د . سعاد صالح أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر:
القاهرة /14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية : أكدت د. سعاد صالح عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية «سابقا» أن الدعاة في الوقت الحالي لايملكون الأسلحة والأدوات التي تؤهلهم لتجديد الخطاب الديني ، مشيرة إلى ضرورة تثقيف الدعاة وتحسين أوضاعهم المادية والمعنوية فهم أصحاب رسالة وليسوا موظفين.. وعن رؤيتها للدعاة وعدم ترشيحها لعضوية مجمع البحوث الإسلامية وحضورها الندوة التي أقيمت بمسجد سعد الصغير والتي أثارت جدلا كبيرا ومواضيع أخرى.. كان لنا هذا الحوار.- هناك اتهام للمرأة العربية بأنها تجري وتلهث وراء التقليد الغربي.. فكيف ترين ذلك؟هذا غير صحيح على الإطلاق، ونحن قد سبقنا الغرب وحضارة الغرب في إعطاء المرأة حقوقها منذ أن نزل القرآن علي محمد صلى الله عيه وسلم ، ورفع عن المرأة الظلم والاضطهاد الذي كانت تعاني منه في العصر الجاهلي قبل الاسلام ، فنحن لا نريد التحرر بمعنى الانحلال ، ولكن نريد التحرر بمعني الحصول علي الحق، نحن لانريد المساواة بمعنى اذابة الفوارق الفطرية بين المرأة والرجل ، لكننا نريد المساواة في القيمة الإنسانية.. والمساواة في الحقوق الانسانية، والمساواة في التكريم الانساني للمرأة والرجل علي حد سواء..هذه هي حقيقة المساواة التي نريدها مع احتفاظ كل منا بخصائصه الفطرية التي خلق عليها لكي يقوم بالدور الذي وكل له في الحياة،فالرجل والمرأة كل منهما يحتاج إلي الآخر ، وكل منهما مكمل للآخر ولا يوجد علاقة صراع ولا علاقة منافسة بين الاثنين وانما توجد علاقة تعادل وتكافؤ. - ما أهم القضايا المطروحة التي تشغل بالك حاليا؟ قضية احتكار العمل الديني وقصر الإفتاء علي الفقهاء دون الفقيهات حتي الآن فمن خلال بحثي وقراءاتي المستمرة وجدت اجماع الفقهاء والمفسرين المحدثين والاصوليين علي أن الذكورة ليست شرطا للافتاء، وأن المرأة لها أن تفتي بصفة عامة رجالا ونساء وبصفة خاصة للنساء ،والرسول صلي الله عليه وسلم كان يسترشد بأمهات المسلمين السيدة عائشة والسيدة أم سلمةوالسيدة حفصة رضي الله عنهن جميعا في توضيح الأمور الخاصة بالنساء ، فماالمانع أن يخصص للنساء يوم في دار الافتاء مع استاذة متخصصة لرفع الحرج عنهن وللإجابة عن استفساراتهن؟ونحن لا نريد منصبا في الدولة يصدر به قرار جمهوري بأن يكون هناك مفتي للرجال ومفتية للنساء لا أؤكد لا ، فلنا مناصبنا في جامعاتنا كأستاذات في جامعة الأزهر ولكن نريد أن يخصص لنا مكان ووقت للاجتماع فيه مع كل امرأة تريد أن تسأل فيه عن شأن في شئون دينها ، أو عن علاقتها بزوجها، أو عن علاقتها بأبنائها ، وأنا من خلال التليفون أستقبل عشرات الاستفسارات من النساء ومن خلال لقاءاتي في الندوات والمساجد والمدارس استقبل العشرات من الاستفسارات، فلماذا لا تجمع هذه الاستفسارات ونختار لها مكانا واحدا بدار الافتاء كمكان يثق فيه الجميع لخروج مثل هذه الاستفسارات والفتاوي؟- مشاركتك في الندوة التي عقدت بمسجد الفنان سعد الصغير أثارت استياء وسخط الكثير من العلماء فما ردك؟