خطوة بخطوة مع مهرجان طريق الحرير بسورية .. مشاهد وانطباعات 2-2
تدمر، الرقة، حلب، اللاذقية/ بشير الحزمي :استكمالاَّ لرحلتنا مع مهرجان طريق الحرير 2008م التي كنا قد بدأنا باستعراض مجريات فعالياتها وخضنا في تفاصيلها في الجزء الأول من انطباعات التي تناولنا فيها تفاصيل رحلتنا مع مهرجان طريق الحرير خلال أيامه الأولى التي قضيناها في دمشق وريف دمشق.. نقوم في هذا الجزء الأخير بتسجيل المشاهد والانطباعات عن رحلتنا المرهقة والممتعة مع مهرجان طريق الحرير 2008م بسورية، وسنتناول فيه تفاصيل أحداث رحلتنا من دمشق إلى تدمر بالرقة وحلب وصولاً إلى اللاذقية ثم العودة إلى دمشق ومنها إلى أرض الوطن..تواصلاً لفعاليات مهرجان طريق الحرير 2008م بسورية انطلقت القوافل الإعلامية المشاركة في المهرجان صباح يوم الأحد 12/ 10 في رحلة يوم من مدينة دمشق نحو المحطة الثالثة في برنامج المهرجان. مدينة تدمر الأثرية التي تقع في قلب بادية الشام شمال شرق دمشق على بعد (245) كيلومتراً منها، وبعد ثلاث ساعات من السفر المتواصل وصلنا إلى مدينة تدمر حيث أمرنا فور وصولنا بوضع أمتعتنا في الغرف التي خصصت لنا في أحد الفنادق الواقعة بالقرب من موقع الآثار التدمرية الذي سنبيت فيه ليلتنا تلك.. بعد دقائق من وصولنا توجهنا مباشرة إلى سد وادي أبيض الذي يبعد عن تدمر من جهة الشمال مسافة (20) كيلومتراً. وهو مكان يقع عند سفح جبل وسط الصحراء ويضم بحيرة محاطة بالنباتات الخضراء. وفور وصولنا إلى هذه المنطقة التي نصبت فيها الخيام تناولنا وجبة الغداء في الهواء الطلق على منظر السد (البحيرة) وخضرة الطبيعية المحيطة به ومن حولها هي الأخرى تقف رمال الصحراء الذهبية في منظر جمالي بديع، وقد عشنا في هذا المكان ساعات طويلة من النهار حتى موعد غروب الشمس مستمتعين بما نشاهده من مشاهد حية تجسد حياة البادية في الصحراء. وقد قدمت فرقة فنية راقصة من البادية رقصات شعبية نالت إعجاب الحاضرين، كما استمتعنا بمشاهدة عروض الباراموتور (الطيران الشراعي) وعرض المناطيد التي حلقت في سماء المنطقة، كما لم يخل المكان من أحد أهم العناصر التي تجسد حياة البادية في الصحراء بكل تفاصيلها وهو جموع الخيول والجمال التي أحاطت بالمكان وكأنها قد اصطفت بجوار بعضها لتحيي كل الحاضرين الذين أتوا إلى هذا المكان لقضاء أمتع الأوقات، ومع غروب الشمس عدنا إلى تدمر حيث انتقلنا إلى الركن البدوي الذي قضينا فيه أمسية رائعة عشنا معها بعض ملامح الحياة في الصحراء، وأطلعنا فيها عن قرب على بعض العادات والتقاليد. وقد تفاعل العديد من الإعلاميين العرب والأجانب مع أبناء الصحراء حيث شاركوهم حلقات الدبكة والرقص، ورددوا معهم بعض الأهازيج.وخلال هذه الأمسية ألتف الحاضرون حول العديد من أبناء المنطقة لمشاهدتهم وهم يطلقون العشرات من البالونات الحرارية التي تزينت بها سماء الصحراء في الليل المظلم ومع كل بالون حراري يطلقونه يطلقون معه أمنياتهم التي يأملون أن تتحقق.