رئيس تحرير ( 14 اكتوبر ) في حوار مفتوح على شبكة «الانترنت» :
عدن / فاطمة رشادشكك الأخ أحمد الحبيشي رئيس مجلس الإدارة رئيس تحرير في جدية ومصداقية المطالب التي ترفعها أحزاب المعارضة المنضوية في إطار (اللقاء المشترك) بشأن إلغاء وزارة الإعلام كشرط لحماية الحريات الإعلامية في نظامنا الديمقراطي التعددي، مشيرا ً إلى أن الذين يطالبون اليوم بإلغاء وزارة الإعلام في (اللقاء المشترك ) غير جادين، لأنهم ينطلقون من مكايدات ومزايدات سياسية آنية ، ولسوف يعيدونها أو يبقون عليها إذا وصلوا إلى السلطة بعد الانتخابات القادمة، وخصوصا حزب (الإصلاح) الذي سيضيف إلى جانب وزارة الإعلام، وزارة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالإضافة إلى شرطة دينية لقمع الحريات تحت مسمى حماية الفضيلة ومحاربة المنكرات . جاء ذلك في حوار مفتوح مع زوار منتدى رابطة ( جدل ) الثقافية التي استضافته على شبكة الانترنت ، مؤكدا أن أحزاب اللقاء المشترك لو كانت جادة فعلا في المطالبة بإلغاء وزارة الإعلام لطالبت بإعادة بناء النظام الإعلام الوطني . واضاف قائلا ً : (أراهن بكل ما أملك على أنهم لن يطالبوا بذلك لأن مشروعهم الحقيقي بعد وصولهم إلى السلطة يتعارض مع تغيير الأسس الدستورية والقانونية للنظام الإعلامي الوطني باتجاه مزيد من الحرية والتعددية والتنوع والانفتاح، لأنهم يخططون لإقامة نظام شمولي لا مكان فيه للتعددية والتنوع والرأي والرأي الآخر).وفي معرض رده على سؤال من أحد زوار المنتدى حول الاتهامات التي توجهها أحزاب المعارضة إلى الصحف الحكومية بانحيازها إلى الحزب الحاكم ضد الأحزاب الأخرى رغم أنها ممولة من دافعي الضرائب قال الحبيشي إن الأحزاب يتم تمويلها وتمويل صحفها وامتيازات قياداتها ومرافقيهم من أموال دافعي الضرائب أيضا ..أما معالجة إشكاليات منظومة الإعلام الوطني فلا تتم بهذا التبسيط، وأكد على أهمية إعادة بناء النظام الإعلامي الوطني على أسس ديمقراطية ودستورية جديدة تكفل التنوع والتعدد والحرية إذا أردنا معالجة الاختلالات في البيئة الإعلامية المحلية بدون انتقائية أو تصفية حسابات سياسية، لأن أي حزب يصل إلى السلطة سيفعل بوسائل الإعلام الرسمية ما يفعله الحزب الحاكم اليوم طالما بقيت منظومة الإعلام الوطني تشتغل وفق القواعد والآليات والمفاعيل الحالية .ودعا الحبيشي في هذا الحوار المفتوح عبر شبكة الانترنت الصحافة الحزبية إلى التخلص من خطابها الأحادي الشمولي ، وتحرير هذا الخطاب من الطابع الدعائي التحريضي الكيدي الذي سيرتد عليها سلبا ً من الناحيتين السياسية والمهنية . كما شدد على أن الصحافة الرسمية معنية بتحديث تقنياتها ، وتطوير أساليب وأدوات عملها ، وتجديد خطابها الإعلامي ، والتحرر من رواسب الشمولية التي تعيق استجابتها لتحديات التعددية والتنوع والانفتاح في البيئة الإعلامية الجديدة محليا ً وعالميا ً .وردا على سؤال حول تقييمه لحال الصحافة اليمنية الراهنة قال الحبيشي إن ما يلفت الانتباه في حال الصحافة اليمنية في الوقت الراهن هو غلبة الخطاب الدعائي التحريضي ضد الآخر ، وأعرب عن أمله في أن لا يستمر هذا الحال طويلا لأن أضراره خطيرة على المهنة وقيمها.وأضاف قائلا ً : ( إنّ أخطر ما يشوه الصحافة ويهدد حريتها ويصيبها في مقتل، هو أن تتحول الصحيفة إلى متجر مفلس يبحث عن ممول، وأن تسقط الفوارق بين الصحافي والمرابي، وأن تتحول الكتابة الصحفية إلى مسلخ لتجهيز أباطيل وافتراءات ووشايات كاذبة لا يجيدها سوى الكتبة المحترفين من ذوي السوابق في سلخ التقارير الأمنية) محذرا من أنه حين تتحول الصحيفة من منبر للنقاش والحوار إلى إسطبل للرفس والخوار يبدأ العدوان الحقيقي على حرية الصحافة .وتحدث الحبيشي عن واقع التعددية الإعلامية في بلادنا مشيرا إلى أن القبول بالتعددية والتنوع انحصر بعد الوحدة في الجوانب الشكلية من حيث إطلاق الإصدارات الصحفية للأفراد والأحزاب على نحوٍ عشوائي لا يمتلك أطراً مؤسسية، وتقاليد مهنية ومنظومات قيمية تستجيب لتحديات المرحلة الجديدة ، وهو ما ينطبق أيضاً على الممارسة الإعلامية الصادرة عن وسائل الإعلام الحكومية والأحزاب السياسية والأفراد على حدٍ سواء، حيث ظل الطابع التعبوي الذي ينزع نحو التحريض والمكايدة والمجابهة ، قاسماً مشتركاً بين جميع اللاعبين في البيئة الإعلامية اليمنية الجديدة. وحذر الحبيشي من تغوُّل الطابع التعبوي التحريضي في البيئة الإعلامية الداخلية ـــ سواء من ناحية الخطاب أو من ناحية الممارسة ـــ مشيرا إلى أن الطابع التحريضي التعبوي للخطاب الإعلامي الرسمي والمعارض ألحق أضراراً كبيرة بالتقاليد والأخلاق المهنية، وتسبّب في تشويه المفاهيم المرتبطة بالتعددية ، وفي مقدمتها حرية الصحافة وحرية التعبير وحرية الحصول على المعلومات، كما أدى في الوقت نفسه إلى تغييب قيم المسؤولية والموضوعية والصدق، والتعدي على حقوق الغير باسم الحرية ، حيث أسهم تراكم هذه السلبيات في تكريس عدد من الاختلالات التي تعود إلى الاعتقاد الخاطئ بأنّ الحرية الإعلامية مطلقة وبلا حدود ، وأنّ اللجوء إلى القانون يشكل قيداً وعدواناً على الحرية. ولدى إجابته على سؤال من أحد زوار المنتدى حول طبيعة هذه الاختلالات قال الحبيشي إن الوجه الأبرز لاختلالات وتشوّهات البيئة الإعلامية المحلية يتجلى في غياب المهنية وسيادة الفوضى وتجويف التعددية وتجريد مفهوم الحرية الإعلامية من الوظيفة الأساسية للتعددية ، بما هي حافز لتفعيل التنوع وإطلاق ميكانيزمات التنافس الحر، وإغناء الممارسة العملية وإثراء الفكر وتنويع طرق النقاش والحوار والبحث عن الحقيقة التي لا يحتكرها أحد . بيد أن أخطر هذه الاختلالات والتشوّهات يتمثل في غياب المأسسة والاستقلالية في الإصدارات الصحفية، وضعف آليات توزيعها ، وغلبة الطابع الدكاكيني الفردي لملكيتها وإدارتها، والتهاون في تطبيق قانون الصحافة والمطبوعات عند صرف تصاريح الإصدارات الصحفية ، حيث أصبح بوسع الدخلاء والأدعياء التسلل إلى ميدان الصحافة من بوابة الناشر ـــ رئيس التحرير، تمهيدا لإصدار مطبوعات صحفية تفتقر إلى أبسط الهياكل المؤسسية والإدارية والفنية والمالية ، التي يعد وجودها ضروريا لضمان حقوق العاملين فيها، و تنمية قدراتهم الإبداعية ، وتأصيل وتطوير مهاراتهم المهنية.وفي سياق إجابته على سؤال من إحدى الزائرات التي وصفت قانون الصحافة والمطبوعات بأنه يحاصر الصحف الحزبية والأهلية ، قال الحبيشي : (أود الإفادة بأنني كنت رئيسا للجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب عندما كنت عضوا في هذا المجلس خلال المرحلة الانتقالية بعد قيام الوحدة ، وقد ترأست شخصيا اللجنة البرلمانية التي ناقشت هذا القانون مع الحكومة ممثلة بوزير الإعلام وقيادة الوزارة آنذاك، ومع ممثلي الأحزاب ونقابة الصحفيين ممثلة بالأخ عبدالباري طاهر نقيب الصحفيين آنذاك . وبوسعي القول إن هذا القانون جاء ثمرة لحوار وطني مشترك بين كافة القوى السياسية في السلطة ممثلة بالمؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني من جهة وبين المعارضة ونقابة الصحفيين ومجلس النواب من جهة أخرى .. حيث كانت القوى السياسية الفاعلة تحظى بتمثيل متوازن في مجلس النواب والحياة السياسية عموما خلال المرحلة الانتقالية. ) [c1]ومضى يقول :[/c]( بتأثير كل ذلك احتوى القانون نصوصا توفر ضمانات لحماية حرية الصحافة ، سواء من مخاطر القمع الذي يهددها من خارجها، أو من مخاطر الانحراف من داخل هيئات تحرير الصحف الرسمية والحزبية والمستقلة عن القيم المهنيــة ، والتعدي على حرية الآخرين ..