ان الامر الذي يقلقني وقد قدر لي ان انشغل اساسا في العمل والقضايا البيئية في السنوات الاخيرة، هو ظاهرة نعيشها منذ زمن غير قصير، الا هو تزامن صدور التشريعات واللوائح في شأن الحفاظ على البيئة او اصحاحها، مع استمرار التدهور في احوالها بشكل عام، ولما كنت لااملك حتى الان الجواب الشافي عن هذه الظاهرة الفريدة.فاني اطرحها لكي نمعن النظر فيها جميعا، وحتى يوفقنا الله لتجاوز هذا الوضع المزعج.ان اليمن تعتبر كغيرها من البلدان النامية حديثة عهد بالادارة البيئية، ولاتزال اطرها التشريعية والمؤسسية والاقتصادية والتكنولوجية بحاجة الى تحسين لتطوير ادارة الموارد الطبيعية فيها.ولم تكن الادارة البيئية من ضمن اولويات الدولة اليمنية الحديثة ولم تحظ بالاهتمام الرسمي الا في السنوات القليلة الماضية وقد حظيت القطاعات التالية بالاولوية في الخطة الوطنية للاجراءات البيئية:1 - ادارة موارد المياه.2 - ادارة موارد الاراضي.3 - ادارة الموائل الطبيعية.4 - ادارة المخلفات.ونقطة البداية المنطقية الاولى هي ادراك المشكلة وهي تحسين وضع احوال البيئة والسعي المتواصل في علاج ما قد يكون قد اصابها من ضرر ونرى من الافضل تحديد القضايا البيئية التي يرى التركيز عليها وتحليلها تحليلا دقيقا لفهم طبيعتها.واسبابها ومدى خطورتها.عندما تتحدد المشكلة وابعادها و اسبابها يصبح الامر - الآن - هو اعداد الخطط لمواجهتها، وفي حدود الامكانات المتاحة للمجتمع. اي في اطار تخطيط استراتيجي يحدد الاهداف طبقا لترتيب الاولويات وللامكانات المتاحة للمجتمع.ان الخطة الرئيسية لدورة ادارة البيئية تسير في الخطوات التالية:1 - ان يكون لدينا تصور استراتيجي من خلال مجموعة من الادوات التشريعية (القوانين واللوائح التنفيذية) والتي هي اولى الادوات اللازمة لتحسين الاهداف، لانها تحدد تفصيلا وفي مختلف اوجه النشاطات التي تؤثر في البيئة.2 - توفير الاطار المناسب لتطبيق هذه التشريعات، اي تنظيم اداري يتوقف بحكم الضرورة على المواد المتاحة .. ويعملل هذا التنظيم على تحديد المتطلبات والمعايير التي تحقق التخطيط الاستراتيجي في مجموعات من اللوائح التنفيذية واساليب العمل والاوامرالادارية بل حتى الادوات الاقتصاية التي تساعد على تحقيق اهداف التشريع.3 - تأتي بعد ذلك مجموعة من الادوات الاجرائية او الاشتراطات الخاصة مثل التراخيص الخاصة بانشطة معينة في حالات معينة (كدراسات تقييم الآثار البيئية للانشطة)، والتشريعات واللوائح والتراخيص الخاصة بانشطة معينة في حالات معينة (كدراسات تقييم الآثار البيئية للانشطة)، والتشريعات واللوائح والتراخيص تحدد تفصيلا مايفترض الالتزام به في الانشطة المختلفة في كل مكان وكل وقت حفاظا على احوال البيئة طبقا للاستراتيجية والاهداف المقررة على المستوى' الوطني.4 - يأتي دور الرقابة والتفتيش من خلال التأكيد من تحقق هذا الالتزام وجمع البيانات وتحليلها، كما ان هناك تمط من الرقابة تقوم به المنشأة بذاتها وبشكل مستمر لمتابعة التزامها بالمتطلبات ويكون دور النقابة والتفتيش هو التأكد من دقتها بواسطة الاختبارات الدورية.5 - اخيرا هناك حاجة الي مراجعة هذ الاجراءات وتحليل نتائجها ومايكشف عنه تطبيقها من قصور تمهيدا لتعديل التشريعات واللوائح.