[c1]ساعتين في منطقة الآثار التدمرية[/c]وفي يوم الاثنين 13/10 توجهنا في الصباح الباكر إلى منطقة الآثار التدمرية ومن ثم إلى متحف تدمر قبل أن نتوجه إلى الرصافة في محافظة الرقة ففي منطقة الآثار التدمرية التي تقع على مساحة (6) كليومترات تجولنا لساعتين فيها نتأمل آثارها المذهلة التي تنتصب شاهقة مهيبة لتروي لكل من يقف تحتها بأعين شاخصة منبهرة نحوها الكثير من عظمتها وعن قصة الملكة العربية (زنوبيا) وعن كل الملاحم والبطولات التي عاشتها على مر العصور، وفي متحف تدمر الذي لم يسمع لنا بالتجول فيه والتأمل في محتوياته سوى وقت قصير شاهدناه غنياً بمنجزات الفن التدمري عبر العصور من منحوتات وفسيفساء ومصنوعات ذهبية وبرونزية وفخارية، كما يضم المتحف مشاهد حية من الحياة والفولكلور الشعبي في تدمر والبادية.[c1]الرصافة وتعايش أخوي بين المسلمين والمسيحيين[/c]وبعد سير طويل وسط الصحراء متجهين من تدمر إلى الرصافة التي تبعد عن تدمر قرابة (160) كيلومتراً وصلنا إليها والشمس عمودية وحرارتها تلسع وجوهنا فنزلنا من الباصات مسرعين ودخلنا إليها من الباب الجنوبي وانبهرنا بما شاهدناه فيها من عظمة البناء وحجمها الكبير الواسع. حيث كنا على موعد مع احتفالية القداس المقام بمناسبة استشهاد القديسين سيروجيوس وباخوس وصلاة الغائب في جامع هشام بن عبدالملك الذي لم يتبق سوى جزء بسيط منه في داخلها.. والرصافة كما يرويها لنا التاريخ قد ذكرت في القرن التاسع قبل الميلاد على أنها مقر الحكم الأشوري، ثم أصبحت حصناً لحامية رومانية وبنى فيها العديد من الكنائس اعتباراً من القرن الرابع. كما عرفت بأنها مقر إقامة الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك (722 - 742م) الذي مات ودفن فيها، وقد كان المكان في الأصل موقعاً لكنيسة أقيمت تخليداً لذكرى ضابط روماني اسمه (سير جيوس) اعتنق المسيحية ومات في سبيلها في بداية القرن الرابع الميلادي، وفي عام 616م اجتاحها الفرس ونهبوها ودمروها.وحين جاء الخليفة هشام بن عبدالملك بنى في ظاهرها قصرين جميلين ولكن ما لبث العباسيون أن اجتاحوا المدينة ودمروها، وهي الآن ليست سوى مدينة مدمرة على ساحة 21 هكتاراً على شكل مستطيل يحيط بها سور كبير به أربع بوابات رئيسية. وفيه (51) برجاً بأشكال مختلفة. وفي داخلها أنقاض وبقايا كنيسة الشهداء وكنيسة مارسركيس والتي اتخذ جزء منها مسجداً في القرن الثالث عشر. وتشير الكتابات الإغريقية والعربية المحفورة على الجدران كيف تعايشت في هذا المكان الديانتان المسيحية والإسلامية، وهو ما لمسناه فيها حتى اليوم خلال حضورنا احتفالية عيد القديسين سير جيوس وباخوس الذي أقيم في الكنيسة الكبرى وصلاة الغائب في جامع هشام بن عبدالملك الذي يقع جوار الكنيسة الكبرى في داخل مدينة الرصافة وهو ما عبرت عنه بوضوح مشاهد الالتفاف والمحبة والتعايش المشترك بين المسيحيين والمسلمين خلال الاحتفال وما عبرت عنه التراتيل المسيحية التي رافقتها الأناشيد الإسلامية وأكدته الكلمتان اللتان ألقاهما أحد رجال الدين المسيحي وأحد علماء الدين الاسلامي في المنطقة.