صنعاء / سبا :تظل المحطات والاحداث العظيمة محفورة في حياة الشعوب واذهان الجماهير ومخلدة في ذاكرة التاريخ مهما تقادم عليها الزمن أو تغير الواقع المعاش عن زمن وقوع تلك الاحداث, وخاصة تلك المحطات والمنعطفات التي كانت نقطة تحول ومرتكزا لتغيير واقع أي مجتمع نحو الأفضل.ومن هذا المنطلق تظل الثورة اليمنية الخالدة (26سبتمبر و14 اكتوبر) حاضرة في الاذهان بحيث تمثل الاحتفالات بذكراها السنوية فرصة لاستقراء الواقع وماتحقق من اهدافها ومبادئها في شتى مجالات الحياة.ومن محاسن الصدف ان تحتفل جماهير شعبنا اليمني هذا العام بالعيد الرابع والاربعين لثورة الـ 26 من سبتمبر الخالدة والعيد الثالث والاربعين لثورة ال 14 من اكتوبر المجيدة, بالتزامن مع النجاح الكبير الذي حققته الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية والمحلية في الـ20من سبتمبر الجاري, حيث اختار اليمانيون رئيسهم في انتخابات حرة ونزيهة وشفافة حظيت برقابة محلية ودولية واسعة, تمثلت بـ 45 الف مراقب محلي يمثلون الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني ومندوبي المرشحين, و400 مراقب دولي, فضلا عن الرقابة الذاتية من قبل اللجان المكلفة بادارة العملية الانتخابية والتي تمثل مختلف اطراف العملية الانتخابية.وما يميز الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية, وبشهادة المراقبين المحليين والدوليين, هو جديةالتنافس وتكافؤ الفرص أمام كافة المرشحين لطرح برامجهم وتنظيم مهرجاناتهم الانتخابية وعكسها من خلال وسائل الاعلام الرسمية المقروءة والمسموعة والمرئية, بحيث حصل الجميع على مساحات متساوية في التلفزيون والاذاعة والصحف.كما ان مايميز هذه الدورة هو التفاعل الكبير معها سواء من خلال ارتفاع مستوى مشاركة الناخبين أو التفاعل الحزبي وارتفاع عدد الراغبين في الترشيح للتنافس على منصب الرئاسة، رغم أنه لم يحصل سوى خمسة منهم على تزكية مجلس النواب يمثلون المؤتمر الشعبي العام واحزاب اللقاء المشترك واحزاب المجلس الوطني للمعارضة والمستقلين.وقد استحق فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية , ثقة الجماهير في هذه الانتخابات, لا لشيء, وانما لما تحقق على يديه من مكاسب وانجازات ملموسة لدى الجماهير فضلا عن ما يتمتع به من صفات قيادية أهلته أن يقود اليمن في أحلك الظروف والمراحل بكل حنكة وحكمة واقتدار ما جعله الأجدر لمواصلة قيادة مسيرة التنمية في الوطنية في المرحلة المقبلة.[c1]ترجمة لخطط التنمية الشاملة[/c]وغير بعيد عن ذلك, فان الاحتفالات هذا العام تأتي في ظل الكثير من المنجزات التي تحققت وتتحقق للوطن في مختلف المجالات ترجمة لخطط التنمية الشاملة التي استهدفت في المقام الاول تحقيق أهداف الثورة اليمنية المباركة والرقي بالانسان وانتشاله من واقع التخلف الذي كان يعيشه إبان العصور المظلمة قبل الثورة والمتمثل بثالوث الفقر والجهل والمرض.هذه التركة الثقيلة, فرضت الاولوية لتنمية الانسان وتأهيله لكي يكون قادرا على النهوض بالتنمية ومتطلباتها البشرية, التي كانت منعدمة نهائيا في ظل الحكم الامامي المباد.وبالرغم من الامكانات الشحيحة والمحدودة والظروف التي واجهت الثورة منذ اليوم الأول لبزوغ فجرها, الا اننا نستطيع القول وبثقة ان اليمن حققت قفزات نوعية في مختلف مجالات التنمية, خاصة منذ آواخر سبعينات القرن الماضي لإنتخاب قائد محنك وهوالرئيس علي عبدالله صالح والذي تمكن في وقت قياسي من التعامل مع الملفات الشائكة وإخماد بؤر الصراعات الداخلية والمواجهات بين الشطرين وتعزيز دائم الأمن والإستقرار وكبح جماع العوامل التي كانت تمثل عوائق أساسية نحو التقدم والإزدهار لهذا الشعب ما مهد لإحداث إستقرار سياسي وأمني سهل للمضي تدريجيا نحو تحقيق غايات وطموحات الشعب اليمني وتحركت عجلة التنمية نحو الأمام وتسارعت بخط حثيثة في عقد الثمانينات مع البدء بإستخراج النفط واستغلال الموارد الطبيعية وتوظيفها لصالح التنمية البشرية وتحقيق التنمية الشاملة في بلد كان محروم من أبسط مقومات التنمية التي كانت منعدمة تماما ويصعب تشخيص الوضع المأوساوي الذي كان يعيشه ويقبع تحته ماقبل الثورة في العهد الإمامي المباد والإحتلال المتسلط.