يحاول الرئيس اليمني علي عبدالله صالح منذ أربع سنوات العمل على وضع حد للحرب المتقطعة التي يخوضها الحوثيون من اجل تنفيذ مخطط خارجي لإثارة القلاقل في هذا البلد الذي دفع ثمنا غاليا لوحدته ورغم قساوة التجربة الأخيرة التي تكشفت عن مخطط جهنمي لتدمير اليمن, الا ان الرئيس صالح أفسح المجال أمام التمرد الحوثي لطي صفحة العنف المأجور عبر النقاط الست التي أعلنتها الحكومة اليمنية. إن المخطط الذي يعمل التمرد الحوثي على تنفيذه لا يهدد اليمن وحده, بل كل دول المنطقة لانه محاولة مكشوفة لجعل اليمن السعيد يمنا طالبانيا ولكن بعمامة فارسية, مرتبطة بأوهام إمبراطورية عفى عليها الزمن لكنها لاتزال تعتمل في نفوس طواويس التوسع الفارسي وحدهم, تماما كما هي الحال في «فرع وكالتهم اللبناني» الذي يقامر بدم اللبنانيين ومصيرهم, وفي العراق الذي أغرق في بحر من الدماء ليكون الحديقة الخلفية للمؤامرات الإيرانية, ومنذ سنوات تعمل «وكالة التخريب الإقليمي» على إدخال اليمن في دهاليز الفوضى والعنف , ما يعني إدخال المنطقة ككل في دورة من الفوضى عبر استكمال حلقاتها باليمن بعد العراق ولبنان وأفغانستان. طوال السنوات الماضية اولى الرئيس اليمني مسألة التنمية القدر البالغ من الاهتمام لإدراكه, ان الخروج من دوامة الازمات يكمن في انشاء قاعدة اقتصادية كبيرة قادرة على استكمال بناء اليمن المعاصر الذي يستحق فعلا لقب السعيد. وفي الوقت الذي لا يزال فيه الرئيس صالح يراهن ببعد نظره وحكمته في معالجة قضايا بلاده على الحوار منذ أربع سنوات, تستمر الفئة الضالة في غيها من دون ان تقيم وزنا للمصلحة الوطنية. وبين التمرد الحوثي والمناوشات التي تفتعلها فلول «القاعدة» بين الحين والآخر تتردد أصوات انفصالية وكأن الشعارات التاريخية عن الوحدة اليمنية كانت فقط للاستهلاك السياسي لا اكثر ولا اقل, وكل هؤلاء يغيب عنهم أن اليمن لا يزال يحتاج إلى سنوات طويلة من التنمية حتى يتغلب على مشكلات الفقر التي يكافح الرئيس صالح في سبيل القضاء عليها ويعمل على إقامة علاقات عربية ودولية; تفسح المجال أمام تدفق اكبر قدر ممكن من الاستثمارات لتنشيط الاقتصاد اليمني. و بين أمس اليمن وحاضره ثمة فارق كبير في المجالات كافة, فاليمن الموحد يتمتع اليوم بحرية رأي وتعبير لم يسبق أن شهدها في العقود الماضية, وهي التي منحت الحوثيين وغيرهم من القوى, التي وقعت في فخ المخططات الإقليمية الشريرة, هذا القدر من الحرية التي استغلوها في إضعاف الحصانة الوطنية والتمرد وإراقة الدماء البريئة لتحقيق الأهداف التوسعية التي تطمح إليها بعض القوى الإقليمية التي تبني مخططاتها على ارث إمبراطوري مندثر, ورغم أنها بدلت ثوبها إلا أنها لا تزال تعمل على إنشاء تلك الإمبراطورية التي أسقطها التاريخ من حسابات الأمم. اليمن اليوم أمام مفترق طرق خطير إما الانزلاق إلى الفوضى وحمامات الدم على الشاكلة العراقية, مع فارق الخصوصية القبلية اليمنية التي تزيد الصراع حدة, أو الاتجاه إلى الاستقرار والتنمية وتخطي كل صعاب المرحلة باتحاد وطني, ولذلك حين أفسح الرئيس صالح المجال مجددا أمام المتمردين في العودة إلى كنف الدولة وإنهاء حمام الدم الذي يهدرونه, إنما كان ولا يزال يرى أن الوحدة الوطنية اكبر بكثير من كل الأوهام التي تنفخ في نارها بعض القوى الإقليمية, والتي تمد المتمردين بالأسلحة والأموال لتحقيق أهدافها هي من دون أن تعير أي اهتمام للدماء اليمنية الزكية التي تهدر يوميا. اليمن السعيد يختزن اليوم كل حزن العالم نتيجة سوء تقدير بعض القوى التخريبية التي هي من مخلفات الماضي, وكأنها خارجة من مجاهل أفغانستان تبحث لها عن ملاذ, أو هي صادرة من الغرف السوداء في مصنع تصدير الأزمات إلى المنطقة الذي لم ينفك منذ ثلاثين عاما يبتكر الأزمات وحمامات الدم في المنطقة, وكأن رائحة الدم تستفز في ذاك المصنع كل الشهوات المكبوتة. إن الرئيس علي عبدالله صالح يقود السفينة اليمنية في بحر متلاطم الأمواج ورغم صعوبة المرحلة إلا انه لا يزال يتحدى الصعاب في سبيل يمن لابد انه سعيد الغد رغم كل الشراك التي تنصبها المؤامرة.[c1]* رئيس تحرير صحيفة (السياسة) الكويتية[/c]
اليمن الموحد عصيّ على وكالة التخريب
أخبار متعلقة