بعد إقرار تشريع مصري بمنع الإحتجاجات فيها :
القاهرة/14اكتوبر/وكالة الصحافة العربية:أكد علماء الشريعة الإسلامية رفضهم التام لاستخدام دور العبادة في غير الغرض الذي خصصت من أجله وهو تأدية مناسك الصلاة والعبادة.وطالبوا بعدم اختراق قدسيتها وانتهاك حرماتها واستغلالها لتحقيق مآرب شخصية ، مشيرين إلى أن ذلك محرم شرعاً وإثم عظيم ترفضه كل الأديان والشرائع السماوية ، وأجمعوا علي تأييدهم لإصدار تشريع من شأنه منع استخدام دور العبادة في الأغراض الدنيوية. يأتي هذا في وقت تجدد فيه الجدل في مصر حول اقرار تشريع يحظر استغلال المسجد للمظاهرات و الإحتجاجات ، و القانون المعمول به منذ ما يزيد علي 93 عاماً حرم التظاهر والتجمهر في الطرق العامة إلا بتصريح فإن التظاهر داخل دور العبادة كان مسموحاً به ولم يجرم خاصة أن المساجد والكنائس لعبت دوراً كبيراً في قيادة الحركة الوطنية قبل ثورة يوليو 1952 واستمر هذا الدور لسنوات أخري خاصة قبل وأثناء حرب أكتوبر 1973 وقد شهدت السنوات القليلة الماضية استخداماً آخر لدور العبادة، من جانب بعض القوي السياسية والمحظورة للهجوم علي الحكومة وسياستها وأحياناً أخري لنشر أفكار والترويج لمبادئ جماعات محظورة.التشريع الجديد أثار جدلاً في الأوساط الدينية والسياسية و طرح عدد من التساؤلات منها : هل ينشر الخوف في نفوس المترددين علي دور العبادة من تطبيق تلك العقوبات عليهم خاصة أن العقاب القانوني بالحبس والغرامة لم يقتصر علي المحرضين فقط والداعين إلي التظاهر بل والمشاركين فيها ؟يقول د· محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري إن أماكن ودور العبادة هي أماكن لأداء ما تأمر به الأديان السماوية وتلك الأماكن لها حرمتها التي يجب صونها والحفاظ عليها حتي تؤدي رسالتها المقدسة كمركز إشعاع ديني ومنارات هداية وإرشاد وأن القانون المقترح هدفه تكريس الحفاظ علي حرمة أماكن العبادة عملاً بالحديث النبوي الشريف >جنبوا مساجدتكم خصوماتكم ورفع أصواتكم وسل سيوفكم وإقامة حدودكم< .ويوضح أن القانون نص صراحة علي حظر التظاهر داخل دور العبادة وساحاتها لأي سبب من الأسباب وكلمة التظاهر لها تعريف قانوني لا خلاف عليه ولا اجتهاد فيه ولن يؤثر القانون علي الدور الديني لجميع دور العبادة·ويشير د· محمود عاشور وكيل الأزهر الشريف الأسبق إلي أن دور العبادة لم تبن لمثل تلك الأمور كالتظاهر أو التجمهر أو التجمعات الجماهيرية التي تستهدف أغراضاً أخرى غير العبادة وإنما جعلت للصلاة والذكر والتسبيح والدعاء والتقرب إلي الله سبحانه وتعالي والتعبد والتواصل فيما أمر الله به.ويضيف: يستوي في هذا الأمر جميع دور العبادة سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية لأن جميع الشرائع السماوية ترفض ذلك بشدة حيث تؤكد أن دور العبادة إنما هي للتقرب إلى الله فقط ·ويوضح أن الشريعة السمحاء قد وصفت مبادئا وأسساً صريحة وواضحة بهذا الشأن ولم تدع مجالاً للشك أو لكي يعبث العابثون بدور العبادة لاستقلالها بصورة تخالف قدسيتها فقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي كان يعقد صفقة تجارية في المسجد.. >لا ربحت تجارتك< وأيضاً قال: للرجل الذي كان يبحث عن ناقته الضالة في المسجد< لا رد الله عليك ضالتك وعليه فلا ينبغي أن تستخدم دور العبادة في أية حال من الأحوال في أغراض