ولئن كان التهاون في تطبيق القانون من قبل الحكومة ممثلة في وزارة الإعلام ـــ طوال السنوات الماضية منذ صدوره في مطلع التسعينات ـــ سببا ً في بروز بعض الانحرافات والممارسات الخاطئة التي تسيء الى حرية الصحافة من قبل السلطة أو وسائل الإعلام و الصحف الرسمية و الحزبية والأهلية ، فإن ذلك لا ينفي مسؤولية الحكومات المتعاقبة عن هذا التهاون ، بما هو إسهام في تغييب أو إضعاف سلطة القانون التي تعد شرطا ً أساسيا ً لضمان تطور العملية الديمقراطية وحمايتها بشكل عام ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تفعيل سلطة القانون عبر القضاء كان ـــ ولا يزال ـــ يتم بصورة انتقائية ، وتبعا ً للظروف التي تسودها أزمات أو تجاذبات سياسية وحزبية حادة، الأمر الذي أضعف سلطة القانون بسبب المعايير الانتقائية والدوافع الاستثنائية التي ترتبط باللجوء إلى قانون الصحافة والمطبوعات في بعض الأحيان ) .ويرى الحبيشي أنه بتأثير كل ذلك أصبح عدد كبير من الصحف الحزبية والأهلية المستقلة منابر دعائية لخطاب أحادي وتحريضي وإقصائي بامتياز . فيما تحولت غالبية الصحف المستقلة إلى إصدارات شخصية تفتقد الاستقلالية بحيث يبدو خطابها الإعلامي نسخة طبق الأصل للخطاب السياسي والإعلامي للحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة، ناهيك عن أن بعض هذه الاصدارات الفردية يصدر بشكل غير منتظم من منازل ناشريها ، الأمر الذي جعل مقرات هذه الإصدارات أشبه بشقق مفروشة و متاجر معروضة للتأجير في أسواق التمويل السياسي ومواسم التجاذبات والاستقطابات الحزبية، بدلاً من أن تكون مدارس لتعليم الخبرة واكتساب المهارات المهنية.. فغابت عنها وعن العاملين فيها أخلاقيات وقيم العمل الصحفي، الأمر الذي جعل مخرجات الجزء الأعظم من مكونات البيئة الإعلامية المحلية ـــ باستثناء عدد قليل من المؤسسات الصحفية الحكومية والحزبية والمستقلة ـــ تفتقر إلى المهنية و الكفاءة والجودة ، نتيجة لعدم توافر الإبداع وغياب الآليات المؤسسية الإدارية التي تنظم النشاط الإعلامي في شقه الإبداعي،وتكفل له عوامل النمو الاستمرار.وفي معرض إجابته عن سؤال حول ما تسمى القضية الجنوبية قال الحبيشي إن هناك أطرافا عديدة في السلطة والمعارضة مسئولة عما يحدث في المحافظات الجنوبية التي ما زالت تعاني من الإفرازات السيئة لحرب صيف 1994 ، مشيرا إلى أن عدم معالجة الآثار السلبية لتلك الحرب فتح الطريق لاستثمارها سياسيا من قبل أطراف معينة في السلطة والمعارضة على حد سواء ، خصوصا عندما أخطأت بعض قوى السلطة في التقليل من خطورة استمرار المخرجات السلبية لتلك الحرب ، والتهاون في معالجتها استنادا إلى حسابات خاطئة .. وبالمقابل فإن أحزاب المعارضة المنضوية في إطار ( اللقاء المشترك ) أخطأت حين راهنت بعد فشلها المريع في الانتخابات الرئاسية والمحلية لعام 2006 ، على إمكانية تصفية حساباتها مع الحزب الحاكم وتمهيد الطريق للوصول الى السلطة ، من خلال خيار اللجوء إلى الشوارع المفتوحة على الهواء والغبار والرياح والأشباح في آن واحد. فوجدت نفسها رهينة في هذه الشوارع التي دخلت على خطوطها المفتوحة قوى مشبوهة ومشاريع ميتة وغبار يعمي الأبصار ، ونزعات انتقامية تحرض على تعميم ثقافة الكراهية في أوساط المواطنين ، وما يترتب على ذلك من مخاطر جدية تهدد وحدة النسيج الوطني للدولة والمجتمع .