مع الأحداث
صدم كثيرون في العالم العربي من خطاب المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية باراك أوباما أمام الاجتماع السنوي للجنة الشؤون العامة الأميركية ـ الإسرائيلية (إيباك)، حيث قطع الوعود بمنح إسرائيل ثلاثين مليار دولار من الدعم العسكري خلال 10 أعوام، كما قال إن القدس يجب أن تبقى عاصمة موحدة لإسرائيل.أوباما الذي يتعاطف معه بعض عالمنا العربي بسبب كرههم لبوش، ولأنه أوحى ببعض الأمل خصوصا عندما وعد بمفاوضات مع إيران، وانسحاب سريع من العراق، عاد قبل يومين و«لحس كلامه»، كما يقال، في خطابه أمام (إيباك).أوباما وعد بحماية إسرائيل، والتصدي لإيران، بكل الوسائل المتاحة، كما حدد شروطا للتعامل مع حماس أبرزها الاعتراف بإسرائيل، وانسحاب «حذر» من العراق. كل ذلك يوحي بأن لا جديد لدى أوباما بالنسبة لأماني البعض في منطقتنا، مثلما أنه لا جديد في التفكير العربي.ففي كل انتخابات أميركية يتحرى العرب الرئيس القادم، متناسين أن كل رئيس أميركي يأتي للبيت الأبيض سيكون محكوما بمصالح بلاده، وبما يقدم له من تقارير ومعلومات. لا يهم ماذا يفهم أوباما في السياسة، الأهم التقارير والوثائق التي ستوضع على مكتبه حيال إيران، وسورية، وحماس.هناك دول في المنطقة، وجماعات، وقفت تتأمل ما ستنتج عنه الانتخابات الأميركية، وأبرزها إيران وسورية، على اعتبار أن أوباما لوح لهم بالجزرة، واليوم بالتأكيد هم محبطون منه.السؤال هو كيف ننتظر من أميركا، أيا كان رئيسها القادم، المساعدة في عملية السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية، ولدينا أجندتان فلسطينيتان مختلفتان. فتح تريد السلام والدولة الفلسطينية، بينما حماس تريد السلطة بلا مسؤولية، وتريد من العالم أن يطيعها أو تنام في أحضان طهران.ومن طرف آخر لدينا سورية التي تريد استعادة الجولان، والاستحواذ على لبنان، والعرب منقسمون حولها؛ هناك من يريد التوسط بين سورية والسعودية ومصر، من دون أن تعدل دمشق من سلوكها، بينما السوريون مشغولون يفاوضون إسرائيل شراء للوقت، حتى خروج المرعب بوش، مثلهم مثل الإسرائيليين، والخاسر طبعا الملف الفلسطيني والاستقرار اللبناني! أما إيران التي اختطفت القضية الفلسطينية، وتحتل لبنان والعراق، فكل ما تريده هو الحصول على السلاح النووي، أو التفاوض مع أميركا، وكان ذلك وعد أوباما لها، بحثا عن ما يمنحها النفوذ والسيطرة على العرب.صدمة خطاب أوباما تعد مؤشرا على أن إيران وحلفاءها سيتنبهون بأن غدا ليس أفضل حالا بالنسبة لهم، ولذا سيعيدون النظر في التهدئة الحالية أملا بفرض واقع جديد على الأرض، خصوصا أن أميركا ستدخل حالة غيبوبة سياسية، بسبب الانتخابات.ولذا فلا بد أن نقول بأن مشاكلنا متروكة لنا، ونحن الخاسر الأكبر، وما لم نحلها بأنفسنا فلن يساعدنا أحد في العراق، ولبنان، وبين الفلسطينيين، ومع إيران وسورية، فما حك جلدك مثل ظفرك. ولكن ذلك لا يعني مسايرة العرب الخائفين الذين يبحثون عن «ترقيد» أو تهدئة المشاكل لا حلها، ونجد أنفسنا دائما أمام مشاكل متراكمة، تزداد تعقيدا! السؤال هل لدينا رؤية واضحة، وإستراتيجية؟* عن/ صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية