صنعاء/سبأ: إن يوما تخسر فيه أمة من الأمم علما من أعلامها، لهو اليوم الصعب في تاريخها، الذي لن يكون من السهل عليها تجاوزه أو تعويض الخسارة الناتجة عن مصابها فيه. وأي خسارة يمثلها رحيل علامة اليمن و مؤرخها القاضي إسماعيل بن علي الاكوع وهو الذي أفنى عمره في كتابة التاريخ الثقافي لليمن، هذا التاريخ الذي يمثل فيه المؤرخ الاكوع مؤسسة أسهمت في رفد المكتبة اليمنية بما سيظل دليلا للأجيال إلى مستقبل يضيء طريقهم إلى النور، وهو النور الذي لن يتجلى ما لم يتحلوا بسجايا هذا الجهبذ في مجاله. أمضى القاضي الاكوع حياته محبا للقراءة والبحث والتمحيص والتحقيق والكتابة والمراجعة ومتابعة جديد ما يكتب عن تاريخ اليمن وحضارته، وكان يقضي معظم أوقات يومه في برنامج يخصص جله للقراءة والكتابة حتى آخر حياته. ويقول نجله محمد إسماعيل الاكوع: كان والدي في أيامه الأخيرة يمضي أيامه قبل أن يشتد عليه المرض مثل بقية أيامه إذ كان يقضي معظم أوقاته في القراءة. ويوضح نجله السفير خالد إسماعيل الاكوع « كان يستيقظ أبي لصلاة الفجر ويجلس يقرأ القرآن حتى موعد نشرة أخبار السابعة ثم يفطر ويقرأ بعد ذلك القران إلى الساعة العاشرة صباحاً ومن ثم يخرج يقضي بعض أعماله الخاصة إذا كانت لديه أعمال ثم يعود يصلي الظهر ويدخل مكتبته يقرأ ثم يتناول طعام الغداء ويغفوا قليلاً ويقوم يصلي العصر ويرجع لكتبه حتى صلاة المغرب فيصلي المغرب ويرجع لكتبه ويصلي العشاء ويرجع لكتبه مرة أخرى فقد كان مداوما على مكتبه مرافقا للكتاب ومحبا للقراءة والبحث والكتابة. وحول تجربته في البحث والكتابة في أيامه الأخيرة يقول: كان اكبر همه في إعداد طبعة جديدة منقحة ومزيدة من كتاب «هجر العلم ومعاقله في اليمن « فقد كان يعمل عليها ليكملها وينقحها بالإضافة إلى كتاب « المدارس الإسلامية «. وكانت وصيته الأخيرة لنا قوله: خلّفت لكم مكتبة حافظوا عليها. واختتم كلامه قائلا: كان والدي رجلا أفنى حياته في طلب ونشر العلم وإذا كانت هنا كلمة نقولها فهي أن رسالته إلى الجميع هي العلم والتمسك بالعلم لان الرجل إلى نهاية عمره وهو صديق الكتاب يقرأ ويكتب وحتى عندما ضعف نظره كان هناك شخص يقرأ له، مؤكداً أن عادة والده في القراءة لم تتغير إلى أن وصل إلى مرحلة كانت فيها يداه ترتعشان ولا يستطيع الإمساك بالكتاب وهي المرحلة التي تعب بعدها بصره وهذه هي الفترة الأخيرة. أما الكتابة فيقول صديقة يحيى قايد: كان في فترة سابقة يكتب بنفسه وعندما لم يعد يستطيع الكتابة كانت تكتب له ابنته وفي الفترة لأخيرة انقطع عن الكتابة ولكن حسه وذاكرته المتوقدة لازمته حتى مماته. وبالنسبة للوصية التي تركها والده يقول السفير خالد إسماعيل الاكوع: لقد أوصانا بأخذ جزء من مكتبته هدية إلى المكتبة المركزية لجامعة صنعاء في ركن يحمل اسمه.
أخبار متعلقة