كاتب أمريكي يؤكد في كتابة المثير للجدل (التراث المسروق):
القاهرة/ 14 أكتوبر / سعد القرش: يعترض الكاتب الأمريكي جورج.جي.إم. جيمس على مصطلح الفلسفة اليونانية أو الإغريقية بل يراها تسمية خاطئة ويشدد على أن من يعرفون بأنهم فلاسفة اليونان لم يكونوا أصحاب هذه الفلسفة “وإنما أصحابها هم الكهنة المصريون وشراح النصوص المقدسة والرموز السرية” للكتابة والتعليم.ويقول في كتابه (التراث المسروق.. الفلسفة اليونانية فلسفة مصرية مسروقة) إن المصريين القدماء استحدثوا “مذهبا دينيا شديد التعقيد سمي نظام الأسرار.. أول مذهب عن الخلاص” بهدف السمو على سجن الجسد وإن هذا النظام ظل سريا وشفاهيا يحظر تدوينه لنحو خمسة آلاف عام حتى سمح للإغريق بالتعلم مباشرة من الكهنة المصريين. ويضيف أن “الفلسفة المصرية غير المكتوبة والتي تمت ترجمتها إلى اليونانية القديمة هي وحدها فقط التي وجدت هذا المصير البائس. تراث سرقه الإغريق” حيث يرى أن الإسكندر الأكبر الذي غزا مصر عام 332 قبل الميلاد اغتصب مكتبة الإسكندرية “ونهبها واصطنع أرسطو (384-322 قبل الميلاد) مكتبة لنفسه من الكتب المنهوبة”. ويقول جيمس إن “التضليل في حركة الترويج للفلسفة اليونانية يبدو سافرا وفاضحا إلى أقصى مدى عند الإشارة عمدا إلى أن نظرية المربع القائم على وتر المثلث قائم الزاوية هي نظرية فيثاغورث وهو زعم أخفى الحقيقة قرونا عن أعين العالم...ان المصريين هم الذين علموا فيثاغورث واليونانيين الرياضيات التي عرفوها” بعد أن أتيحت لهم فرصة التعلم من الثقافة المصرية. ويقع الكتاب في 365 صفحة متوسطة القطع وصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة وترجمه إلى العربية الكاتب المصري شوقي جلال. ووصف جلال كتاب جيمس بأنه صدمة لأنه يكشف “أسطورة كبرى ومؤامرة حكمت التاريخ واستبدت بفكر الإنسانية وهي جزء من سياسة عالمية امتدت قرونا” مشددا على أن مثل هذه الأساطير لبست ثوب الحقائق وأصبحت مرجعا يستشهد به ويكتسب قدسية أكاديمية وخاصة أن “جميع الغزاة” ناصبوا الثقافة المصرية “العداء القاتل” ولم ينتموا إلى مصر تاريخا أو مجتمعا ولهذا تعمدوا تجفيف منابع الثقافة المصرية المادية والروحية بتدميرها أو نهبها حتى لو تخفوا وراء أقنعة أيديولوجية باسم الحضارة أو “إبلاغ رسالة”. ويرى مؤرخون أن مصر أطول مستعمرة في التاريخ إذ خضعت للاحتلال البطلمي عام 332 قبل الميلاد على يد الإسكندر ثم تلاه الاحتلال الروماني الذي أنهاه العرب عام 641 ميلادية وصولا إلى حكم أسرة محمد علي ( 1805 - 1952) الذي تخلله الاحتلال البريطاني لأكثر من 70 عاما وانتهى عام 1956 تنفيذا لاتفاقية الجلاء التي وقعها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر عام 1954 ليستعيد المصريون بلادهم بعد “احتلال” متصل دام نحو 23 قرنا. وأشاد جلال في مقدمة عنوانها (أفارقة الشتات.. البحث عن الجذور والفردوس المفقود) بهذا الكتاب إضافة إلى كتاب (أثينا.. إفريقية سوداء) الذي “ترجم بدون دقة بعنوان (أثينا السوداء) في مصر منذ سنوات” وهو من تأليف المؤرخ البريطاني مارتن برنال. وقال إن هذين الكتابين كفيلان بإيقاظ الفكر وإعادة النظر في كثير من الثوابت والأفكار المستقرة إذ يكشفان “مساحات الصمت والغياب في تاريخ مصر” الحضاري. وأضاف أن مخطوطات نجع حمادي التي عثر عليها فلاح مصري في أربعينيات القرن العشرين مصادفة في جنوب مصر “تتضمن فصولا من جمهورية أفلاطون.” ويقول جيمس مؤلف الكتاب إن عبارة “اعرف نفسك” التي تنسب إلى سقراط (469-399 قبل الميلاد) منقوشة على الجدران الخارجية للمعابد المصرية ضمن وصايا أخرى