أمام تزايد حالات الغرق في إجازات الأعياد
صنعاء/سبأ: لم يتوقع أحد أن تنتهي رحلة أبو أحمد وأسرته إلى شواطئ الحديدة ابتهاجا بالعيد، بمأساة ستظل آثارها مخيمة على بقية أفراد العائلة طيلة حياتهم. بينما كان أحمد وشقيقه الصغير محمد يلعبان داخل البحر بعد توغلهما فيه فوجئ والديهما بصراخ وإشارات ابنهما أحمد واختفاء الآخر (محمد) فأسرع الأب إليهما لمعرفة ما حصل ، فيما ظل أحمد يتحرك بقوة ليختفي بسرعة بعد شقيقه في مياه البحر .أدرك الأب أن ولديه يتعرضان للغرق وما إن وصل إلى موقعهما محاولا إنقاذهما، تعرض هو الآخر للغرق ، ومع صراخ أم أحمد وابنتها من الشاطئ تجمع الناس لمعرفة الأمر وهبّوا إلى نجدة الأب وولديه .وبعد انتظار طويل أُخرج أبو أحمد وولديه من البحر جثثاً هامدة لتتحول فرحة وبهجة العيد إلى مأساة بوفاة رب الأسرة وولديه ، ولتعيش طفلته يتيمة وتصبح زوجته أرملة.يؤكد أقارب الاسرة أن الاب وولديه لا يجيدان السباحة، وهي ظاهرة تعاني منها الكثير من الاسر.تلك إحدى قصص كثيرة مشابهة تزايدت في الآونة الأخيرة ، ولاتزال قصة غرق سبع نساء من أسرة واحدة من محافظة البيضاء إثر انقلاب الزورق الذي كان يقلهن في مياه البحر قبالة شواطئ محافظة أبين بعد مجيئهن برفقة والدهن للتنزه ، عالقة في أذهان الجميع .وفيما يحث ديننا الإسلامي على تعلم السباحة حسب ما ورد في الأثر « علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل « ، يؤكد مهتمون أن أهم أسباب تزايد حوادث الغرق ، عدم إجادة الغرقى للسباحة وهو ما أصبح منتشرا في كثير من المدن فضلا عن عدم التزام الناس بمواسم وأماكن السباحة .مرجعين السبب إلى عدم وجود مسابح في المحافظات غير الشاطئية ليتعلم الناس ويعلموا أطفالهم السباحة فيها ، اسهاما في الحد من حوادث الغرق التي كثرت على الشواطئ اليمنية . وفي العاصمة صنعاء يقول عبدالله السعدي أن أولاده الثلاثة لايستطيعون السباحة نتيجة لعدم وجود أماكن يتعلمون فيها السباحة ، مشيرا إلى أن المسابح الموجودة حاليا لا تتناسب مع دخله .ويضيف « بالنسبة لي فأنا سباح لأني تعلمتها في إحدى برك القرية منذ الصغر وأتمنى وجود أماكن مناسبة لأعلم أولادي فيها السباحة لأن المسابح الحالية باهظة الثمن وتكلفني مبلغ كبير وتعليم الأطفال يحتاج وقتا ليس قصيرا» .وفيما يقول الشاب أمين الفضلي انه لا يجيد من السباحة إلا القليل ، يعترف وسيم الاصبحي بعدم قدرته على السباحة إطلاقا ، معللين ذلك بغياب أماكن مناسبة لتعلم السباحة ، وبعدم قدرتهما على دفع تكاليف دخول المسابح الحالية باستمرار والموجودة في بعض الفنادق والنوادي وغياب المسابح الصغيرة التعليمية المناسبة لدخليهما بالاضافة إلى انشغالهما بالدراسة والبحث عن لقمة العيش .ويتحدث الحاج حسن البوسي عن وجود برك ومواجل في بعض الأماكن بالعاصمة صنعاء حتى الماضي القريب كان يأتي الناس ليتعلموا ويعلموا أولادهم السباحة إلا أنها اندثرت .ويرجع الحاج البوسي اختفاء تلك البرك إلى التوسع العمراني المطرد للعاصمة ، ويضيف « الجيل القديم أكثر تعلما للسباحة من الأبناء واعتقد انه لايوجد شخص في جيلي لا يستطيع السباحة خاصة الذين عاشوا في الريف » .