ان عرض الآثار المباشرة لكل الانشطة التي تجري في المجتمع لتوفير احتياجاته من السلع والخدمات بكل انواعها، اذ ينتج عن كل واحدة من هذه الانشطة، اضافة الى ماينتج عن كل واحدة من السلع والخدمات بكل انواعها، اذ ينتج عن كل واحدة من هذه الانشطة اضافة الى ما ينتجه من السلع ويقدمه من الخدمات انبعاث مخلفات غازية وسائلة وصلبة هي التي تحدد تراكمها في بيئة معينة (محلية او وطنية) الاحوال السائدة في هذه البيئة.ولدينا دائرتان للادارة البيئية :دائرة صغرى التي تراقب الانبعاثات والتصريفات من نشاط انتاجي او خدمي ما ، والمهم هنا توضيح دور المعايير والمواصفات لمختلف الانبعاثات وعلاقتها برصد الاحوال السائدة حفاظا على البيئة وصولا الى تنميتها.دائرة كبرى : تقوم برصد نوعية البيئة السائدة في مختلف ارجاء الوطن، ومدى مطابقتها لمعايير سلامية البيئة الدولية وفي كلتا الدائرتين فاننا يمكن ان نرى مجاميع متجانسة :1 - جمع المعلومات وتحليلها ونشرها.2 - وضع المعايير ومتطلبات التأكد من الالتزام بها.3 - متابعة الالتزام بالمتطلبات البيئية والالتزام بها عندما يقتضي الامر ذلك.4 - التوعية والتعليم والتدريب.ويكون المبدأ ذا شقين :1 - تنسيق جهود عدة اجهزة او مؤسسات اخرى.2 - التنفيذ بمشاركة اجهزة او مؤسسات اخرى.الا ان هذا يلقي مسؤولية التأكد من ان طرق تقييم الآثار البيئية للمشروعات المزمع اقامتها او الرصد الذاتي للاثر في نشاط المنشأة سليم علميا واداريا ويعكس صورة صادقة طوال الوقت.ان الاجهزة القائمة على شؤون البيئة حديثة وضئيلة الحجم بالنسبة للمهام المنوطة بها، وحجم المجتمع المكلفة برقابته وتعديله حماية البيئة هي ايضا قليلة الخبرة بالمشاكل التي تتعرض لها وبطرق معالجتها في اطار الواقع.ولسنا في حاجة الى ان نتوقف طويلا امام مسألة الوعي العام بالمشكلة وحرص المجتمع على حلها. اذ من دون هذا الاهتمام على المستوى الشعبي الذي يقوم على فهم سليم للوضع القائم وسبل تعديله فلن يحقق اي من الادارات السابقة الجدوى المتوقعة من استخدامها.ان اهم الاسباب هي ان المشاكل البيئية لاتظهر فجأة بل نتيجة تراكمات على امتداد عدد من السنين ان الادارة البيئية ذات خصوصية فريدة فهي تقطع عرضا في كل قطاعات النشاطات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، ومن ثم تحتاج الى آليات تتجاوز الحدود الفاصلة بين المسؤوليات الرأسية التي تمثل النمط التنظيمي المألوف في ادارة شؤون المجتمع، لتجمع بين هذه التنظيمات الرأسية في جهد مشترك، اقل مايقال في شأنه انه غير مألوف وغير مستحب ويواجه عادة مقاومة غير هينة من قيادات التنظيمات الرأسية التقليدية وخاصة في الدول النامية.ان الهدف الاساسي الذي نركز عليه هو ان دراسة البيئة ليست عملا منفصلا عن جهد التنمية ولاعملية استعراض علمي. انها دراسة ترتبط ارتباطا عضويا بالتنمية بل وباستمرار الحياة نفسها، وهذه هي الصورة التي نربط فيها مابين التنمية والبيئة، وهذا هو التغير الذي حدث في مفهوم البيئة في العالم، لم يعد الامر امر هواء ملوث او مياه غير نقية، بل اصبحت القضية هي استمرار الحياة نفسها في بيئة ما، وبمستويات لائقة من الوفاء بالحاجات الاساسية والرفاه الاجتماعي.
|
ابوواب
ملامح مقترحة لاستراتيجية العمل البيئى
أخبار متعلقة