فخامة الرئيس اليمني / علي عبدالله صالح و الرئيس المصري / حسني مبارك
صنعاء/ سبأ: محمد الغراسى:تتميز العلاقات اليمنية المصرية بخصوصية قلما نجدها فى العلاقات الدولية الثنائية ، وهى خصوصية تجعل هذه العلاقات قادرة على الاحتفاظ بطابعها الخاص فى مواجهة الكثير من المتغيرات والتطورات على واقع العلاقات الدولية، وتشكلت هذه الخصوصية فى العلاقات اليمنية المصرية ، من تداخل عدة عوامل ارتباط .ابرزها العامل التاريخى والثقافى . والعامل الاستراتيجى والامنى. فالعلاقات بين البلدين .تستند الى تراكم حضارى وتاريخى كبير فى التفاعل بين الشعبين و بين السلطات فى البلدين .وهذا التراكم الحضارى والتاريخى كان نتيجة حتمية للعديد من الحقائق والوقائع السياسية والاقتصادية والجغرافية.وأكدت الخبرة التاريخية للعلاقات اليمنية المصرية.وجود نمط ثابت حكمها فى الماضى وما زال يحكمها فى الحاضر . اذ لعبت مصر كدولة وكشعب وكجغرافيا ادورا اساسية ومهمة فى التاريخ اليمنى .لعل ابرزها الدور المصرى فى دعم الثورة اليمنية ماديا ومعنويا . وصل الى حد المساهمة بالسلاح والدم.وقد كان هذا الدعم حاسما فى صيانة وبقاء النظام الجمهورى فى اليمن.من ناحية اخرى .كانت مصر بحجمها وبواقعها الجغرافى والثقافى والسكانى مرتكزا حضاريا اساسيا فى المنطقة العربية .ومنبعا حضاريا وثقافيا استقت منه بقية دول المنطقة و منها اليمن . وتعد العلاقات الثقافية احد ابرز عوامل الارتباط بين اليمن ومصر.وهى علاقات كانت دائما بعيدة عن تأثير الظروف والعوامل السياسية والاقتصادية .فقد حافظ الاتصال الثقافى بين اليمن ومصر على مستوياته المرتفعة وعلى تأثيره على علاقة الشعبين وعكس نفسه ولو بدرجة قليلة على علاقة البلدين السياسية.ويظل البعد الاستراتيجى والامنى .العنصر الاساسى ونقطة الارتكاز .ومحور اهمية العلاقات اليمنية المصرية .فالبلدين يمسكان بالبوابتين الشمالية والجنوبية للبحر الاحمر.وبذلك فهما يمتلكان مفتاحى طريق التجارة الدولية المؤدى الى 65بالمائة من مخزون موارد الطاقة العالمية. وجعل هذا النوع من الارتباط بين اليمن ومصر. الوظيفة الامنية هى الركيزة الاساسية للعلاقات بين البلدين 0فأى حدث يشهده اليمن ينعكس بالضرورة وبطريقة او باخرى وبدرجة أو باخرى على مصر والعكس صحيح . وأى تدهور او تراجع فى العلاقات اليمنية المصرية، سيترتب عليه اضرارا وتهديد للامن القومى اليمنى والمصرى. وبناء على هذا الارتباط .سارت العلاقات السياسية بين اليمن ومصر بثبات .على الرغم من الاهتزازات والاختلالات التى مرت بها 0 اذ سرعان ما تعود الى طبيعتها بمجرد زوال المؤثرات الخارجية التى عكرتها . فقد مرت علاقات البلدين بمراحل مختلفة وبتقلبات عديدة الا انها ظلت تحت سقف واحد لم تتجاوزه . اذا لم يحصل أى انقطاع فى الاتصالات السياسية بين البلدين على مختلف المستويات. وهذا ماتؤكده القفزات النوعية المفاجئة على طريق العلاقات الثنائية بين البلدين. فقد كان هناك ومايزال تفهم مصرى لواقع الحال اليمنى . وفى المقابل هناك تفهم يمنى بان السياسة المصرية تحكمها وتحددها عوامل وضغوط اقتصادية وسياسية. فى ظل اقتناع من البلدين بأن هناك أطرافاً تسعى بكل جهدها لافساد وتحجيم العلاقات بينهما. وفى ظل الاتصالات المكثفة والمباشرة بين القيادات فى البلدين لاسيما على مستوى القمة. فمن الواضح أن الزعيمين على عبد الله صالح ومحمد حسنى مبارك على قدر جيد من الصراحةوالوضوح والشفافية التى تؤهلهما لاستيعاب فحوى الامر0 ومقتضيات الظرف المرحلى. او أى مستجدات على الصعيدين العربى والدولى. وقد عكس الثبات الاستراتيجى الذى تتمتع به العلاقات اليمنية المصرية عكس نفسه .