محمد جمعة خان
باحث / عبد القادر أحمد قائد :ولد محمد جمعة خان في قرية قرن ماجد بوادي دوعن عام 1323هـ الموافق 1903م لأم حضرمية دوعنية وأب هندي بنجابي هو جمعة خان الذي استقدمه السلطان عوض بن عمر القعيطي فيمن استقدم من هنود لينضموا إلى جيشه المحارب أثناء الحروب التي دارت بين يافع وآل كثير ، وكان هو من ضمن قوة السلطنة التي تمركزت في وادي دوعن في بداية القرن العشرين وتزوج هناك من إمرأه أسمها فاطمة أحمد بهيان وكانت ثمرة هذه الزيجة ولداً أسماه محمداً. [c1]بن شامخ وبن غوذل وكرامة مرسال كورس مع محمد جمعة خان[/c]يقول الكاتب عبد الرحمن العماري صاحب كتاب : ( ذكريات فقيد الفن اليمني محمد جمعة خان ) أنه درس القراءة والكتابة في إحدى المدارس الأهلية وترعرع في عائلته الذواقة للموسيقى والطرب ، ثم التحق بالفرقة السلطانية سنة 1918م تقريباً وكانت تسمى بالفرقة العربية أو ( الطرنبيطة ) وآلاتها تتكون من الهاجر والمراويس والمزامير ، وقد أبدع بها ورقي لقيادتها ، وبعد فترة انتقل إلى الفرقة السلطانية الثانية والتي تسمى بالفرقة الهندية بقيادة الهندي ( عبد اللطيف ) تم رقي محمد جمعة لقيادتها وكان يتقدمها بالكلارنيت ، وجميع آلاتها نحاسية حديثة ، وكانت الفرقة تعزف الحاناً هندية وغربية ، وعند قيادة محمد جمعة لها أدخل عليها الموسيقى العربية وبعض الألحان الشعبية الحضرمية ، وخلال عمله هذا بدأ في تعلم العزف على آلة السمسمية تحت إشراف مطرب شعبي من تلاميذ مدرسة ( سلطان ) هو سعد الله فرج الذي علمه فيما بعد العزف على آلة القنبوس ، وقد ساعدته موهبته الأصلية واستعداده الفطري على إجادة الألحان الحضرمية المحلية التي تلقاها من أستاذه الحضرمي أو تلقفها من مصادر أخرى ولقي على ذلك تشجيعاً من والدته لإجادته الألحان والموسيقى الحضرمية بدلاً عن تلك الدخيلة عليها .كتب الأستاذ عزيز الثعالبي مقالاً في صحيفة 14 اكتوبر بتاريخ 8 يونيو 2000م بمناسبة إنعقاد المهرجان الأول للأغنية الحضرمية مايو 2000م جاء فيه:لم يتعامل محمد جمعة مع الدراسة المنتظمة سوى سنوات محدودة في مدرسة أهلية في المكلا تماماً مثل سيدة الغناء العربي أم كلثوم .. على أن محمد جمعة - كما فعلت أم كلثوم - قد أهتم أن يصنع نجوميته بنفسه : إنضباط شديد إنتباه لما يدور حوله وعصامية التعليم بجانب محافظته على النعمة التي وهبها الله له وهي جمال الصوت .حفلت حياة الفنان محمد جمعة خان بمحطات فنية عديدة ، ففي محطة إختيار نصوص الأغاني لم يكن هناك من يكتب الأغنية فوجد ضالته في القصائد التي حفل بها الديوان المخطوط الذي تركه بعد وفاته عام 1928م الشاعر المبدع والمؤرخ والقاضي عبدالله محمد باحسن في مدينة الشحر واختار منه روائع القصائد التي سبق لغيره أن غناها بلحن أصطلح على تسميته بالعوادي ، أضاف عليه محمد جمعة خان من شخصيته وبديع فنه على أن هناك من ساعده في تقليب دواوين الشعر في المكتبة السلطانية بالمكلا واختيار قصائد لشعراء من حضرموت ( أبوبكر بن شهاب وصالح الحامد ) قصائد من الشعر الجاهلي وشعراء النهضة من مصر ( أحمد شوقي وعلي محمود طه وأحمد رامي ) وفي لبنان بشارة الخوري ( الأخطل الصغير ) وغيرهم من الشعراء العرب .وجاءعنه في كتاب الفكر والثقافة في التاريخ الحضرمي للأستاذ سعيد عوض باوزير ما يلي : ( عندما تولى إدارة الفرقة الموسيقية أخذ يطعمها بالألحان الشعبية لأول مرة خصوصاً بعد أن تخلصت الفرقة من بعض أعضائها الهنود وأنضم اليها بدلاً عنهم بعض أبناء البلاد المحليين الذين تجاوبوا مع ألحان بلادهم وأغانيها .أخذ محمد جمعة خان يحترف الطرب والغناء ويعرض منه في الحفلات والسهرات فيجد من الناس كل إقبال وتشجيع وكان في بداية عهده المطرب الوحيد الذي لا منافس له في البلد نظراً لبراعته في العزف ورخامه صوته وعذوبته ، وكان يجيد الألحان الهندية والمصرية والحضرمية الأمر الذي أعانه على إرضاء جميع الأذواق المختلفة وساعد على سطوع نجمه وانتشار صيته في حضرموت وخارجها .