الشاعر التركي عادل أوكاي لـ ( 14 اكتوبر ) :
حوار: مصطفى بدوييعد الشاعر التركي عادل أوكاي واحداً من أهم الأصوات في الراهن الشعري بتركيا كما أن اسمه يتردد بين أوساط الشعراء العرب باعتباره الأقرب إلى جغرافيتنا الشعرية وهمومنا الإنسانية كتب ما يفوق عن 11 كتاباً موزعاً بين قارات فنية متعددة شعر- مسرح- قصة- فوتوغرافيا.. الخ وتمكن من الانتشار في الأوساط الثقافية العربية بفضل انفتاحه على لغات وتجارب أخرى ثقافياً ووقوفه في خندق السلاح إلى جانب المقاومة الفلسطينية أثناء حصار بيروت في بداية الثمانينيات إنسانياً إضافة إلى تجربته الطويلة في المنفى الباريسي الشيء الذي شكل اسم عادل أوكاي كتجربة شعرية مضيئة في سماء الشعر التركي المعاصر.وفي هذا الحوار سنحاول أن نقترب من هموم هذا الشاعر لمعرفة الأخاديد التي قطعها وهو يهاجر بالشعر التركي إلى أقاصي اللغات.- من خلال مسارك الشعري كيف لك أن تحدد لنا الشعر؟- الشعر هو الكلام واللون والصوت والأوكسجين أنه الروح والموضوع والجمالية هذه العناصر هي ولاعة القصيدة الشعر هو طريقة حياة من خلاله نتنفس نرى نتكلم وننصت بعد ذلك نمزج كل شيء بما في داخل الروح كي نضيء بما تعلمنا عتمتنا الداخلية في لحظة ما نصوغ شعريا كل ما يجرحنا ما يمسنا الحزن الفرح إنها الاستعارة أنه الشعر.لكن هذا المزيج يتم بطريقة جمالية الشعر أسلوب تعبير أسلوب تمرد سواء تعلق الأمر بالحب أو الحرب أو السلام أو بكل ما يتعلق بالحياة.- بين أنطاكية ومعسكرات المقاومة الفلسطينية في لبنان في بداية الثمانينيات كتبت قصائد ملتزمة ماذا تقول عن الالتزام الشعري والسياسي الآن؟- شخصياً أنا ابن شاعر يمكن وصفه بالملتزم والدي هو الشاعر سليمان أوكاي الذي خلف وراءه كتبا عديدة وكان من أوائل مثقفي اليسار في أنطاكية كان شاعرا وكاتبا في مدينة نصفها مشكل من العرب ونصفها الآخر من الأتراك أمي عربية وأبي تركي والدي عاش دائما إلى جانب العرب والطبقات الفقيرة كان الحب والعدل رنتيه اللتين بهما يتنفس وعلى اثر كل انقلاب كان يعتقل هكذا كبرت في بيئة مثقفة لكن الوضع لم يكن دائما شعريا مفروشا بالورود لقد كان الرعب والقلق اللذان عشتهما منذ طفولتي يطاردانني باستمرار الرعب النابع من الوطنية التركية من جهة ومن السلطة القمعية من جهة ثانية تلك السلطة التي اغتالت مثقفين كثيرين وكنت خائفاً أن يأتي دور والدي إذا كان لدي امتياز الانتماء إلى عائلة مثقفة وبالمقابل كنت أعاني من مركب الرعب النابع من الخوف على مصير والدي نشرت أول قصيدة لي في أنطاكية وأنا في سن الخامسة عشرة وصفت فيها عمتي وهي تحضر لنا الجبن وتحذرنا من أن نأكله قبل الخبز على أمل أن نقضي فصل الشتاء ونحن نقتات على هذه المؤونة وبالمناسبة الجبن واللحم كانا امتيازاً نادراً.إذا كما قال غرامشي وهو يتحدث عن المثقف إننا مجبرون على الالتزام فعندما يحترق البيت لا يمكنك أن تقرأ قصيدة حب نفس الشيء بالنسبة لبيت جارك ليس لأننا أتراك أو فرنسيون أو مغاربة نحن ننتمي في النهاية إلى هذا العالم ومعاناة البشر أينما كانوا هي معاناتنا بشكل أو بأخر طبعاً كتبت قصائد حول الحب وحول الأطفال انظر للسورياليين الفرنسيين خلال الحرب العالمية الثانية لقد كتبوا قصائد واقعية واجتماعية بعبارة أخرى كتبوا الواقعية الاشتراكية شاؤوا ذلك أم أبوا حتى أثناء الحروب وهيمنة النازية والاحتلال الإسرائيلي تظل هناك اختلافات بين الأغنياء والفقراء الأغنياء اليهود عانوا هم الآخرون لكن الكثير منهم نجا بفضل المال لننصت إلى شاعر نموذجي أنه محمود درويش كان شاعرا يناهض الاحتلال الإسرائيلي والحركة الصهيونية وفي نفس الوقت كان يميل إلى صف البروليتاريا دون ذكر لهذه التسمية أنه شاعر واقعي معاصر يقول مثلاً: وأخوتي يكدحون في المنجم الخ لقد كان يرى أنه داخل الفلسطينيين أنفسهم هناك البورجوازي وهناك البروليتاري هناك فقراء وهناك أغنياء هناك ظلم بطالة الخ هل كان محمود درويش ملتزما؟ أستطيع الجواب بالإيجاب والسلب في نفس الوقت في نظري الكل في هذا العالم ملتزم بشيء ما حتى وأن كنا لا نهتم .