أولا: أنا وعلماء كثيرون منهم د. عبدالفتاح الشيخ متفقون علي الفصل بين حكم الصلاة في المسجد وبين الأموال التي بني بها المسجد، فالصلاة في مسجد سعد الصغير صحيحة تماماً لأنه بيت من بيوت الله والرسول قال: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» إذن طالما أديت الصلاة بأركانها الصحيحة ومسبوقة بالطهارة فهي صحيحة ولا غبار عليها حتي وإن أُقيمت في المكان المخصص لتربية الحيوانات ، أما مسألة بناء المسجد بأموال من كسب سعد الصغير فهي أموال حرام نظرا لأنها من كسب حرام حيث يقوم بمهنة محرمة وهي الغناء وبالتالي لن يأخذ علي بناء المسجد أي أجر فالتبرع لوجه الله لابد أن يكون من الطيبات من الرزق.- أتوافقين علي مساهمة الفنانين في الأعمال الخيرية؟بالتأكيد أقوم بتشجيعهم علي المساهمة في كل أعمال الخير فالأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوي« مصداقا لقول الرسول ».- كيف كان اختيارك لزوجك ؟تزوجت بالطريقة التقليدية ولكن مع ابداء رغبتي في الشخص المتقدم إلي ولم يشأ أبي وهو العالم الأزهري أن يفرض علي شخصا بعينه ، وحينما اخذت هذا الانسان ،وكان يعمل في مجال الصحافة ـ فزوجي هو الكاتب الاسلامي السيد عبدالرءوف ـ وكان وقتها متخصصا في صحافة الخبر ،ولكنه ومع عشرتنا سويا تحول عن مجاله إلي الكتابة الاسلامية ثم أصبح رئيس تحرير جريدة اسلامية معروفة.- تأثيرك إذن علي حياة الزوج كان واضحا، فكيف أثر الزوج بدوره علي حياتك؟تأثيره علي حياتي كان كبيراً ، فكل ما وصلت إليه من مكانه رفيعة ونجاح يرجع الفضل فيه لله ثم لزوجي الذي وقف مع طموحي فهو من الأزواج الذين يتمتعون بالايثار مصداقا لقوله تعالي يؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، وهنا أقول أن نجاح المرأة لا يكون إلا بتحرر عقلية الرجل وتعاونه مع زوجته ، وتنازله عن بعض حقوقه فنجاح الزوجة من نجاح زوجه والعكس صحيح.[c1]شهر روحاني [/c]- ونحن في شهر رمضان المعظم .كيف تحيي الأسرة لياليه المباركة بما يليق بوقاره؟-الحقيقة هناك ممارسات خاطئة للأسر لاستقبال هذا الشهر تحوله من شهر روحاني وشهر عبادة وتهذيب للنفس إلي شهر طعام وافتخار واسراف والاسلام دين وسط واعتدال ،ويقول المولي عز وجل” وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا “ فعلينا بالاعتدال والتوازن في جميع شئونه المادية والروحانية وان نهتم بجانب العبادات.- إلي أي حد تتجمل المرأة في شهر رمضان؟تجمل المرأة بصفة عامة في الحدود التي لا تثير نظرة الغير إليها ، ويلفت نظري في الحقيقة ظاهرة تحجب بعض النساء في شهر الصيام ، ثم خلع الحجاب بعد انقضاء الشهر ، وأريد أن أقول هنا أن طاعة الله ليس لها وقت ، ولا سن ، ولا زمن بل في جميع الأوقات والأزمان ، والزينة ليست محرمة علي المرأة كلية لأن الله قد جعل الزينة من طيبات الحياة الدنيا حينما قال “ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة “فالزينة ليست في قصدها حرام وانما الاسراف في الزينة بشكل يؤدي إلي التبرج هو الحرام.[c1]نحن السبب[/c]- لماذا يفشل الحوار مع الآخر، وكل يوم تتوالى هجمات شرسة ضد الإسلام في الغرب؟نحن السبب في كل ذلك، حيث يوجد تعنت وتنطع وإساءة بالغة في تطبيق الشريعة الإسلامية من جانب بعض المسلمين فما أكثر الظواهر السلبية في بلاد الإسلام مثل عدم النظام وأطفال الشوارع والكسل وغيرها من الصفات التي تعكس صورة سلبية تماماً عن الإسلام ففي الغرب يرون الإسلام في أبنائه ونحن بعيدون تماماً عن حقيقة ديننا.