[c1]رحلة بالقوارب إلى قلعة (جعبر)[/c]بعد ذلك انطلقت القوافل الإعلامية من الرصافة باتجاه الرقة التي تبعد عنها بنحو (50) كم. وما إن وصلنا إليها حتى طلب منا مواصلة السير نحو محمية الثورة البيئة للاطلاع على معالمها السياحية والأثرية. وعند وصولنا إليها كانت وجبة الغداء بانتظارنا. وقد تناولنا وجبة الفداء في داخل خيمة كبيرة نصبت في المحمية في مكان يطل على سد الفرات الذي دشن الرئيس الراحل حافظ الأسد في عام 1973م ويبلغ طوله (4500)م وتشكلت على أثره بحيرة الأسد التي بلغ طولها (80) كم ومساحته (630)كم2. وبعد الغداء توجهنا إلى قلعة جعبر بالقوارب عبر بحيرة الأسد التي قطعناها في (25) دقيقة وصولاً إلى القلعة، وقلعة جعبر هذه تنسب إلى جعبر بن سابق القشيري تتربع فوق هضبة كلسية هشة تقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات وتبعد عن النهر بحوالي (4) كيلومترات، وعن بحير الأسد بـ(15) كيلومتراً وعن مدينة الرقة بـ(50) كيلومتراً، وفي القلعة قمنا بجولة في داخلها وشهدنا عرساً فراتياً أقيم في ساحتها قدمته فرقة الرقة للفنون الشعبية.[c1]جولة في حلب وزيارة قلعتها التاريخية [/c]بعد ذلك انطلقنا ليلاً بصحبة بعض الوفود الإعلامية نحو مدينة حلب التي وصلنا إليها عند منتصف الليل. حيث لم نشأ المبيت في الرقة حسبما كان مفترضاً ففضلنا السفر إليها ليلاً لاغتنام ساعات النهار الأولى من اليوم الثلاثاء (14/10) في التجول بحرية لوقت كان فيه أرجاء مدينة حلب القديمة، وقضاء عدة ساعات بداخل قلعة حلب التاريخية. ومدينة حلب تعتبر العاصمة الثانية لسورية وتبعد عن دمشق من جهة الشمال بـ(350) كم والمسافة بينها وبين الرقة التي أتينا منها (195) كم، ولمدينة حلب التي عرفت باسم “الشهباء” جذور قديمة وعريقة ترجع إلى ما قبل التاريخ، فقد كانت حاضرة مزدهرة منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وبقيت ذات مكانة مهمة وعمران وسكان على مر القرون، وتأتي أهمية هذه المدينة من موقعها الاستراتيجي الذي جعلها تلعب دوراً متميزاً في تاريخ المنطقة منذ المماليك الأكادية والعمورية وحتى العصور الحديثة، وتشتهر مدينة حلب بأبنيتها ذات العمارة المتميزة كالمساجد. حيث يوجد فيها أكثر من ألف مسجد معظمها قديمة، وفيها العديد من المواقع التاريخية المشهورة، والكنائس والخانات والصروح، ومن أهم المعالم الموجودة فيها قلعة حلب الشاهقة والواسعة والكبيرة والتي تتوسط المدينة وتشرف عليها من على ارتفاع (50) متراً ويقال إن أنقاض الحضارات القديمة تراكمت فيها بعضاً فوق بعض، وتعتبر القلعة واحدة من أهم الصروح العربية الإسلامية العسكرية من حيث طرازها المعماري الفريد. وهي أكبر قلاع العالم وأقدمها. وعند توجهنا لزيارتها سبقتنا إليها من بعيد أبصارنا قبل أقدامنا. فرأيناها من بعيد شامخة محصنة يحيط بها سور كبير من كل الجوانب. وبينه وبينها يوجد خندق واسع بعمق (20 متراً وعرض 30 متراً، وقد قيل إنه كان يملً بالماء فيشكل خندقاً دفاعياً يحيط بالقلعة من كل الاتجاهات. وبعد صعودنا إليها متجاوزين بواباتها الرئيسية والخارجية والداخلية توقفنا عند مدخلها نتأمل أبوابها المتقنة المصنوعة من الحديد وفي أبراجها الرائعة بتصميمها، وفي داخلها تجولنا في أقسامها ودخلنا جامع إبراهيم الموجود حتى اليوم في داخلها وهو أحد الجامعين الموجودين فيها.