شخصيات خالدة
ولد أحمد تمام في (20 من ديسمبر 1958م) في مدينة طنطا بمحافظة الغربية بمصر، وكان والده عبد الفتاح إسماعيل تمام من حُفاظ القرآن الكريم ومعلميه، ومن علماء القراءات المعروفين في طنطا، وكانت طنطا من الأقاليم المشهورة بعلوم القراءات وجودة حفاظ القرآن الكريم، وكان الجامع الأحمدي بطنطا من الجوامع المشهورة بتعليم القرآن الكريم، حتى قيل عن ذلك العلم أزهري والقرآن أحمدي، وكان يقضي بعضًا من وقته في ذلك الجامع؛ اعتقادا منه أن العلم يحتاج إلى نور حتى يكون فاعلا، وهذا النور لا يأتي إلا من الاتصال بالله تعالى. وكان للنشأة القرآنية أثرها الواضح في تكوين أحمد تمام، فوالده كان دائما ما يردد أحاديث عن القرآن الكريم وأهله وحكايات الحفاظ وطرائفهم ونوادرهم، كما كان زوار والده لا يخرج حديثهم عن تلك الأمور، وهو ما أثر في وجدانه منذ صغره، وجعل أذنه تطرب لأصوات القرّاء، كما اختزنت ذاكرته حكاياتهم ومواطن تفردهم في القراءة وطبيعة تميزهم والمدارس التي ينتمون إليها في التلاوة.. في هذه البيئة الطيبة حفظ "أحمد تمام" القرآن الكريم وبدأ تكوينه. سار أحمد تمام في تعليمه بطريقة طبيعية، وتخرج في قسم اللغة العربية بكلية التربية جامعة طنطا سنة (1981م)، وكانت مصر في تلك الفترة تتمتع بزخم ثقافي وسياسي، إضافة إلى انتشار حالة من الإحياء الديني العام، وهو ما أشاع جوا من الالتزام الديني والوعي الثقافي في المجتمع، وهو ما تأثر به "أحمد" ولازمه طوال حياته. ولم يتوقف طموحه العلمي عند تخرجه في قسم اللغة العربية بكلية التربية جامعة طنطا؛ فالتحق بكلية دار العلوم سنة (1992م) فحصل منها على درجة الليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية سنة (1993م)، ثم حصل على درجة الماجستير في قسم التاريخ والحضارة الإسلامية سنة (2005م) وكانت رسالته بعنوان التأليف التاريخي والحضاري في مصر، في زمن المماليك البحرية (784هـ) ، والتي أثارت إعجاب المتخصصين في التاريخ، الذين أكدوا على سعة اطلاعه وعمق بحثه التاريخي .وعمل بعد تخرجه في التدريس حوالي ست سنوات، وخلال تلك السنوات لم تنقطع صلاته بالعلم فقام بتحقيق بعض الكتب، وبعد تلك السنوات انتقل إلى القاهرة، حيث التحق بالعمل بشركة "سفير" للدعاية والنشر، واستطاع أن يلعب دورا مؤثرا ومحوريا في تأسيس وإصدار دائرة المعارف الإسلامية، حيث كان محرر الموسوعة، واستطاع أن يساهم بقوة في مسار الدائرة ومنهجها، فأولى اهتماما ملحوظا بتعريف القارئ المسلم والعربي بعيون الكتب والمؤلفات التي قامت عليها الثقافة العربية، وقد سبق البدء في الموسوعة جهد كبير في إعداد قوائمها، قام به "أحمد تمام" ومجموعة من الباحثين معه، وكان العمل في الدائرة يشغل غالبية وقته ويشغل حيزا كبيرا من تفكيره. وكانت الموسوعة أهم منجزاته -رغم أنها لم تكتمل حتى الآن- حيث بذل جهودا كبيرة فيها،مثَّل الكتاب أهمية خاصة عند "أحمد تمام" فقد كان عاشقا للكتاب اقتناء وقراءة واهتماما، وكان يعتبر الكتاب كائنا حيا لا بد من العناية به؛ لذا كان يقوم بتجليد غالبية الكتب الموجودة عنده على اعتبار أن ذلك يطيل عمر الكتاب، ويكسبه نوعا من الأناقة تدخل السرور على العين قبل أن تمتع العقل بما تحتويه. واستطاع خلال عمله بالموسوعة أن يُكوِّن مكتبة ضخمة للغاية للموسوعة، إضافة إلى مكتبته الشخصية الضخمة التي كانت تضارع بعض المكتبات الضخمة في بعض الكليات في مصر، فكان عاشقا للكتاب بمعنى الكلمة وفي ( 19من مايو 2006م) تسلل أحمد تمام -رحمه الله- راحلا عن عالمنا إثر أزمة قلبية حادة ومفاجئة؛ لتفقد مصر والعالم العربي واحدًا من علمائها النابهين المخلصين والذي أثرى المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات والمرجعيات التاريخية .