مدارات
متى يستعيد الناس نظرتهم وطبيعتهم وسماحتهم وبساطتهم؟! متى يستعيد الناس اهتمامهم ببعضهم ويكفون عن انانيتهم وجشعهم وانعزاليتهم؟! ومتى يغادرون علاقات الاستعباد والاستغلال ويكفون عن ان يكونوا اما قتلة او مقتولين، متى نعود ليصبح كل شيء مشاعا للجميع : الحب والماء والنار والكلأ والنماء والسعادة، متى سيجري تدمير منشآت اسلحة التدمير، ومتى ستنتهي نزعات الطغيان والهيمنة والسيطرة على الآخرين.متى سينتهي تقاسم الجغرافيا والتاريخ المليء بكل الرذائل والسفاهات البشعة، ومتى ستنتهي نزعات الاستئثار والاستحواذ والإقرار بالتملك الخاص لكل ما هو عام لكل البشر ونتاج عملهم جميعا، متى سنضع حدا لفساد الاخلاق والضمائر ولعنة السياسة، متى ستسود قيم العدل والاخاء والمساواة بين الناس، وكيف يمكن ان نعمر الارض ونجعلها جنتنا في الدنيا والآخرة، كيف نؤسس لقواعد وضوابط الاتباع بعيدا عن القسرية والجبرية ولايمكن ان يتحقق ذلك كله الا مرة واحدة وفي العالم كله دون استثناء.هذه الاسئلة وغيرها هي ما نحتاج اليوم الاجابة عليها عبر مختلف قنوات الاعلام والثقافة والمعرفة، حتى لو كانت قد طرحت من قبل آلاف السنين، فتكرار طرحها والاجابة الصحيحة عنها هي وحدها يمكن ان تضعنا امام منعطف تاريخي مطلوب وبالحاح، لان مآسي البشر ما زالت تتكرر وان كانت بصورة اخرى ومازال الناس اسيري جهلهم وتخلفهم ومازالوا يدورون في نفس الطاحونة التي استهلكت اعمارهم واعمار من كانوا قبلهم دون جدوى، ودون تغيير حقيقي وجذري في مسارات حياتهم ونمط تفكيرهم.كثير من الاجابات على الاسئلة المطروحة تناولتها الكتب السماوية والارضية، والعديد من المنظرين والمفكرين والفلاسفة والعلماء، ولكن تظل الاشكالية محدودية وعي الناس بهذه الاجابات، وعدم انتقال هذه الآراء والافكار الى حيز التطبيق والتنفيذ والممارسة الاجتماعية الواسعة، رغم ظهور التنظيمات الاممية ومنظمة الامم المتحدة ومختلف الاطر والاشكال النضالية المدنية المتعددة، الا ان امل الشعوب والمجتمعات قريب في صناعة عالم انساني جديد، عالم متحرر من عقد الماضي وافكاره المسبقة وازالة كل اثر للدولة القمعية حيث وجدت، ليسود السلام والوئام كل مناطق العالم، والعقل البشري يراهن على كل المعطيات المتوفرة.