وشاهدنا المسرح الذي يتوسطها والذي شكل بمدرجاته لوحة فنية رائعة كقرص الشمس المشع، ثم توقعنا لوقت في جانب منها يطل على جزء كبير من المدينة التي أدهشتنا بكبر مساحتها وعظمة مبانيها.[c1]متاحف شعبية حية[/c]أما أسواق حلب القديمة المغطاه التي تمتد لأكثر من عشرة كيلومترات والتي أمضينا فيها ساعات متجولين ومتنقلين بين عدد منها فهي ومن دون منازع تأتي في طليعة أسواق المدن العربية والإسلامية من حيث جمالها واتساعها وتنظيمها واحتفاظها بطابعها الأصلي، وكل سوق منها يختص بنوع معين من البضائع والمصنوعات، وهذه الأسواق تعتبر بحق كل متاحف شعبية حية، حيث ما زالت تحتفظ بطابعها. حتى إن المتجول فيها سيعتقد أن الزمن قد عاد به إلى القرون الوسطى لأنها نموذجاً أصيلاً لنط الأحياء التجارية وحركة الناس في تلك القرون أما الخانات في حلب القديمة فأن أكثرها يقع في منطقة الأسواق باعتبارها كانت مخصصة لإقامة المسافرين من التجار والإيداع بضائعهم، وأكثر هذه الخانات تشتهر بواجهاتها المزينة بالزخارف ومداخلها ذات الأقواس العالية وأبوابها الخشبية المصفحة بالحديد والنحاس، وقد زرنا خلال جولتنا في منطقة الأسواق عدداً من هذه الخانات. ولعل من أهمها وأبرزها خان الشونة الواقع بالقرب من قلعة حلب التاريخية عند الواجهة الأمامية لبواباتها الرئيسية، وفي مساء ذلك اليوم استمتعت القوافل الإعلامية بتذوق مختلف أنواع المأكولات والأطعمة التي تشتهر بها محافظة حلب والتي تنافست في إعدادها وتقديمها لضيوف مهرجان طريق الحرير في مهرجان المأكولات الذي أقيم في خان الشونة عشرات الطباخين المشاركين من أشهر المطاعم والفنادق الموجودة في مدينة حلب، وبعد حضورنا مهرجان المأكولات في خان الشونة توجهنا إلى قلعة حلب التاريخية لحضور أمسية موسيقية أقيمة في قاعة العرش بداخل القلعة أحيتها فرق موسيقية من سورية وإندونيسيا والهند وتركيا وإيران وغيرها من الفرق الموسيقية الأخرى التي قضينا معها أمتع الأوقات نستمع إلى فقراتها الموسيقية المختلفة.[c1]النشاط السياحي في سورية[/c] وفي صباح يوم الأربعاء (15/ 10) وقبل أن تنطلق القوافل الإعلامية من مدينة حلب المحطة قبل الأخيرة في المهرجان والأخيرة بالنسبة لنا وهي مدينة اللاذقية كنا قد حضرنا مؤتمراً صحفياً لمعالي وزير السياحة السوري الدكتور/ سعد الله آغه القلعة، وخلال المؤتمر الصحفي تحدث وزير القلعة أمام القوافل الإعلامية المشاركة في المهرجان عن مجمل النشاط السياحي في سورية وآفاق تطويره وحركة النمو التي شهدها خلال السنوات الأخيرة، وقد كان من أهم ما قاله الوزير القلعة خلال المؤتمر الصحفي أن سورية تتطلب زيارتها في الواقع شهراً كاملاً ولكن المهرجان وقته محدد، وهذا العام كان البرنامج محكماً ومتغيراً عن كل الأعوام السابقة، وأشار دائماً أن يكون هناك إبراز لعناصر المنتج السياحي السوري. وهي عملية صعبة لأن المنتج السياحي السوري متنوع جداً يفوق بشكل أحياناً القدرة على إبراز عناصره الرئيسية في جولة واحدة. ونوه الوزير أن المنتج السياحي غني ومنوع وكبير، وأن المدن والمواقع والأسواق والخانات والقلاع والمدرجات والمحميات الطبيعية والمزارات الدينية من جوامع وكنائس وغيرها من الأماكن التاريخية والأثرية والطبيعية الأخرى التي أدرجت في برنامج المهرجان العام ليست سوى نماذج فقط لبعض عناصر المنتج السوري التي لم تكن معظمها قد أدرجت في برامج الأعوام السابقة.