في مجلس عزاء قال لنا أحد أقارب من حضرنا لتعزيته (الحمد لله أن .... مات ميتة نظيفة) . هذه العبارة أو معنى (الموت النظيف) كانت بحاجة إلى تفسير وكان المعنى أن المتوفى داهمه المرض فجأة وأستمر لأقل من أسبوع تم توفاه الله .. وبذلك لم يتعب ولم يرهق أهله ويثقل كاهلهم بالمصاريف وقيمة العلاجات وما تطلبه المستشفيات الحكومية والخاصة .كانت هذه حالة من حالات تم مناقشتها فهناك من يداهمه المرض ويستمر لشهور، ويكون أهل المريض هم أكثر عذاباً من حيث مصاريف العلاج من الألف إلى الياء.. وهؤلاء هم الغالبية العظمى من المواطنين الذين يخافون حدوث الأمراض في محيطهم العائلي لأنهم لا يستطيعون التوفير من دخلهم الشهري أو الراتب أو المعاش .. وأجزم بأن الجميع هم كذلك فيلجؤون إلى أخذ القروض أو بيع ما يملكون من مدخرات .أيضاً هناك حالات وخاصة أمراض القلب يحتاج أصحابها إلى دواء يومي دون توقف حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً . فالبعض من هؤلاء يعمل في مرافق حكومية أو خاصة توفر العلاج أو الجزء الأكبر أو الأقل منه.. لكن الأكثرية في مرافق لا تتوفر فيها (الميزانية الخاصة بالعلاج) . ونعطي نموذجاً لمريض بالقلب اضطر إلى أن يؤجر منزله ليستأجر منزلاً بإيجاز قليل ليستفيد من الباقي لشراء العلاج وهناك طبعاً شركات تنتج الدواء بسعر أقل! هذا بالإضافة إلى الأمراض المزمنة الأخرى التي تتطلب العلاج الدائم .صحيح هناك حالات لمرض القلب يتم إرسالها إلى العاصمة صنعاء لإجراء القسطرة أو عمليات القلب المفتوح في مركز أمراض القلب الحكومي على نفقة الدولة التي نشكرها على ذلك ،لكن المريض الذي يتكبد في البداية تكاليف السفر ونفقة الإقامة مع المرافق وقيمة الفحوصات .. هذا المريض تبدأ معاناته بعد العملية ، خاص إذا كان في مرفق لا يدفع قيمة العلاجات كما سبق الإشارة .وهناك حالات يتم بعد موتها بنشر التعازي وعمل الاحتفالات التأبينية .. ولكن عندما كانوا أحياء مرضى لم يتم الاهتمام بهم .. على الرغم من أن بيانات النعي تقول إن الفقيد قد مات إثر مرض عضال عن عمر ناهز.. قضى معضمه في خدمة الوطن وكان مثالاُ للنزاهة والوطنية.. وبالفعل مات وهو لا يملك تكاليف العلاج أما الموت فهو سنة الخالق الذي بيده الحياة والموت جل شأنه . طبعاً هذا الكلام عن العلاج في داخل الوطن .. أما في الخارج العربي أو غير العربي فالتفكير فيه شيء من الخيال خاصة للمواطن العادي ..خلاصة القول.. هل تستطيع الدولة التي يؤكد قائدها فخامة الرئيس علي عبد الله صالح أن الإنسان المواطن هو أساس التنمية ورأسمالها وعمارها ، أن تعمل برنامجاً تنفيذياً إلى إيجاد نظام تأميني يساهم فيه الموظف والمواطنون عموماً بدفع قسط شهري ينفعهم في اليوم الأسود ؟ ونسأل الله أن يمنحنا جميعاً الصحة والعافية .نأمل ذلك خاصة وأن وجود مركز أمراض القلب دليل على هذا الاهتمام الذي يأمل كل مواطن أن يشمل مناحي أخرى .. وأن يحصل المواطن على تامين صحي بدلاً من تأمين لا يفيده ميتاً ؟!
|
اتجاهات
تأمين .. لا تأبين !
أخبار متعلقة