عقب تقاعده من العمل في الموسيقى السلطانية كون لمحمد جمعة فرقة خاصة به وذلك بعد أن ظهر العود ( الكبنج ) والدف لأول مرة في حضرموت وكان السيد علي عبدالله التوي قد قدم بهما من عدن فأخذهما منه محمد جمعة وبدأ يعزف الحانه على هذه الآلات الجديدة وبذلك اختفت آله القنبوس القديمة مع المراويس ودخل محلها العود والدف والرباب ، وتتكون فرقته الأولى هذه من أربعة عازفين بالإضافة إليه وهم : عبيد البمبا عازفاً على الشبابة ،عبد القادر سالم باعيسى عازفاً على الكمنجة أو الكمان ومحمد الصبان عازفاً على الإيقاع وعوض باسيف على الدف ، وقد تقاعد البعض من هذه الفرقة وتوفي البعض الآخر فانضم اليه جماعة آخرون كونوا فرقته الثانية وهم : سعيد عبداللاه الحبشي عازفاً على الكمان وبكار سعيد باهيال ضارباً على الدف وأبوبكر الحباني ضارباً على الإيقاع وكان يستعين في كثير من الاحيان بعازف شبابه شهير هو أبو تمباك ).ومما جاء في مقال الثعالبي أيضاً : ( إتجه محمد جمعة خان إلى الأغاني الحضرمية فأولاها عناية خاصة وأقام جسراً من التواصل مع الدان الحضرمي فامتلأت روحه بألحان هذا اللون الشجي وبكلماته التي تلامس شفاف القلوب ومن علامات هذا اللون الشاعر الفنان حداد بن حسن الكاف ليضيف إلى فنه فناً أصيلاً ، وامتلأت رأسه بإيقاعات الرقصات الشعبية الشجية التي تشتهر بها المناطق الريفية في حضرموت ، وكانت طرق المواصلات التي أنشئت آنذاك قد قربت بين الساحل والداخل واتصل السكان في المنطقتين واختلط بعضهم ببعض وأصبحت أغاني المناطق الداخلية على كل لسان لما في الحانها من سحر وروعة وجمال فأخذ يقتبس منها ويصبها في قالب توقيعي جديد راقص يتمشى مع آلات الطرب الحديثة فكان موفقاً كل التوفيق في إنتاج مجموعة كبيرة من الأغاني الشعبية الراقصة أحتلت مكان الصدارة بالنسبة للألحان الهندية والمصرية ).كان له شرف الريادة في الدعوة المبكرة لفكرة تكوين ( ندوة موسيقية ) تضم جميع الفنانين بحضرموت وتتبنى الدعوة إلى قيام نهضة حديثة في البلاد ، أطلق عليها إسم الندوة الموسيقية الحضرمية ساهم فيها وكان رئيساً للجنتها التنفيذية.[c1]قائمة بأسماء المساهمين في هذه الندوة[/c]1- بن همام ---- عازفاً على العود 2- سعيد با شريف ---- عازفاً على الكمان 3- صالح با شريف ---- عازفاً على الكمان4- يسر بن سنكر ---- عازفاً على الكمان 5- سعيد عبداللاه الحبشي ---- عازفاً على الكمان 6- فرج علي مرسال ---- عازفاً على الناي 7- سعيد بكران ---- ضارباً بالإيقاع 8- أبوبكر الحباني ---- ضارباً بالإيقاع 9- بكار باهيال ---- ضارباً بالدف 10- كرامة مرسال ---- كورس 11- محمد سالم بن شامخ ---- كورس12- احمد صالح بن غوذل ---- كورس13- سعيد الجاوي ---- كورسوتبدو الأغنية عملاقة بصوته وخصوصاً في تلك الحقبة من الخمسينيات من القرن العشرين التي ارتبط فيها بعلاقة حميمة بالشاعر الصحافي والمحامي الفنان أيضاً حسين محمد البار ، فأثمرت هذه الثنائية أغان في منتهى الجمال .. وبلون مميز ، وأدرك محمد جمعة السنوات الأولى لبروز الشاعر الفنان حسين أبوبكر المحضار ومدرسته الجديدة وغنى مجموعة من أغانيه قال الشاعر المحضار أن تأثيرها بصوت محمد جمعة في الناس أقوى ومن هذه الأغاني على سبيل المثال - أغنية يارسولي توجه بالسلامة - وفي نفس الوقت غنى محمد جمعة قصائد خصه بها الشاعر يسلم أحمد باحكم وكذلك الشاعر صالح عبد الرحمن المفلحي والشاعر عبد الرحمن باعمر.تأثر بأغاني محمد جمعة خان وألحانه عدد من الفنانين الناشئين يمثلون مدرسة خاصة تختلف عن مدرسة سلطان القديمة من أبرز مطربي هذه المدرسة ( في تلك الفترة ) أحمد جمعة خان وأخيه عبد القادر وعوض علي بن هامل وعبد الرب ادريس وغيرهم من الهواة أمثال صالح الناخبي وسالم عوض باوزير وعبدالله العماري وعلي محمد جمعة وعبدالله محمد بلحيد وعبد القادر باحسين وغالب لرضي وأبوبكر التوي وفرج سالم خميس ومحمد سالم بن شامخ الذي كان من المحبين عند أبو علي فقد تعلم منه أصول الموسيقى والغناء حيث كان مردداً (كورس ) وضارباً آحياناً بالإيقاع وله مقدرة على تقليد صوته وأداء أغانيه.يقول الأديب الراحل الأستاذ سعيد عوض باوزير عن محمد جمعة خان أنه كان أكثر الفنانين الحضارم إنتاجاً ( في ذلك الوقت ) وأبعدهم شهرة وأقربهم إلى قلوب الجماهير ذلك لأنه استطاع أن يصقل الغناء الحضرمي ويبعث فيه الحياة ويمنحه الخلود.توفي الفنان محمد جمعة خان في 25 ديسمبر عام 1963 ودفن في مقبرة يعقوب بالمكلا.