وأشار إلى أن العمل في سورية مستمراً لتطوير المنتج السياحي والذي كان في البداية سياحة ثقافية ودينية. نتيجة للمخزون الرائع من ما أنتجه أكثر من ثلاثين حضارة أو فترة حضارية مختلفة تركت مرتسمات على أرض سوريا، أو سياحة دينية سواء المسيحية والإسلامية نتيجة دور سورية في تاريخ الديانتين الإسلامية والمسيحية.وأوضح أن هناك أيضاً منتجاً آخر قد يتاح للوفود الإعلامية الاطلاع على جزء منه في المناطق الساحلية والجبال والمناطق ذات الخضرة الكثيفة والتي تقوم تضاداً إيجابياً بين تدمر وبين الجبال على الساحل السوري من حيث الطبيعة والبحيرة.وقال إن سورية قد بدأت تقدم منتجات سياحية أخرى كسياحة الأعمال والمؤتمرات. حيث احتلت سورية هذا العام وفق تقرير المجلس الدولي للسياحة والسفر المركز الثاني على مستوى العالم في معدل نمو سياحة الأعمال والمؤتمرات وهذا جاء نتيجة لكل نشاط الاقتصادي الذي تعمل عليه الحكومة السورية، حيث أصبحت سياحة الأعمال والمؤتمرات تحقق الآن 9% من مجمل النشاط السياحي ف سورية، كما حققت السياحة الصحية 5% من مجمل النشاط السياحي في سورية.وأضاف أن السياحة البيئية والسياحة النهرية على الفرات قد بدأت تأخذ مناحيها، كما أن هناك مساعي لتوليد منتجات سياحية جديدة في سورية.وأكد أن العمل السياحي يقوم على ركيزة واحد وهي مبدأ التوازن بين العرض والطلب. وهو ما يتطلب زيادة في الطاقة الفندقية بما يتوائم مع زيادة عدد السياح. كما يتطلب زيادة في عدد العاملين في المنشآت الجديدة التي يجري بناؤها.وقال:”ونتيجة لجهودنا الترويجية كمهرجان طريق الحرير أو نشاطات كثيرة في سورية أو نشاطات خارجية كقوافل الترويج التي نطلقها دائماً في كل فترة إلى دولة من الدول الرئيسية في السياحة، ونتيجة للإجراءات والفعاليات التي قامت بها وزارة السياحة بسورية على مدى السبع سنوات الأخيرة، تزايد المعدل السنوي للسياح في سورية إلى (15%) وهو معدل عالٍ مقارنة بالدول الأخرى المحيطة بسورية.وأشار إلى أن لدى سورية اليوم استثمارات سياحية قيد الإنشاء بحوالي (أربعة مليارات دولار) ستنجز أغلبها في عامي 2010و 2011، وأن عدد الأسِرة في سوريا اليوم أكثر من (50) ألف سرير. وبحسب المنشآت السياحية التي تبني الأن سيصل عدد الأسِرة في عام 2010م إلى (80) ألف سرير، وأن ما هو مطروح للاستثمار حالياً وليس هو قيد الإنشاء (140) ألف سرير محددة كمشاريع وكبرنامج تخطيطي في المنتج السياحي في سورية وهي (مناطق التطوير المتكاملة) التي ستتركز في المناطق التي لم تحظ باستثمارات وفيها مقومات سياحية، وقد تم تحديد مناطق في سورية وسيعقد لها قبل نهاية العام الجاري ملتقى استثماري في سورية.ونوه أيضاً بمساهمة قطاع السياحة بحوالي 14 %من الناتج الوطني الإجمالي وهي مشاركة مهمة تبرز ما تقدمة السياحة للاقتصاد الوطني،ووصول عدد فرض العمل في قطاع السياحة إلى حوالي 13 % من عدد فرص العمل في سورية،وأن هناك اتصالات مع أكاديميات سياحية عالمية مشهود لها في العالم بالقدرة على التدريب بجودة عالية،والبحت معها لافتتاح فروع لها في سورية لكي تشرف بنفسها على عملية التدريب لأن مستوى الجودة يجب أن يكون بالمستوى العالمي.