شخصيات خالدة
كوامي نكروما زعيم غاني مناضل استطاع أن يعبر ببلاده من بين براثن الاستعمار البريطاني، فحقق لها الاستقلال في 6 مارس 1957م، بالإضافة إلى أنه أول رئيس لجمهورية غانا في الفترة مابين 1960 – 1966م، هذا إلى جانب دعوته وتحمسه من أجل إقامة الوحدة الإفريقية فكان أحد الزعماء المؤسسين لها بجوار كل من الرئيس المصري جمال عبد الناصر والإمبراطور الإثيوبي هايلي وذلك في 25 مايو 1963م.ولد نكروما في عام 1909م في نكرتول بغانا، وتخرج بدار المعلمين في العاصمة الغانية أكرا، وعقب تخرجه منها عمل أستاذاً لعدد من السنوات، وفي عام 1935 أنتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة فالتحق بجامعة لنكولن حيث درس بها عدد من العلوم مثل الاقتصاد وعلم الاجتماع، ثم انتقل لجامعة بنسلفانيا حيث أكمل علومه فدرس التربية والفلسفة.ولم يكتفي نكروما أثناء تواجده بأمريكا بالدراسة فقط بل كانت له مساهمات واضحة في النشاطات الطلابية التي انضم إليها، ونتيجة لنشاطاته هذه تم انتخابه رئيساً لمنظمة الطلاب الأفارقة في أمريكا. ومن أمريكا إلى بريطانيا حيث انتقل نكروما مرة أخرى في عام 1945م وكانت وجهته هذه المرة بريطانيا فقام بالالتحاق بمدرسة الاقتصاد بلندن، وكانت له هناك أنشطته الطلابية أيضاً فتم انتخابه رئيساً لاتحاد طلبة غرب إفريقيا كما أصبح أحد أمناء المؤتمر الإفريقي الخامس الذي عقد في مدينة مانشستر.بعد أن أخترق نكروما المجال السياسي من خلال قيادته للأنشطة الطلابية في كل من أمريكا وبريطانيا وبعد أن حصل على عدد من الشهادات الدراسية وتعرف على علوم جديدة عاد إلى غانا في عام 1947م محملاً بعلومه وبخبرته السياسية حيث بدأ حركة التحرر الوطني من خلال مؤتمر ساحل الذهب الموحد الذي قام بقيادته حيث أصبح أميناً عاماً له بعد عودته من الخارج مباشرة، وعمل نكروما كثيراً من أجل استقلال بلاده فبدأ في الكفاح من أجل هذا وبدأ دوره النضالي يبرز فتم اعتقاله في عام 1948م بعد إحدى المظاهرات القوية التي قام بها الشعب من أجل المطالبة بالاستقلال وكان هو أحد رموزها.وفي عام 1949م قام نكروما بتأسيس «حزب المؤتمر الشعبي» وذلك من أجل تحقيق الحكم الذاتي للبلاد، فتم اعتقاله مرة أخرى في عام 1950م وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وفي خلال فترة تواجده بالسجن فاز حزبه بالانتخابات البلدية والعامة، كما حقق هو فوز بأغلبية ساحقة بدائرة أكرا وذلك على الرغم من تواجده في السجن، ولم تجد السلطة البريطانية بداً سوى إطلاق سراحه فتولى رئاسة الوزراء عقب خروجه من السجن في مارس 1952م.وفي الانتخابات البرلمانية التي جرت ما بين عامي 1954-1956 حصد حزبه أغلبية مقاعد البرلمان، وبعد رحلة طويلة من النضال تمكن الزعيم نكروما من تحقيق الاستقلال لغانا وذلك في السادس من مارس عام 1957م وأصبحت دولة اشتراكية، وفي عام 1960م تم إقرار دستور جمهورية غانا، وتم انتخاب نكروما كأول رئيس جمهورية لها بعد حصولها على الاستقلال، وتم إعادة انتخابه مرة أخرى في عام 1965م .عمل نكروما من خلال رئاسته لغانا على تنمية الاقتصاد فعمل على تحسين ظروف المعيشة وطور التصنيع كما أدخل برامج للصحة والضمان الاجتماعي، وطور نظام التعليم، وبدأ سلسلة من العمل المتواصل من أجل إعادة بناء البلاد وتطويرها. وفي عام 1959 قام نكروما بتأسيس اتحاد بين كل من غانا وغنيا وذلك مع الرئيس الغيني أحمد سيكوتوري وذلك لكي يكون هذا الإتحاد نقطة البداية لإتحاد إفريقي موسع يشمل الكثير من الدول الإفريقية الأخرى، ولكن فضلت عدد من الدول الإفريقية أن يكون هناك منظمة جامعة للدول الإفريقية، وبالفعل تأسست منظمة الوحدة الأفريقية في الخامس والعشرين من مايو 1963م بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا. واجه نكروما عدد من المعارضين لأفكاره وتوجهاته في رئاسة البلاد فقام الجيش بانقلاب واستولى على السلطة عندما كان نكروما في زيارة لفيتنام فأطاح به الجيش في عام 1966م، لجأ نكروما إلي غينيا وقابله رئيسها أحمد سيكوتوري باستقباله بالحفاوة والترحيب حتى أنه قام بإعطائه منصب رئيس الجمهورية فخرياً، ومن غينيا بدأ سيكيورتي يحفز الشعب الغاني من أجل الانقلاب على النظام العسكري والمطالبة بعودة نكروما للحكم مرة أخرى.وبالفعل مرت البلاد بعد ذلك بمرحلة من التدهور وعدم الاستقرار وجاءت المطالبات بعودة نكروما مرة أخرى إلي سدة الحكم وذلك نظراً لإنجازاته العديدة التي قام بها في البلاد أثناء فترة حكمه لها، لكن القدر لم يمهله كثيراً لكي يسترد حكمه مرة أخرى فلقد سيطر عليه المرض وتوفي في رومانيا في 27 إبريل عام 1972م، ودفن أولاً في غينيا ثم تم نقل جثمانه ليدفن بموطنه غانا.قام نكروما بكتابة عدد من المؤلفات نذكر منها : أتكلم عن الحرية، يجب أن تتحد أفريقيا، الاستعمار الجديد، تحدي الكونغو، وفي كتاب أخر بعنوان « غانا» قام بتناول سيرته الذاتية.