من خلال العديد من المواقف. فالمصريون ضحوا بأمنهم من أجل الثورة اليمنية . واليمن ضحى بأمنه فى باب المندب وأغلقه فى حرب 73. و كان لليمن موقف مع مصر اثناء فترة المقاطعة العربية لها بعد مؤتمر بغداد، فقد رفضت اليمن هذا الامر مصرة على انه لاينبغى أن تنعزل مصر عن الجسد العربى.وظلت علاقات اليمن ومصر ممتازة . حتى عادت مصر الى الحظيرة العربية . و نسق البلدان مواقفهما وسياساتهما .سواءا على مستوى اللجان المشتركة أو الرؤية اليمنية المصرية حول البحر الاحمر.أو فى قضايا تتعلق بالصومال والحرب الارتيرية الاثيوبية والمنظومة العربية وكذا النجاح فى عقد المؤتمر الاول فى مصر للقمة العربية التى انتظمت فيما بعد بمبادرة يمنية لقيت الدعم والتأييد المصرى .ثم التنسيق والتفاهم اليمنى المصرى. فى مسألة ترشيح أمين عام للجامعة العربية .كما انعكس ذلك الثبات . على باقى المجالات والنشاطات فى علاقات البلدين ، فبعد ان تجمد نشاط اللجنة العليا المشتركة للتعاون الاقتصادى والفنى بين البلدين بعد أن كانت قد عقدت دورتين0 الاولى بالقاهرة فى أكتوبر 1989م.والثانية بصنعاء فى مارس 1990م..استأنفت اللجنة نشاطها فى يونيو 1996م أذ عقدت دورتها الثالثة بالقاهرة للفترة 4-6 يونيو 1996م . ثم تلتها الدورة الرابعة بصنعاء فى الفترة 10-11 ديسمبر 1997م. والدورة الخامسة بالقاهرة فى الفترة 17-19 يونيو 1999م.وتخلل ذلك توقيع الطرفين فى 21 مارس 1996م على اتفاقية تعاون أمنى بينهما. وشهد عام 2004 انطلاقة جديدة فى العلاقات المصرية اليمنية بعد زيارة الرئيس على عبد الله صالح الى مصر والتى ساهمت فى تعميق وتكثيف شبكة المصالح المتبادلة فى جميع المجالات بين البلدين. حيث تم فى أطار التحسن الذى شهدته العلاقات المصرية اليمنية الاتفاق على استئناف انعقاد اللجنة العليا المشتركة بين الجانبين.كما تم أيضا الاتفاق على استئناف جولات الحوار الاستراتيجى المصرى اليمنى عقدت اخر جولات هذا الحوار بمقر وزارة الخارجية بالقاهرة فى فبراير 2002 برئاسة مساعدى وزير الخارجية فى البلدين.وخلال هذه الفترة ايضا أى من عام 1996 . حصل نوع من الحراك فى العلاقات الاقتصادية بين البلدين . فقد بلغت الصادرات المصرية الى اليمن حوالى مليارين ونصف ريال يمنى فى عام 1997م.ثم ارتفعت فى عام 1999م الى ما يزيد عن 5 مليارات ريال يمنى . وكذلك الامر بالنسبة للصادرات اليمنية الى مصر والتى تكاد تعادلها تقريبا. وفى عام 2003 .بلغ حجم التجارة بين البلدين حوالى 82 مليون دولار بميزان تجارى لصالح مصر بمقدار 60 مليون دولار. وبلغت الاستثمارات اليمنية فى مصر 605 ملايين جنيه مصرى فى حين لم تتعدى الاستثمارات المصرية فى اليمن 500 مليون دولار.وفى عام 2005 تجاوز التبادل التجارى بين البلدين 100 مليون دولار. ومع كل ذلك تبقى العلاقات الاقتصادية بين البلدين متواضعة بالقياس الى العمق التاريخى للعلاقات بين البلدين .وتميز هذه العلاقات سياسيا وثقافيا .ولما لها من بعد واهمية استراتيجية . الخلاصة يمكننا القول ان مستقبل العلاقات اليمنية المصرية.يؤكد ان هذه العلاقات ستتقدم الى الافضل . فالبلدان سيبذلان جهودا اكبر لتحسينها وتطويرها سياسيا واقتصاديا وثقافيا وذلك يعود أولا لعدم وجود سبب يمنع قيامهما بذلك وثانيا لارتباط امن البلدين الاستراتيجى وفى البعد الاقتصادى يمكن للجنة العليا المشتركة للتعاون الاقتصادى والفنى بين البلدين أن تقوم بدور أكبر بكثير مما هو عليه الان مستفيدة من المقومات الخاصة بكل بلد وتعمل على التوفيق بينها لاسيما وان اليمن حريصة على اجتذاب المستثمرين المصريين لتوجيه استثماراتهم نحوها سواء فى الصناعات الدوائية أو السمكية.وصناعة النسيج وفى مجال السياحة والفندقة وغيرها مما تهيأت له المناخات المناسبة جدا فى اليمن.