وأضاف: أن موضوع الجودة موضوع مهم جداً. ونحن الأن حددنا جميع المواصفات السياحية من أجل نقوم بتطبيقها على المنشآت السياحية القائمة وعلى المنشآت الأخرى بما يتوافق مع المعايير الدولية للمواصفات السياحية.[c1]جمال طبيعي يتعدى الخيال [/c]وما إن انتهى المؤتمر الصحفي الذي عقدة وزير السياحة السوري بحلب حتى باشرت القوافل الإعلامية الإنطلاق في رحلة يوم جديد نحو مدينة اللاذقية التي تبعد عن حلب مسافة (186)كيلومتراً،وفي الطريق إلى اللاذقية استوقفتنا العديد من المشاهد والصور للمناظر الطبيعية البديعة التي بهرت أعيننا وشرحت بجمالها صدورنا وحلقت في رحابها أفئدتنا،فالمساحات الخضراء الواسعة لم تغب عن أنظارنا ولو للحظة طوال رحلتنا من حلب إلى اللاذقية.فمن مزارع الزيتون إلى حقول القمح وغابات الصنوبر وأشجار الغارالتي ظلت تلازمنا طوال الطريق إلى اللاذقية وعندما كنا نمضي في طريقنا نحو اللاذقية كنا نسير وسط غابات الجبل والتلال في محمية الشوح وما قبلها وفي الطريق صعوداً إليها وهبوطاً منها.كان كل فرد منا يبدي إعجابه وانبهاره لروعة ما نشاهده من جمال الطبيعة الخضراء التي لو لم أمر بنفسي بها وشاهدتها بأم عيني لا عتقدت أن أي حديث حولها قد يكون ضرباً من الخيال.. وحقيقة إن حسن وجمال ما رأينا من جمال طبيعي في طريق رحلتنا من حلب إلى اللاذقية قد تعدى الخيال، فهي تعتبر من أجمل الطرقات في سورية إذ انها تتغلغل متعرجة بين أشجار الصنوبر العالية ومروج الزهور البرية وبساتين الزيتون والتفاح والغار وغيرها من الأشجار النباتات التي اكتسبت بها الجبال وتزينت بها الطرقات، وكلما مضينا في الطريق مع كل منعطف نمر من خلاله يجعلنا نعيش مع مشهد طبيعي أجمل من سابقة. ومع كل منطقة أو قرية نمر بها نجد أشجار الغابات المحيطة بها تعانق بعضها بكثافة تكاد الأرض حتى في أعلى الجبال الشاهقة والكتل الصخرية الكبيرة. فقد أكتست بجمال الطبيعة وغطتها الأشجار الكثيفة وعند توقفنا لعدة مرات في طريق سيرنا وسط تلك المحميات ضمن المسطح الأخضر المطل على الغاب شد انتباهنا شيء لم نألفه من قبل وهو أن كل شجرة موجودة في هذه المساحات الواسعة والغابات الكثيفة في هذه المحميات الطبيعية عليها لوحة معدنية مثبته بإحكام وقد ختم عليها بواسطة حفر بعض الكلمات التي لم تتبين حروفها لنا إلا عند وقوفنا على مقربة منها. حيث وجدنا أن هذه اللوحة المعدنية المثبتة على كل شجرة تحتوي على بعض المعلومات الأساسية عن الشجرة كنوع الشجرة ورقمها وتاريخها وعمرها، واللافت للنظر أيضاً في رحلتنا هذه أن مساحة الجمال الطبيعي في سورية لاتنحصر فقط في التلال الخضراء العالية أو السهول، وإنما تتعدى ذلك وتمتد إلى وسط المدن السورية وما حولها فتتغلغل الحدائق والبساتين المليئة بأشجار الليمون والتفاح والزيتون وغيرها بين بيوتها المتقاربة حتى إننا لانكاد نمر من أمام أي بيت في مختلف المدن السورية إلا ونشاهد مساحة خضراء تحيط بها أو بجزء منها.