دنيوية يكون الهدف منها غرضاً لا يتصل بالعبادة وإنما يتصل بالسياسة لأن المساجد بيوت الله حيث قال تعالي إنما المساجد لله فلا تدع مع الله أحداً وفيما نقل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن رب العزة إن بيوتي في الأرض المساجد وزوارها عمَّارها فطوبي عن تطهر في بيته ثم جاء إلي ليزورني في بيتي وحق علي المزور ان يكرم زائره ، فإذا كانت دور العبادة مبنية لهذا الغرض فيجب علي الجميع أن يستجيب لهذا وأن يكون عمله خالصاً لله تعالي.[c1](إثم عظيم)[/c]ويؤكد د· عبدالفتاح إدريس الخبير بمجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة: أن التظاهر داخل دور العبادة أمر ترفضه الشريعة الإسلامية ، مشيراً إلي أن مجرد الإخلال بما جعلت المساجد له إثم عظيم والدليل علي ذلك ما روي عن النبي >>< >أنه نهي عن جعل المساجد موضعاً للبيع والشراء< وما نحو ذلك مما يعد إخلالاً لما جعلت المساجد له ولهذا فإن الرسول >>< لما جاءه أعرابي وبال في ناحية من المسجد لجهله بالحكم الشرعي في ذلك نادي عليه بعد أن فرغ من بوله وقال له: إن هذه المساجد لم تجعل لذلك وإنما هي للعبادة والذكر وهذا وحده دليل علي أن المساجد دور عبادة فضلاً عن أنه يجمع الغوغاء والسوقة والرعاع من خارج المسجد للانضمام إلي المتظاهرين وهؤلاء قد تخرج منهم أموراً وألفاظ كفرية وهذه تلقي تبعاتها علي كل مسلم سمعها أو شاهدها.وأضاف: إن جعل المسجد مكاناً للمظاهرات يخل بضبط الصلاة أقوالاً وأفعالاً في حق من يؤديها في داخل المسجد ومثل هذا يشوش علي المصليين وهذا أمر محرم شرعاً وذلك لأنه يفضي إلي إفساد العبادة والذكر علي المتعبدين في داخل المسجد كما أن الشوارع والطرقات متسعاً لمن أراد أن يعبر عن استنكاره أو سخطه لأمر معين وهذا لا يتعين له موضع بذاته فجميع المواضع صالحة لمثل ذلك وعليه ينبغي أن تنزه المساجد عن هذه المظاهرات لأنها لم تنشأ لذلك وليس هذا كله من وظيفتها.[c1]خلط غير مبرر[/c]ويوضح د. عبدالله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية أنه لا يليق إطلاقاً بمساجد الله أن يتخذها البعض مكاناً لنشاط معين أو تحت أي مسمي ، مشيراً إلي أن هذا غير مقبول وأن الخلط بين العبادة وبين التظاهر خلط غير صحيح خاصة أن المظاهرات عبارة عن مشاعر مؤقتة لا تسفر عن شيء واقعي وإنما مجرد التنفيس عن أمر يجيش في الصدور ثم ينتهي، كما أنها أحياناً تكون بديلاً ضارا وأضاف أنه لم نسمع عن وجود تظاهر أيام الرسول صلى الله عليه وسلم داخل المساجد بل كانت هذه المساجد بمثابة المؤسسات التي يشع منها نور الهداية والتعاليم والمبادئ القديمة بأسلوب حفظ لها قدسيتها ومكانتها دون استغلال المساجد واختراق حرمتها ودون إدراك لمكانتها وأن استغلال المساجد ودور العبادة لتحقيق مآرب خاصة حرام شرعاً ومن يقدمون علي ذلك لا يقدرون حق بيوت الله.ويشير د· عبدالشافي عبداللطيف أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر: إلي أن أماكن العبادة سواء كانت مساجد أو كنائس أو معابد أو غيرها حتي ولو كانت تاريخية وتحمل حضارة معينة يجب أن تنأي عن مثل تلك المهاترات التي أصبحت سائدة بصورة زائدة عن الحد في هذه الأوقات والتي غالباً ما تنتهي تلك بخراب ودمار لا يقبله أي دين من الديانات السماوية وأضاف: إن هذه الأماكن تقام لأداء ما تأمر به الأديان وفقاً لمعتقداتها وأوامرها وأن لها بهذه المثابة حرمتها التي يجب صونها والحفاظ عليها حتي تؤدي رسالتها المقدسة كمراكز إشعاع ديني ومنارات هداية وإرشاد لأنها جُعلت للعبادة وللعلم المحترم الموقر فهي صاحبة رسالة قوية وإلهية ولا يمكن تجاهل دورها تحت أي مسمي وإنما تلك المظاهرات لا تهدف إلا إلي أغراض دنيوية استهدف القائمون عليها هدماً وتخريباً لا إصلاحاً ولا تقويماً كما تفعله المساجد ودور العبادة.