- علماء المسلمين يقومون بدورهم من حيث مخاطبة الناس وتوعيتهم بأمور دينهم في حدود المتاح.فماذا عن المؤسسة الدينية في هذا الصدد؟لابد من استقلال المؤسسة الدينية حتي تقوم بدورها علي أكمل وجه فهي بحاجة إلي تدعيم مادي وتشجيع وتكريم للعلماء حتي يتمكنوا من القيام بدورهم دون عراقيل ويكفي أن يعرف الجميع أن ميزانية جامعة الأزهر تعد أقل ميزانية علي مستوي الجامعات المصرية برغم أنها تضم 60 كلية وتعادل ثلاث جامعات مصرية وهذا يجعلني اتساءل أين أوقاف الأزهر حتي يتم تدعيم العملية التعليمية؟ إذن الخلاصة تتمثل في أن منظومة التعليم كلها بما فيها التعليم الأزهري في حاجة إلي مراجع لكي تحقق قفزة ، ونسمع كثيرا عن ضرورة تجديد الخطاب الديني فإلي أي حد نطبق ذلك قبل المطالبة بالتجديد والتطوير؟ فلابد من تحسين وضع الأئمة ماديا ومعنويا فهم ليسوا موظفين وإنما أصحاب رسالة سامية، وعلي وزارة الأوقاف أن تدرك أن هناك بعض الدعاة متأثرين بالبيئة التي يعيشون فيها فضلاً عن وجود عزلة بين قيادات الأوقاف والأئمة خاصة في كثير من القري.ومن هنا أطالب مديري الأوقاف في المحافظات المختلفة بالقيام بدورهم في متابعة مشاكل الأئمة والدعاة ثم بعدها يمكن أن نطالبهم بتجديد الخطاب الديني.- بعض الدعاة يتوجسون من مصطلح تطوير الخطاب الديني، فما تفسيرك؟علي الجميع أن يعرف أن كلمة التجديد ليست مملاة علينا من أمريكا والغرب كما يظن البعض وإنما هي مصطلح إسلامي أصيل والرسول أول من استخدم هذا التعريف عندما قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة كل مائة عام من يجدد لها دينها». وبكل صراحة قضية تجديد الخطاب أسلحتها غير متوافرة عند الدعاة.[c1]فوبيا الإسلام [/c]- ألا ترين أن هناك ترصداً لمبعوثي الأزهر في الخارج خاصة بعد واقعتي الاعتداء علي الشيخ السلاموني في لندن واعتقال محمد السيد في الفلبين؟لا يوجد أي نوع من الترصد وإنما يوجد فوبيا الإسلام في الدول غير الإسلامية وهذا الخوف بكل أسف تدعمه الأعمال الإرهابية التي تنسب لتنظيم القاعدة، وما تزال صورة الإسلام مقترنة في أذهان الغرب بأسامة بن لادن وبالتالي هناك تحديات صعبة فرضت نفسها علي مبعوثي الأزهر في ظل الهجوم علي الإسلام في الخارج وتشويه صورته فهذه الأوضاع يمكن التعامل معها بالحكمة والموعظة الحسنة والتدرج وإبراز مظاهر التيسير في الشريعة الإسلامية ، وهذا يتطلب من المبعوثين أن تكون لديهم درجة عالية من الثقافة عن البلاد التي يبعثون إليها وبلغات تلك الدول علاوة علي الإلمام بالأحداث هناك حتي لا يحدث أي نوع من الانفصام بينهم وبين الواقع الذي يعيشون فيه.- كيف تلقيت خبر نقيب القراء الشيخ أبو العينين شعيشع بالموافقة علي انضمام قارئات للنقابة؟حينما نشجع دخول قارئات يجدن قراءة القرآن ، فهذا اعتراف صريح لصالح المرأة وأن صوتها ليس بعورة وتحديدا في مجال العلم والتعليم فهو مباح شرعاً ولا يوجد ما يمنع أن تقوم المرأة بمهنة قراءة القرآن طالما كانت متمكنة من قواعد التجويد والتلاوة وعليها أن تبتعد بصوتها عن الخضوع والميوعة وتكتفي بالقراءة في مجتمع النساء.