[c1]قلعة صلاح الدين الأيوبي ونظرة من بعيد[/c]وفي القرب من مدينة اللاذقية وما إن بدأت ملامح قلعة صلاح الدين الأيوبي تظهر أمامنا شامخة من على قمة أحد التلال الواقع على يسار الطريق الذي يقودنا إلى اللاذقية، وكأنها قد اعتلت ذلك المكان لترحب ومن مسافة بعيدة بكل زائر يقصدها. وعندما كنا نعتزم الإنعطاف من الطريق الرئيسي الذي كنا نسلكه إلى طريق فرعي يؤدي بنا إلى قلعة صلاح الدين الأيوبي، إذا بالأمطار الغزيرة تهطل علينا ما إضطرنا إلى إلغاء زيارة القلعة ومواصلة السير نحو اللاذقية والإكتفاء بمشاهدتها من على بعد مئات الأمتار.[c1]مدرج (جبلة) يستعيد ألقه[/c]وبعد أن وصلنا إلى اللاذقية استرحنا في غرفنا بالفندق الذي نزلنا فيه لمدة ساعتين، ثم اتجهنا بعدها نحو مدينة جبلة الساحلية التي تبعد عن مدينة اللاذقية من جهة الجنوب (28) كيلو متراً حيث كنا عل موعد مع حفل اختتام المهرجان الذي أقيم على مسرح جبلة التاريخي وقد تضمن الحفل عروضاً فنية راقصة لاقت تفاعلاً كبيراً من الحضور الجماهيري الذي غصت بهم مدرجات المسرح، وقد قدمت الفرق الفنية المشاركة في المهرجان من سورية وتركيا وإندونيسيا والهند واسبانيا وغيرها عروضاً فنية راقصة جسدت قوافل طريق الحرير التي كانت تلتقي على أرض سوية وأذهلت الحضور وأعادت لمسرح جبلة ومدرجة الأثري ألقه ومجده.وكان حفل اختتام المهرجان قد بدأ بعرض فيلم بعنوان “ذاكرة وحوار” جسد فكرة إقامة المهرجان والفعاليات والتقاليد التي كانت تمارس عبر قوافل طريق الحرير.[c1]حضور إعلامي كبير[/c]لقد كان أبرز ما ميز مهرجان طريق الحرير 2008م هو مشاركة أكثر من 250 إعلامياً عربياً وأجنبياً من جميع أنحاء العالم، فكان الحضور الإعلامي الكبير واللافت سمة ميزة للمهرجان حيث تجمعت الوفود الإعلامية القادمة إلى سورية من الشرق والغرب وجرت بينها لقاءات للوفود الإعلامية المختلفة فرصة للتعارف فيما بينها وتكوين صداقات عدة، وقد عكس هذا الحضور الكبير المتميز أهمية هذا الحدث السياحي الذي خرج الإعلاميون منه بمئات الصور وآلاف الكلمات عن أصالة شعب وحضارة وطن، وهنا لايفوتنا الإشارة إلى ما حظي به الوفود الإعلامي اليمني المشارك في المهرجان من الحفاوة والاهتمام من قبل وزارة السياحة السورية الذي عكس الاهتمام المتعاظم الذي أولته الوزارة والقائمين عليها لاستقبال وضيافة الوفود الإعلامية طيلة أيام المهرجان رغم عددهم الكبير، وقد كانت رفقتنا نحن أعضاء الوفد اليمني ممتعة، فكان الزملاء أحمد الأغبري من وكالة “سبأ” للأنباء وعبدالملك الجرموزي من صحيفة “الجمهورية” وأحمد الزيادي وفيصل العقاري من التلفزيون قد اضفوا على رحلتنا نكهة خاصة أزالت عنا الكثير من الأرق والتعب اللذين لازمنا طوال الرحلة وأبدلته بجو من المرح والمتعة، فلهم جميعاً مني كل محبة وتقدير واحترام.