[c1]تصرفات غير لائقة[/c]وأشار د. جمال عبدالهادي أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر إلي أنه في الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة استغلال ساحات وأماكن العبادة للتجمهر وتنظيم المظاهرات والتطاول في بعض الحالات علي كبار علماء الأديان وغيرها من تصرفات غير لائقة بحرمة تلك الأماكن المقدسة مما يثير الشغب والفوضي والاضطراب ويخل بجلالة مواقعها وبالسكينة التي يجب أن تسود أجواءها الأمر الذي يلزم معه ضرورة وضع وسن قوانين وتشريعات تضمن تحقيق المبادئ الدينية وتحفظ للشريعة كرامتها وتحمي قدسيتها خاصة وأن مثل تلك الأفعال تؤدي إلي التشويش علي رواد هذه الأماكن التي يقصدونها للعبادة الخالصة لله تعالي وهي بيوت الله أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ولم يقل يذكر فيها ما نشاهده ونسمعه من صور وألفاظ ما أنزل الله من سلطان.[c1]أبرياء لا ذنب[/c]ويوضح علاء حسانين أحد أعضاء اللجنة الدينية بمجلس الشعب “ البرلمان “ ؟: أن القانون المقترح هدفه حماية المساجد ودور العبادة الأخري وأيضاً الحفاظ علي الوحدة الوطنية وعدم السماح بالنشاط السياسي داخل المساجد والتويش علي المصليين كما يحدث أحياناً وذكر أن القانون لم يحرم المناسبات الدينية أو أداء صلاة العيد في الساحات لأن ذلك يصدر بتنظيم من وزير الأوقاف بشرط عدم خرق هذا التنظيم كما أن العقوبة الواردة اختيارية للقاضي بين الغرامة والحبس ولا يمكن أن يساق المصلون الأبرياء للسجن بسبب هذا القانون.ويشير إلي أن المظاهرات لا تحدث إلا في عدد محدود من المساجد خاصة الأزهر الشريف وليست المساجد الأخري وبالتالي لا خوف من هذا التشريع علي الإطلاق بشرط أن يحدد القانون بوضع من سيعاقب خاصة بالنسبة للمشاركين في المظاهرات حتي لا يعاقب مصليين أبرياء لا ذنب لهم وحتي لا يخشي الناس من الذهاب للمساجد ونحن كنواب ندافع عن الثوابت الدينية للمجتمع والمعتقدات وأيضاً حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور لكل مواطن طبقاً للقانون.ويعبر عدد من السياسيين عن اعتراضهم علي إقحام المساجد في السياسة واتخاذ الدين ستاراً لأفعال سياسية مطالبين بأن يتم منع استخدام المساجد في العمل السياسي علي الجميع ، متهمين بعض الدعاة بالقيام بالدعاية السياسية لأحزاب ما علي حساب أحزاب أخري. وقالوا أن المسجد له دور في الدنيا والدين عندما كانت الحياة بسيطة وهذا الدور تقوم به حاليا المجالس الشعبية والنيابة والنقابات وبالتالي أصبح دوره مختلفاً عن عقود الإسلام الأولي وانحصر في الدين فقط والعبادة وليس لتبادل الآراء ، فهناك قلة متطرفة محظورة تستغل دور العبادة من مساجد وكنائس في التظاهر وتهدد الأمن والاستقرار·واعتبروا أن صدور مثل هذا التشريع يحافظ علي المساجد ودورها في نشر العلوم الدينية والقيم والتقاليد الإسلامية .