وعن دور الاتحاد العام للسباحة والألعاب المائية في إنشاء وتعليم وتشجيع الشباب والأطفال على السباحة قال أمين عام الاتحاد جمال علاو إن الاتحاد لايملك أية مقومات لإنشاء أي مسبح، مشيرا إلى أن إنشاء المسابح من مهام واختصاص وزارة الشباب والرياضة .ولفت إلى أن اتحاده لايملك مسبحا يقيم فيه أنشطته وأن الاتحاد يستأجر المسابح التي يقيم فعالياته وبطولاته فيها على مستوى الجمهورية بمبالغ طائلة ولمدة يوم أو يومين فقط، مطالبا الوزارة بسرعة انجاز المسبح الأولمبي الخاص بالاتحاد .واضاف علاو « الاتحاد يشجع الشباب والنشء دائما على مزاولة رياضة السباحة من خلال البطولات التي يقيمها في المحافظات التي يوجد فيها مسابح قانونية بمشاركة واسعة من محافظات الجمهورية ولفئات عمرية متعددة. وحول تأثر مستوى لعبة السباحة بغياب منشآتها أكد امين عام اتحاد السباحة أن وجود مسابح في محافظات الجمهورية لتعليم النشء والشباب سينعكس إيجابا على مستوى اللعبة لتكون قادرة على الحضور المشرف في المحافل الدولية .من جانبه أعترف الوكيل المساعد لقطاع المشاريع في وزارة الشباب والرياضة محمد منصر بخطورة المشكلة ، إلا انه حمّل في الوقت ذاته المجالس المحلية مسؤولية بناء مسابح تعليمية صغيرة لتتعلم شرائح المجتمع السباحة .وقال منصر « من مهام السلطة المحلية إنشاء عدد من المسابح في عدد من مناطقها خصوصا مع استحواذها على 30 بالمئة من موارد صندوق النشء والشباب والرياضة لذا فعليهم التفكير جديا في بناء مسبح تعليمي أو اثنين فقط حاليا في كل محافظة وهو الحل الوحيد».وعن مشاركة الوزارة في إنشاء المسابح أوضح منصر أن الوزارة وضعت في خارطتها إنشاء عدد من المسابح تنفيذا للبرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية إلا أن نسبة الـ 30 بالمئة الخاصة بالمجالس المحلية أعاقت بناء الوزارة لمنشآت رياضية عديدة على حساب الصندوق لتتحملها تلك المجالس .وأضاف « بالرغم من ذلك نسعى إلى إنشاء عددا من المسابح خصوصا في الشريط الساحلي لليمن لأن تلك المناطق مهيأة والماء متوفر فيها بكثرة والحكومة تتبنى المشاريع الكبيرة والبقية على المجالس المحلية» .وفي أمانة العاصمة أقر عضو الهيئة الإدارية للمجلس المحلي عادل العقاري رئيس لجنة الخدمات بالمجلس بوجود مشكلة في هذا الجانب ، مشيرا إلى غياب إنشاء مسابح تعليمية في الخطة الاستثمارية للمجلس للعام القادم 2009م .واستدرك العقاري « نعمل جاهدين على تنفيذ البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية الذي تضمن إنشاء عدد من المسابح في محافظات الجمهورية وسنضع في خططنا المستقبلية إنشاء مسابح تعليمية لمحاولة الحد من هذه الإشكالية سواء من مخصصات صندوق النشء والرياضة أو من المساعدات الأخرى » .ويظل غياب وقلة المسابح مشكلة تعاني منها المدن اليمنية خصوصا الرئيسية منها ، ما يؤثر سلبا على تعلم افراد المجتمع السباحة وعلى مستوى هذه الرياضة في اليمن ، الأمر الذي يحتم على الحكومة سرعة وضع حلول مناسبة لهذه الإشكالية مساهمة منها في الامتثال لتوجيهات ديننا الحنيف وفي الحد من حوادث الغرق.