستيكية الثقيلة الخاصة بأجهزة الجراما فون أو غيرها من العجلات أو البكرات الألمانية المسماة “ بالريل” ومن الإنصاف أن نقدر لهؤلاء الفنانين هذا الجهد المشكور الذي لم يأت من فراغ وانما من معاناة وجلد وصبر.نتمنى من الأكاديميين والباحثين في هذا المجال أن يرفدونا بما عندهم من معلومات وما تختزن ذاكراتهم عن هذا النبع الصافي وكذا المهتمين الذين لديهم مقتنيات تراثية مثلنا أن يسهموا في انتشار هذا اللون الذي بات باهتاً في الأفق وإعادة اللمعان لمحيطة الواسع.