ولدى إجابته على عدد من الاسئلة التي تركزت حول الفساد وضرورة محاربته والاتهامات الموجهة للسلطة بالفساد قال الحبيشي إن الفساد ليس فقط مشكلة عالمية بل مشكلة تاريخية في مختلف العصور ، منوها بأن الأديان والكتب السماوية تحدثت عن الفساد والافساد في الأرض، وجاءت بشرائع وتعاليم وقيم لوقف طغيان الفساد والفاسدين.[c1]واضاف الحبيشي قائلا :[/c]( من المهم الإشارة إلى أن الفساد لا يحارب بالكلام والشعارات والمزايدات السياسية والانتخابية والمكايدات الحزبية . ومن السهل أن يتبادل السياسيون تهم الفساد وبعضهم غارق في الفساد حتى أذنيه ، بل من السهل على الفاسدين رفع شعارات محاربة الفساد بقصد التضليل والتمويه و الدفاع عن أنفسهم وشن حرب مضادة ضد من يحاربهم ويفضح فسادهم. وفي جميع الأحوال يجب محاربة الفساد من خلال آليات قانونية ورقابية ومحاسبية تتسم بالشفافية والصدق والنزاهة والعدالة، وعدم التهاون إزاء كل من يثبت تورطه بارتكاب جرائم نهب المال العام والخاص والإفساد في الأرض وتطبيق سلطة القانون عليه).وعندما أصر أحد الزائرين على معرفة رأي رئيس التحرير في ما يطرحه الخطاب الاعلامي لصحف الأحزاب المعارضة التي تنضوي في اطار (اللقاء المشترك ) حول فساد الحزب الحاكم قال الحبيشي: ( لا توجد لي صفة قانونية وشرعية تعطيني الحق في الحديث عن فساد الحزب الحاكم والأحزاب والمؤسسات العامة والخاصة عموما ، لأن هناك هيئات وأجهزة رقابية ومؤسسات قضائية أناط بها القانون هذه المهمة.. ومن المفيد أن تتحدث الصحافة عن الفساد ولكن يجب عليها أن لا تتحول الى محاكم ميدانية لتوزيع أحكام جاهزة ، أو إلى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات وتوزيع الاتهامات الباطلة بدون دليل .. علما بأن بعض الفاسدين الذين يتم إحالتهم إلى نيابة الأموال العامة والقضاء يلجؤون أحيانا إلى تكتيك خطير يسيء إلى الصحافة من خلال استخدامها للتضليل وتجميل صورة الفاسدين الحقيقيين وقلب الميزان رأسا على عقب حيث يتحولون من فاسدين متورطين بنهب المال العام ،وابتزاز الشركات والبنوك الخاصة والعامة الى مكافحين ضد الفساد.. كما أن هناك صحفا ترفع راية مكافحة الفساد ثم نجدها تدافع عن بنوك ومؤسسات خاصة أحيل القائمون عليها إلى القضاء بتهم فساد ونهب الأموال العامة والخاصة ).ولدى تعليقه على ملاحظة طرحها احد الزائرين حول تركيز الصحف الرسمية على تجميل صورة الأوضاع العامة وتقديمها في صورة وردية دائما ، وعدم قيامها بنقد وتعرية ،مواضع الخلل والفساد في عموم أجهزة الدولة قال الزميل احمد الحبيشي أن الأوضاع ليست سيئة وسوداء مطلقا وليست وردية أيضا ، مشيرا الى أن القول بأن صورة الواقع سوداء بالمطلق يعني أن الانسان في بلادنا خامل وغير مبدع .. وأعرب عن اعتقاده بأن الذين يتعاطون بموضوعية وصدق مع خطاب كهذا ، يشهدون بأن واقعنا ليس أسود وليس خاملا بدليل أن هناك من يرفض ماهو قائم ويطالب بالإصلاح بصوت عال .واضاف قائلا ً : ( مشكلتنا دائما في الأحادية الشمولية التي تزعم بأن الواقع وردي بالمطلق أو أسود وقاتم بالمطلق أيضا ، وهو عيب يعاني منه المجتمع السياسي والصحافة الرسمية والصحافة المعارضة على حد سواء ) .