المسجد الأقصى في القدس في فلسطين هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى الرّسول ومعراجه ، مصلى الأنبياء جميعًا ليلة الإسراء والمعراج .شرع في بناء المسجد الأقصى الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، واستكمله ابنه الخليفة الوليد بن عبد الملك في المكان الذي أُقيم فيه مسجد عمر بن الخطّاب. لكنّ البناء الذي أنجزه عبد الملك لم يبق من عناصره الشّيء الذي يذكَر، إذ داهمته عوامل الطّبيعة فهدمت الكثير منه، ثم رمّمه الخلفاء الذّين أتوا من بعده في العهدين الأمويّ والعبّاسي، كالخليفة أبو جعفر المنصور والخليفة المهدي اللّذين رمّما هذا المسجد إثر زلازل طبيعيةٍ نكبت البناء.إنّ المسجد الأقصى الحالي هو نتاجٌ لمجمل عمليات الترميم والتجديد التي حصلت عبر العهود الإسلامية المختلفة، فظهرت فيه بالتّالي أنماطٌ من هذه الفنون المُختلفة التّواريخ والمدارس والمؤثرات.كان المسجد الأقصى مُنسجماً مع طراز العمارة الأموية التي بدأت التّخلص من المؤثّرات البيزنطية رويداً رويداً.. وكان المسجد الأقصى مُكوناً من حرم فقط ومن دون صحن.. وهو مؤلف من بلاطات عموديةعلى جدار القبلة. أما المنبر فتتمثّل فيه روعة الزخرفة والصناعة الإسلامية. فقد صُنعَ هذا المنبر في حلب أيام نور الدين بن زنكي ونقله صلاح الدّين من حلب إلى القدس. وبقي فيها حتى أحرقه الصهاينة عام 1969 ولم يبق منه إلاّ القطع والحشوات. وقد صُنعَ المنبر القُدسي من خشب الأرز الحلبي. أمّا الحشوات فكانت من الأبنوس. وطابع صناعة هذا المنبر تنتمي إلى الطّراز السّلجوقي.كان المنبر يتألف من بابٍ يعلوه تاج، ويعقب الباب درج يعلو 280سم يليه جوسق ذو تاج يرتفع 490سم عن المنبر وامتداد المنبر 490 سم. وقد زيّن تاج الباب والجوسق بالمقرنصات، كما كُسي طرفا المنبر بالزخرفة الهندسية والمفرغة في الدرابزون، في حين زخرف طرفا الدرابزين من الجهتين بالآيات القرآنية بالخط الثلث.. والمنبر مرصع بالعاج والصدف، وهو واحد من أجمل المنابر في العالم.وبخصوص الزخارف في المسجد الأقصى عموماً نجد أن أروع ما تبقّى من المسجد الأقصى هي الألواح الخشبية المحفورة والمُزخرفة بالحفر النافر بعناصر نباتيةٍ من أوراق الكرمة والأغصان. أما الفسيفساء في المسجد الأقصى، فتعود إلى عهد الخليفة الفاطمي الظّاهر لأمر الله الذّي أعاد ترميم الأقصى سنة 1034م. ولا شك أن الفسيفساء القديمة لم تكن مختلفةً عن فسيفساء قبّة الصخرة أو الجامع الأموي بدمشق. إذ كانت الأساليب المعتمدة حينذاك واحدةً في استخدام النباتات والفواكه. وقد كُشِفَ عن وجود آثار فسيفساء في الوجه الشمالي للقوس الشمالي. وتُبيّن تاريخ الكتابة التي كانت تعلو ذلك الفسيفساء أنّ الكتابات كوفيةٌ مكتوبةٌ على شريطين، تتضمّن ما يفيد الترميم في عهد الخليفة الفاطمي الظاهر.