وجاء إعادة تحقيق وحدة الوطن في 22 مايو 1990م التي ظلت حلما يراود أبناء الشعب عقود من الزمن لتمثل محطة تحول أخرى ونقطة إنطلاق صوب تحقيق تطلعات أبناء هذا الشعب صوب النهوض الحضاري الشامل واللحاق بخطى متسارعة نحو واقع التطور في عصرنا الراهن خصوصا وأن هذا الإنجاز اقترن بإنتهاج الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية وضمان الحريات العامة وحماية حقوق الإنسان ومشاركة المرأة .. سيما بعد إخماد فتنة محاولة الإنفصال في 1994 م و أتباع مبدأ المشاركة الشعبية في صنع القرار من خلال تجربة المجالس المحلية وإتباع إصلاحات شاملة ركزت على تشخيص مكامن الخلل وأوجه القصور التي واجهت البلد جراء الدمج بين النظامين الشطرين السابقين في كافة المجالات ورسمت معالجات هيكلية وتشريعية في المجالات الاقتصادية والإدارية والمالية والقضائية الأمر الذي ضاعف من جهود التنمية والتحديث في اليمن، وتزامن ذلك مع حل قضايا الحدود مع دول الجوار المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ودولة إرتيريا وهو ما أسهم في تنمية وتوسيع علاقات التعاون مع بين اليمن ومحيطه الإقليمي وفتح آفاقا رحبة للتنمية والشراكة وتنمية المنافع والمصالح المشتركة.النجاحات المتتالية التي حققها اليمن الموحد في ميدان البناء الداخلي والتنمية الشاملة والديمقراطية والتعددية السياسيةوإنهاء قضايا الحدود وإنتهاج سياسة خارجية متزنة ترتكز على مبدأ الإحترام المتبادل والمنافع المشتركة كانت عوامل أساسية في تعزيز دور اليمن ومكانته إقليميا ودوليا، فضلا عن الدور النشط للدبلوماسية اليمنية في خدمة قضايا الأمن والإستقرار في المنطقة والعالم والوقوف إلى جانب القضايا العربية العادلة وكذا مساعي اليمن نحو تفعيل التضامن العربي والإسلامي لمواجهة التحديات المحيطة بالأمة والتي ترجمتها جملة من المبادرات في هذا الشأن.. وهو ماجعل اليمن تتبوأ اليوم مكانة مرموقة بين أشقائها واصدقائها.[c1]ميدان التنمية البشرية[/c]وبلغة الأرقام يمكن الإشارة بإيجاز لمدى الإنجازات والتحولات التي شهدتها اليمن خلال الأربعة والأربعين الماضية . ففي ميدان التنمية البشرية التي حظيت باولوية في عهد الثورة المبارك, وصل عدد الطلاب المقيدين بمراحل التعليم الاساسي والثانوي في عام 2005م الى اكثر من خمسة ملايين طالب وطالبة بما يفوق عدد سكان اليمن قبل قيام ثورة سبتمبر الخالدة, موزعين على مايربو عن 16 الف مدرسة منتشرة في مختلف مناطق اليمن, ووفرت فرصة التعليم لكافة المواطنين بمختلف فئاتهم وشرائحهم الاجتماعية, مقارنة بعدد من الكتاتيب وما يمكن تسميته مجازا بالمعاهد, كان الالتحاق بها مقتصرا على علية القوم والمقربين من الاسرة الحاكمة, واحتل الجزء الاكبر من مناهجها بتمجيد الاسرة الحاكمة وسرد فضائلها على الشعب.لم يقتصر الاهتمام على التعليم الاساسي والثانوي فحسب, وانما امتد ليشمل التعليم الجامعي والمهني, بحيث وصل عدد الجامعات الى اكثر من 12 جامعة تضم مختلف التخصصات النظرية والعلمية, فضلا عن كلياتها التي تغطي معظم محافظات الجمهورية.. فيما وصل عدد المعاهد المهنية والتقنية وكليات المجتمع الى حوالي 61معهدا وكلية موزعة على مختلف محافظات الجمهورية, تضم 77 تخصصا روعي في توزيعها احتياجات كل محافظة من الكوادر المؤهلة لتلبية احتياجات سوق العمل.