في الأيام الأولى من حياتي التي عشتها في قرية الأعبوس حتى إتمام دراستي الابتدائية عشت مع الوالد هزاع مقبل صالح في دار واحدة تجمع أسرتنا وأسرته وقد عرفت خلالها عن قرب حياة هذا الإنسان العظيم الذي سخر حياته من أجل خدمة أبناء منطقة الأعبوس والمناطق المجاورة لها من خلال مزاولته لمهنة التطبيب منذ السنوات الأولى لشبابه. إذ كان يقوم بكافة أنوع التطبيب ( ما عدا العمليات الجراحية) في ظل غياب الخدمات الصحية في المنطقة، فق سخر حياته لهذه المهنة العظيمة وقدم خدمات كبيرة للناس من خلال معالجتهم إذ كان يمتلك صيدلية صغيرة في منزله وصيدلية أصغر (حقيبة) يحملها على ظهره في كل جولاته في المنطقة. وكان يلبي طلبات ذوي الحاجة الىالتطبيب في أي وقت من الأوقات حتى أحياناً يصحوا من النوم لإنقاذ مريض هنا أو هناك مشياً على الأقدام ويقطع أحياناً عشرات الكيلومترات. وكان يساعد المحتاجين إذ أنه كان يقدر ظروف من لا يمتلكون المال ويقوم بمعالجتهم مجاناً ولم تكن المادة غايته في ممارسة مهنته إذ كان ذلك آخر ما يفكر فيه وكان مستوى حياته بسيطا، وكان يعالج أغلب الأمراض ويقوم بمعالجة الكسور التي يتعرض لها أبناء المنطقة من جراء الحوادث التي كانت تحدث لهم أثناء مزاولتهم لأعمالهم كبناء السقايات ومدرجات الأراضي وشق الطرقات الخاصة بالسير دون الحاجة إلى عمليات جراحية. وقد شاهدت بأم عيني الكثير من تلك الحوادث التي قام بمعالجتها وشفي أصحابها في فترات قصيرة. إن هذا الإنسان العظيم والطبيب الماهر الذي لم يتلق دراسته في أي معهد أو جامعة بل أنه اكتسب هذه المهنة بفعل الممارسة قد شهد له العديد من الأطباء اليمنيين الذين تخرجوا من جامعات كبيرة خارج اليمن، بل والأطباء الأجانب العاملين في اليمن ونتيجة للخدمات التي قدمها هذا الإنسان لمنطقة الأعبوس والمناطق المجاورة لها فقد كرم من قبل جمعية الأعبوس الخيرية ومن قبل الدولة أيضاً.ولامازال يعيش ويبلغ عمره قرابة 115 عاماً.تحية لهذا الإنسان العظيم وأطال الله في عمره...
|
اتجاهات
تحية لهذا الإنسان العظيم
أخبار متعلقة