من مكونات الهوية الوطنية إلى مقومات الكيان اليمني
عوض الشقاع :أفقتنا على فجر يوم صبي *** فيــا ضحوات المنى أطرابيأتدرين يا شمس ماذا جرى؟ *** سلبنا الدجى فجرنا المختبيكان الشعور العام-والشعور الخاص-هو الإحساس بالانفلات من قبضة قهرية كادت تستلب الذات والقوى والإمكانات والتطلعات،ينساب الإحساس الجديد بالقبضة على حلم كان يتغلب منذ قرون..عبر الزمن..عبر الدماء..عبر الأشعار كان اليمنيون يسعون إلى يومهم العظيم هذا.لقد فتح السادس والعشرون أمام اليمنيين أبواباً..فتح باب الحرية..باب الوحدة..باب التحديث..وكلها أبواب تؤدي إلى كيان واحد:هو الهوية اليمنية الجديدة.سأنتقل الآن من استعارة الباب إلى استعارة الأساس فالحرية هي الأساس الأول للهوية اليمنية..وكان البدء هو هذا الانطلاق المبارك في أواخر أيلول صنعاء ليتم أساس الحرية في اليوم الخاتم لتزين الثاني «الثلاثي» نوفمبر يوم الاستقلال المجيد عام 1967م،تشرين عدن الذي فيه اكتملت حرية الوطن السياسية،وانفتح الباب أمام اكتمال الأساس الثاني للهوية الوطنية وهو أساس الوحدة.إذن بقيام الثورة السبتمبرية وانتصار الثورة الاكتوبرية في نوفمبر 67م واكتمال التحرر من الملكية والاستعمار تم إنجاز الركن الأول في كيان اليمن الجديد وهو التحرر السياسي..ثم جاءت السبعينات العاصفة.تم الثمانينات المضطربة وخلال هذه المرحلة الصعبة عاش النظامان في الشطرين قلقاً وجودياً شكل في الأخير مخاضاً للميلاد الأزهر المرتقب وهو وحدة الدولة اليمنية،حتى كان الثاني والعشرين من مايو عام 1990م،لينجز اليمنيون أهم مهماتهم ويحققوا أعظم أمانيهم في قيام الكيان الموحد وبقيام دولة الوحدة المظفرة أقيم الركن الثاني لهوية اليمن الحديث.نستطيع القول إنه بقيام الوحدة اليمنية وفي ظل المرحلة الأصعب في تاريخه الحديث وهي مرحلة التحديث والتنمية..فبقدر ما كانت مهمة التحرر ثم مهمة الوحدة تتميزان بطابعهما الوطني فإن المهمة الثالثة وهي المكون الثالث لهوية اليمن المعاصر ذات طابع حضاري،أو كل هي مهمة وطنية بأبعاد ومضامين حضارية..ولوصف هذه المرحلة بشكل أقرب إلى الأذهان نستعبر من تراثنا الإسلامي العظيم قول الرسول الأعظم:عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ..فمهمة التحديث والتنمية ترتبط بتغيير البنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمجتمع أو أنه صراع مع رواسب ما ضوية بأبعاد فكرية مرتبطة بمصالح وتكوينات وموروثات لا يمكن أن تسلم نفسها أو تغير ذاتها بسهولة بل هي طويل،مهمات حضارية..وهذه المرحلة تستجمع قوى الصراع والتناقض في المجتمع،وهي معركة رغم طابعها الحضاري والسياسي والسلمي إلا أنها قد تستخدم فيها أطروحات خارجة عن المكونات الأساسية للهوية والكيان اليمني:التحرر-الوحدة-التحديث..وبعض القوى قد تمارس نوعاً من الثأر التاريخي مع ثوابت الكيان..ومن هنا فلا غرابة أن القوى القديمة تستخدم خطاباً ذا بعدما ضوي 67م،بعضها إلى ماقبل 22 مايو 1990م.إنه نوع من انبعاث المكبوت،وهو في الأخير يعكس قصوراً كبيراً في التمييز بين المرحلي التاريخي وخلطاً بين الاستراتيجي والتكتيكي،وكذا يتبدى المشهد السياسي والفكري عندنا أحياناً بطابع سريالي-أو حتى فانتازي أقرب إلى بعث الانفعالات والعواطف منه إلى حوار مع العقول أو بحثاً عن حلول ناهيك عن أن يكون متناغماً مع ضرورات العصر ومهمات التحديث ومستقبل الوطن.