أقواس
لا يمكن للديمقراطية أن تصبح واقعاً قائماً وممارسة اجتماعية أصيلة في ظل تفشي الأمية الأبجدية في المجتمع, فما بالنا بغياب الثقافة السياسية والأمية السياسية عند المتعلمين, أو من ندعوهم مجازاً بالمثقفين من أنصاف المتعلمين, كما أن الديمقراطية بطابعها الأصيل لا يمكن أن تتحقق في ظل سيادة النظام الاقتصادي الرأسمالي طالما أن الأرض والثروة والمال العام فيها يؤول إلى ثروات خاصة للبعض من أفراد المجتمع وتحرم من الثروة الغالبية العظمى من السكان.والديمقراطية ليست مجرد انتخابات شكلية بلا مضمون وبلا محتوى, بلا مدلول ولا معنى لها بالنسبة للغالبية العظمى من الناس طالما لا تنعكس عليها خيراً أو وفرة وعيش رغيد وقدر معقول من الرفاهية الاجتماعية, والأمن والأمان والإطمئنان على حاضر الناس ومستقبلهم, كما أن العلم والثقافة والمعرفة ينبغي ألا تظل محصورة في نخب محدودة دون غيرها من المواطنين.والديمقراطية الحقيقية تقتضي تجاوز البنية التقليدية للمجتمع من قبلية وعشائرية ومناطقية, ومن مذاهب دينية لأن الديمقراطية لا يمكن أن تتحقق إلا في بنية اجتماعية أوسع ندعوها بالبنية الوطنية العميقة والمتماسكة, يكون فيه كل المواطنين متساويين في الحقوق والواجبات أمام الدستور والقانون, الذي يحتكم إليه الجميع دون استثناء, وننهي العشوائية والفوضى, ويسود النظام المؤسسي بنية المجتمع الجديدة.تلك هي الثقافة التي سنظل نسعى إليها وهي وحدها المقدمة الضرورية للديمقراطية الحقة, والتي نبدأ نتعلمها في المنزل وتستمر معنا في المدرسة وفي العمل وداخل الأحزاب وبقية المنظمات الاجتماعية, وليس آخراً داخل مؤسسات الدولة وهيئاتها وأجهزتها من الأسفل إلى الأعلى, عندها فقط ستكتسب الديمقراطية أبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتصبح ثقافة جديدة ورؤية جديدة وتفكير جديد وممارسة اجتماعية أصيلة وفاعلة.[c1]محمد عبدالجليل [/c]