مع الأحداث
. يقول أحد المفكرين الأوربيين عن السياسة :السياسة كلام ولكن ليس كل الكلام سياسة “ والحقيقة أنه عندما ينغمس أفراد شعب من الشعوب في تعاطي السياسة عن غير دراية أو وعي ناضج، فإنهم جلبو متاعب كثيرة، ولا يدركون ما قد يضر بمصالحهم ومصلحة وطنهم، وما قد يثيره لهم استمرار النقاش السياسي مع زملائهم في العمل من حساسيات أو خصومات أو توترات نفسية أو عصبية، لأنهم يجهلون أن للسياسة محاذير ومنزلقات يجب مراعاتها ولها لغة خاصة بها يصطلح على تسميتها بلغة الدبلوماسية بحيث لا يشتم ، منها رائحة التجريح أو الإساءة إلى الآخرين ومراعاة المصالح المشتركة. ولهذا يجب أن لا نقحم كل شيء في حياتنا العامة أو في علاقتنا الإنسانية مع الآخرين بالسياسة ، فنفقد أعز الأصدقاء إلينا لأنهم لم يتفقوا معنا في الآراء ووجهات النظر في بعض القضايا ، للأسف قد نتخذ منهم مواقف سلبية لكن لو كنا نؤمن إيماناً عميقاً بأن اختلاف الآراء ظاهرة صحية وأن الناس لا يصلون إلى اتفاق مقبول إلا بالحوار الهادئ وبالحجج المقنعة ، والموعظة الحسنة لو كنا نؤمن بذلك لسلمنا بحقيقة الاختلاف في الرأي والرأي الآخر.. وقد يتصور بعض الناس أن السياسة ( مدياسة ) أو أنها فن الكذب ، أو أنها مجردة من الأخلاقيات، ويحاولون إسقاط تصرفاتهم في التعامل مع الآخرين في ضوء مفاهيم خاطئة عن السياسة في مجال العلاقات الإنسانية ومراعاة مصالح وحقوق المواطنين . وقد قيل قديماً “ إن أي خطأ يرتكبه أي سياسي ضيق الأفق ، قصير النظر يعتبر جريمة في حق شعب “ ويؤدي إلى ضياعهم ، لأنه لم يحسب ألف حساب للعواقب الوخيمة المترتبة على ذاك الخطأ الذي لم يتداركه في حينه.. إن المتمرس في العمل السياسي لابد أن يعرف أن السياسة علم وفن وتكتيكات متعددة ، ومتغيرة حسب ما تقتضيها مصالح البلد الإستراتيجية في مختلف أوجه الحياة العامة ، بمعنى آخر أن السياسة في إدارة شؤون البلد وتحقيق مصالح مواطنيه وتلبية احتياجاتهم هي “ فن الممكن” وعلينا أن نعترف أنه ليس كل شيء يفهم في أموار السياسة يقال ، وما يصرح به أي سياسي يشغل منصباً سياسياً شيء، وما يبطنه في نفسه وعقله شيء آخر ، فهذه الأمور معروفة ، ويجب أن يدركها كل من يتعاط السياسة لأي حزب كان، إذ تقتضيها مصالح معينة لهذا البلد أو ذاك، ويصبح من الأهمية بمكان أن تكتنف مفوضاتها بعض السرية لغرض أو لآخر ، تعزيزاً ومراعاة في تأمين مصالح مشتركة .. لقد أجاد العرب المسلمون- قديماً - فن لعبة السياسة لقرون مضت حتى انحدرت دورتهم الحضارية، وهذه هي حال الدنيا، وعدالة الدستور الإلهي “ تلك الأيام نداو لها بين الناس”. وما أحوجنا اليوم لفهم تلك السنن التي يمكن أن تجنبنا الكثير من الشرورالمحيطة بنا. أن ذلك لا يعفينا من الإشارة إلى أن بعض الظروف الموضوعية والذاتية أتت بمن لا أهمية سياسية لهم، فمارسوا العمل السياسي وهم يحسبون أنهم يصنعون المجد لأنفسهم ولمجتمعاتهم ، فإذا بهم لا يحصدون غير الخيبة لأشخاصهم ن ولا يخلقون غير الكوارث والأزمات لمجتمعاتهم ، وحق عليهم القول أنهم أميون سياسياً.