موجهة إلى المريدين الجدد وإن سقراط “نقل هذه الكلمات عن المعابد المصرية ولم يكن هو صاحبها.” ويضيف أن المعابد والمكتبات المصرية نهبت بعد غزو الإسكندر للبلاد وإن مدرسة أرسطو حولت مكتبة الإسكندرية إلى مركز أبحاث “ ولهذا لا غرابة إذ يتأكد لنا أن الإنتاج الوفير على نحو استثنائي وغير مألوف من الكتب المنسوبة إلى أرسطو أمر من المستحيل تماما من حيث القدرة الطبيعية طوال حياة فرد بذاته” داعيا إلى التفكير في مغزى تجنب أرسطو “أي إشارة” لزيارته لمصر وحده أو في صحبة الإسكندر. ويعلق مشددا على أن “إخفاء هذا التاريخ يثير الشك فيما يتعلق بحياة أرسطو وإنجازاته” مسجلا ما يقال إنه قضى عشرين عاما تلميذا بين يدي أفلاطون (427-347 قبل الميلاد) الذي كان الإغريق يعتبرونه فيلسوفا آنذاك. لكن جيمس يتساءل.. كيف استطاع أفلاطون أن يعلم أرسطو علوما لم يكن أفلاطون نفسه يعرفها. ويضيف أن هذه الرواية “غير قابلة للتصديق”. ويناقش المؤلف قضية “لها أهمية كبرى” هي موقف حكومة أثينا من الفلسفة اليونانية قائلا إن الحكومة كانت تنظر إليها باعتبارها فلسفة أجنبية المنشأ. كما كان فلاسفة اليونان “مواطنين غير مرغوب فيهم” حيث كانت السلطة تضطهدهم ومنهم أناكسا جوراس الذي سجن ثم نفي كما “أعدم سقراط وبيع أفلاطون في سوق النخاسة وقدم أرسطو للمحاكمة ثم نفي. أما أسبقهم جميعا وهو فيثاغورث (نحو 572-500 قبل الميلاد) فقد طردته السلطات وأبعدته” عن البلاد إلى إيطاليا. ويتساءل “هل نتخيل بعد ذلك أن اليونانيين القدماء تحولوا فجأة وزعموا أنهم أصحاب ذات التعاليم التي اضطهدوها أول الأمر ونبذوها صراحة.. إنهم كانوا يعرفون يقينا أنهم يعمدون إلى نهب ما ليس لهم وما لم ينتجوه.” ويطرح جيمس أسئلة عن اختفاء أو موت فلسفة الإغريق مع انحسار الحضارة المصرية. ويقول إن موت أرسطو -الذي ساعده الإسكندر على ضمان الحصول على الكتب من المكتبات والمعابد المصرية- كان “علامة على موت الفلسفة بين الإغريق الذين لم تكن لديهم على ما يبدو القدرة الطبيعية على النهوض بهذه العلوم والتقدم بها”. ويضيف أنه لولا “هذه الدراما” عما يسمى الفلسفة اليونانية وممثليها لأصبح لقارة إفريقيا شهرة مغايرة ولحظيت بمكانة مرموقة بين الأمم “غير أن الوضع التعس للقارة الإفريقية ولشعوبها هو على ما يبدو ثمرة تشويه الحقائق وحرفها والذي اتخذ دعامة أقيم فوقها الانحياز العرقي أعني الرأي العالمي التاريخي الزاعم أن القارة الإفريقية متخلفة”. ويقول إن العالم تعرض للخداع زمنا طويلا بشأن منشأ الفنون والعلوم وترتب على ذلك “تأليه” رموز يونانيين وأطلق على افريقيا القارة المظلمة لأن أوروبا نالت وحدها شرف نقل الفنون والعلوم إلى العالم. ويضيف فيما يشبه التلخيص أن “أصحاب الفلسفة اليونانية الحقيقيين ليسوا هم اليونانيين القدماء بل شعب شمال إفريقيا الذي اصطلحنا على أن نسميهم المصريون” وهم أحق بالتكريم الذي حظي به اليونانيون “زيفا على مدى قرون.. هذه السرقة للتراث الإفريقي على أيدي اليونانيين القدماء قادت إلى رأي عالمي خاطئ يقضي بأن القارة (الإفريقية) لم تسهم بشيء في تاريخ الحضارة.. هذا هو التضليل الذي أضحى أساسا للانحياز العرقي والذي أضر بجميع الشعوب الملونة.” ويعرب جيمس عن سعادته لأنه استطاع أن يلفت “أنظار العالم” إلى هذه القضية التي يأمل أن تساعد “كل” من لهم أصول إفريقية إلى التحرر من “عبودية عقدة النقص” وان يشعروا بالحرية ويتمتعوا بكل الحقوق والامتيازات الإنسانية.
أناس يصطفون في طابور أمام معبد رمسيس الثاني في أبو سمبل لمشاهدة تعامد الشمس على وجة الملك الفرعوني يوم 22 فبراير 2007