[c1]اهتمام الدولة بالقطاع الصحي [/c]كما احتل القطاع الصحي اهتماما بالغا من قبل الدولة, سواء من خلال المشاريع الحكومية او تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال, وهو ما اثمر في توفير الخدمات الصحية في الريف والمدن على حد سواء, فقد وصل عدد المنشآت الصحية الى اكثر من 282 مستشفى و261 مركزا صحيا و3309 وحدة صحية ومركز رعاية أولية موزعة على كافة محافظات الجمهورية. ووصل عدد الاطباء الى اكثر من 3198 طبيب عام, بينهم 1000 اخصائي في مختلف التخصصات الطبية, فيما وصل عدد الاطباء المساعدين الى اكثر من 5776 طبيب مساعد ,والصيادلة الى اكثر من 1100 صيدلي, وذلك مقابل الاساليب البدائية القائمة على الدجل والشعوذة والحجامة والكي, وهي الوسائل التي كانت اكثر شيوعا في اوساط المجتمع ابان الحكم الامامي الكهنوتي.وشهد القطاع الصناعي هو الآخر قفزات نوعية تمثلت بارتفاع عدد المنشآت الصناعية من الصفر قبل قيام ثورة الـ26 من سبتمبر الخالدة, لتصل بنهاية العام الماضي الى 41 الف و 500 منشأة, موزعة مابين منشأت كبيرة ومتوسطة وصغيرة.[c1]قطاع الاتصالات [/c]كما حقق قطاع الاتصالات خلال ال44 عاما الماضية قفزات نوعية بكل ما تعنيه الكلمه من معنى , بحيث وصلت السعة الهاتفية المجهزة حتى بداية العام الجاري الى مليون و278 الف و 315 خطا هاتفيا, علاوة على مايقارب 125 الف خط هاتفي ريفي.. في حين كانت خدمات الإتصالات قبل قيام الثورة شبه معدومة باستثناء بعض الخطوط الهاتفية البدائية, والتي اقتصرت على 800 خط في المناطق الشمالية خصصت معظمها للاسرة المالكة, فضلا عن 7855 خطا هاتفيا في المناطق الجنوبية خصصت بدرجة رئيسية لخدمة الاحتلال البريطاني ومؤسساته وبعض النشاطات التجارية البسيطة .ويتوقع ان ترتفع السعة الهاتفية بنهاية العام الجاري الى مليون و600 الف خط هاتفي, فضلا عن خدمات التلفون السيار التي اصبحت تغطي كافة محافظات الجمهورية.والى جانب ذلك استهدفت الخطط والبرامج الحكومية المتعاقبة كسر طوق العزلة التي كانت احد ركائز الحكم الامامي المباد, باعتبارها وسيلة من وسائل التجهيل وتعزيز الفقر في اوساط المجتمع خاصة في الريف, وذلك من خلال ربط المحافظات ببعضها البعض عن طريق شبكة من الطرق الاسفلتية وصلت إلى حوالي عشرة آلاف كيلو متر , فضلا عن الاف الكيلو مترات من الطرق الترابيه والحصوية التي تربط فيما بين المناطق وبينها ومراكز المحشافظات, بما سهل من ايصال الخدمات اليها وسرع بالتالي بتنميتها, بالاضافة الى الاسهام في تحسين مستوى معيشة المزارعين لتسهيل تسويق منتجاتهم وايصالها الى مختلف الاسواق في اي محافظة من محافظات الجمهورية.وعلاوة على ذلك فان الحكومة تعتزم اعتبارا من العام المقبل البدء بإجراء دراسات لتنفيذ مشروع استراتيجي هام يتمثل بربط المحافظات الساحلية بسكة حديد, يتوقع ان يسهم في تخفيض تكلفة النقل للبضائع وللمواطنين.وأخيراً....ونستطيع التأكيد بكل ثقة ان ما تحقق في البلاد على مدى 44 عاما, مثل بكل المقاييس قفزة نوعية نقلت اليمن من واقع الجهل والتخلف الى رحاب التقدم والتطور ومواكبة كل جديد, لعل ابرزها اعادة تحقيق وحدة الوطن ارضا وانسانا وترسيخ دعائم الديمقراطية والتعددية السياسية ومبدأ حكم الشعب نفسه بنفسه, تحقيقا لاهداف الثورة اليمنية الخالدة التي قدم من أجل انتصارها شعبنا اليمني التضحيات الجسام الممهورة بدماء المناضلين الشهداء الذين قدموا ارواحهم رخيصة لتنتصر الثورة وتترجم مبادئها على صعيد الواقع العملي.ومما يعزز من الثقة بان المستقبل سيكون اكثر اشراقا هو ان شعبنا اليمني قد شب عن الطوق, واصبح قادرا على التمييز بين الغث والسمين, خاصة في ظل قيادته السياسية الحكيمة ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية, الحريصة على اشراك المجتمع في عملية صنع القرار واحداث التنمية الشاملة في ظل الثوابت التي ارتضاها كافة ابناء اليمن.
|
تقارير
الثورة اليمنية.. إنجازات ومكاسب
أخبار متعلقة