[c1]تلاحم شعبي وتعايش ديني[/c]وفي سورية وجدنا المسلمين يعيشون إلى جانب المسيحيين في وئام ومحبة وأمن وسلام وإحترام متبادل، يكمل كل منهم الآخر في نسيج مشترك متكامل ولحمة وطنية قلما تجدها في أي مكان آخر، ففي سورية توجد الكثير من المزارات الإسلامية كالمساجد والجوامع التاريخية والمواقع الاثرية الإسلامية المهمة وإلى جوارها توجد العديد من المزارات المسيحية من كنائس وأديرة وأماكن وبلدات تاريخية مهمة بالنسبة للمسيحيين، وإليها يتوافد الزوار من المسلمين والمسيحيين من كل البقاع السورية، فمن هناك إلى هناك نجد ابناء الشعب الواحد من الديانتين الإسلامية والمسيحية يتلاقون في محبة واحترام وانسجام، وهنا أستطيع الجزم بأنه لايمكن لأي زائر إلى سورية أن يعرف المسلم من المسيحي للتلاحم الكبير والتعايش المشترك والاحترام المتبادل بين أبناء الديانتين من دون أي تمييز بينهم.[c1]سورية تشهد تنمية حقيقية شاملةوخلال رحلتنا المتواصلة داخل الأراضي السورية وتنقلنا بين عدد من المحافظات والمدن السورية ومرورنا على العديد من القرى والمناطق الريفية، كان من أبرز ما لفت أنظارنا خلال رحلتنا هذه هو أن سورية تشهد تنمية حقيقية شاملة بكل ما للكلمة من معنى، حيث لاتختلف قراها الريفية عن عواصم مدنها لما تشهده من اهتمام كبير سواء من حيث الطرقات المعبدة أو الخدمات التعليمية أو الصعبة أو شبكات الكهرباء والهاتف والمياه أو الانتشار الواسع للمدن والمباني السكنية التي تنشئها الدولة في كل مدينة ومنطقة بسورية وبأعداد كبيرة لا يمكن حصرها، وغيرها من المجالات والخدمات الأخرى التي لاتسمح المجال هنا لذكرها والخوض في تفاصيلها.[c1]متحف طبيعي مفتوح[/c] وخلاصة القول أن سورية تعتبر متحفاً طبيعياً مفتوحاً على امتداد أراضيها الواسعة التي تنتشر فيها المدن التاريخية والمواقع الأثرية والتي يزيد عددها على 400 مدينة وموقع أثري تعد من أهم أوابد الحضارة الإنسانية، وفيها الكثير من القلاع التاريخية التي تعتبر من أهم المناطق الأثرية في سورية ويعد بعضها من أهم القلاع وأكبرها في منطقة الشرق الأوسط، كما تشتهر سورية بامتلاكها العديد من المواقع والمزارات السياحية التي يقصدها السائحون من كل مكان.[c1]موقف محرج في مطار دمشق[/c]وختام القول نقف مع موقف محرج عشناه في مطار دمشق فعندما كنا على موعد مع رحلة العودة إلى صنعاء عصر يوم الخميس الموافق 15/ 10 حدث لنا موقف محرج لم يكن في الحسبان، حيث كنا قد حرصنا قبل أن نتوجه إلى المطار للعودة إلى أرض الوطن على أن ننظف جيوبنا من أية نقود نحملها وذلك بشراء بعض الهدايا الشامية للأقارب والأحباب الذين ينتظرون عودتنا بفارغ الصبر، وفي صالة المغادرة إذا بنا نفاجأ بالضابط المناوب المختص بمنح تأشيرة الخروج يطلب منا التوجه إلى إحدى النوافذ الموجودة في صالة المطار لدفع رسوم المغادرة وهو مبلغ «1500» ليرة سورية كإجراء ضروري وهو ما لم نكن قد وضعناه في الحسبان ولم نكن قد سمعنا به أو نبهنا له من قبل أي أحد، فقلنا لموظف الجوازات إننا ضيوف سورية في مهرجان طريق الحرير وقد حضرنا قبل أسبوع فقط وبدعوة رسمية من وزارة السياحة السورية، فأكد ضرورة الدفع أو عدم المغادرة، ولأننا كنا على مقربة من موعد إقلاع الطائرة في رحلتها إلى صنعاء، حاولنا تدبر أمرنا والبحث عن حل سريع لمشكلتنا، وبمحض الصدفة قال أحد الزملاء إن لديه مائة دولار فطلبنا منه أن يقرضنا إياها إلى حين عودتنا إلى صنعاء وبالمائة الدولار التي اقترضناها تدبرنا أمرنا وعدنا بسلامة الله وحفظه إلى ديارنا ننفض عنا غبار الحرج للموقف الذي تعرضنا له في مطار دمشق.