بعد حصوله على جائزة الشارقة في الإبداع المسرحي
[c1]* خبرتي أضعها بين يدي الطلاب وأخيرهم بين منهجي سلافسكي وبريشت[/c]القاهرة : 14اكتوبر / وكالة الصحافة العربية سعد أردش ، هو واحد من رواد العمل المسرحي عرفه المسرح ممثلاً وناقداً ومخرجاً ، مثلت أعماله المسرحية قيمة فنية كبرى ، ومدرسة متميزة في هذا المجال لها عشاقها الكثيرين في أنحاء الوطن العربي ، حصد العديد من الجوائز عن أعماله كان آخرها تتويجه بجائزة الشارقة للإبداع المسرحي في نسختها الأولى ، والتي عقدت مؤخراً تقديراً لعطاء هذا الفنان الذي لم يتوقف عبر أكثر من أربعين عاماً واستطاع أردش أن يعيد ضبط بوصلة المسرح المصري عندما قام بتقديم عرض "الشبكة" لبريخت مرة أخرى بعد أن كان هو أول من قدم هذا العرض في ستينات القرن الماضي ، وعن مشوار هذا العملاق وتلك القيمة المسرحية الكبيرة كان هذا اللقاء مع سعد أردش.[c1]* إذا عدنا بالذاكرة إلى القرن الماضي نجدك أخرجت عملين من أعمال برتولد بريشت وكان ذلك إسهاماً في نقل المسرح المصري من الدراما المغلقة أي ما يسمي بمسرح العلبة إلى المسرح الملحمي فإلى أي حد كان تأثير هذين العملين على الحركة المسرحية؟[/c]- نعم، كان ذلك تحديداً في عام 1966 حيث أخرجت له عملاً ملحميا في مسرح الحكيم هو " الإنسان الطيب عن ستشوان"، ثم أخرجت له مسرحية "دائرة الطباشير القوقازية" عام 1968 على المسرح القومي بالاشتراك مع كورت فايلا أحد مخرجي مسرح البرليز إنسانيل في برلين، وهو الذي نقل المسرح المصري من منهج الواقعية إلى منهج التعلىمية والملحمية وهذه النقلة مهمة جداً لجماهير العالم الثالث، ولا شك أن طرح مسرح بريخت التعلىمي كان له أثر سواء على الكتاب أو على المخرجين والممثلين بشكل عام، لأنها نقلت بعض العالم للمنهج البريشتي وخصوصاً فيما يتصل بعامل التجريب.[c1]* كنت أول من كون فرقة مسرحية مستقلة عن مسرح الدولة في الخمسينيات ما أثر هذه التجربة علىك وعلى جيلك؟[/c]- المسرح الحر في الحقيقة له تاريخ مضيء في المسرح المصري، لأنه قائم على مجموعة من خريجي المعهد بإمكاناتهم الضعيفة جداً إلا أنهم من خلال هذه الإمكانات التي تكاد تكون معدومة استطاعوا أن يحولوا تيار المسرح من الاستهلاكية إلى الاجتماعية، وكان من أهم إنجازاتهم اكتشاف نعمان عاشور رأس جيل كتاب الستينيات ثم اكتشاف إبسن الكاتب الواقعي العالمي بعد ذلك أعمال نجيب محفوظ وخاصة الثلاثية التي أعدت للمسرح وعرضت بعد ذلك.[c1]متغيرات مطروحة* الآن وبعد أكثر من أربعين عاماً تعود بنا إلى بريشت فما الدافع إلى ذلك وهل يسمح المناخ المسرحي والثقافي حالياً بإعادة قراءة المسرح الملحمي؟[/c]- بلاشك ، لأنه العمل الذي أخرجته أخيراً للمسرح القومي "الشبكة" أو "صعود وهبوط مدينة ماها جوني" صحيح هو عمل من أوائل "برتولد بريشت" وكتبها تقريباً في أوائل الثلاثينيات إنما يعتبر داخلاً في الحوار مع القضايا المطروحة الآن في الشارع وليس الشارع المصري فقط، وإنما العربي والعالمي أيضاً والسبب في هذه المتغيرات الكثيرة التي لحقت بالعالم هي المتغيرات الاقتصادية والتغيرات التكنولوجيا والهيمنة، التي تفرضها أمريكا على العالم، وما تؤدي إلىه هذه الهيمنة في منطقة الشرق الأوسط على الأقل ثم العلاقة بين المجتمع والنظام الرأسمالي وما تؤدي إلىه هذه العلاقة من أثر اجتماعي تدفع إلى أن يتطلع الإنسان إلى العدالة الاجتماعية.[c1]* لنجاح عرض مسرحي لبريشت يحتاج ذلك إلى كاست على نفس المستوي فهل تجد في الممثلين من هم على مستوى "هيلينا فايجل" وهي ممثلة كبيرة في مسرح برلينر إنسانيل؟[/c]- جوابي على هذا السؤال يختصر رأي هيلينا فايجل وبعض رواد المسرح برلينر إنسانيل مسرح بريشت عندما شاهدوا عرض الإنسان الطيب ودائرة الطباشير القوقازية النسخ المصرية، حيث قالوا: إن هذ العرض لا يقل بل يتفوق على برلينر إنسانيل في ذلك الوقت وأنا أذكر كلمة قالها أحد رواد برلينر إنسانيل، إن الفنان شفيق نور الدين رحمه الله أصدق من أدى دور القاضي في دائرة الطباشير القوقازية المسألة متاحة في مصر، لأن مصر ما شاء الله ولادة ومليئة بكوادر المبدعين.[c1]* نعود إلى دور الفنان محمود حميدة الذي يقربنا إلى شخصية بأول أكريمان وكأن الدور قد كتب له أما شخصية الريسة التي تلعب دورها الفنانة القديرة سميحة أيوب ألا ترى أنها خالية من الليونة وخصوصاً أنها امرأة تقود أشخاصاً للمتعة؟[/c]على العكس تماماً الفنان محمود حميدة ،كما ذكرت جسد دور بأول أكريمان وكأنه قد كتب له وبالنسبة للأستاذة سميحة أيوب لا أعتقد أن هذا الإحساس كان لدى الجمهور الذي شاهد العرض سميحة لأول مرة تقدم شخصية شريرة بهذا المستوى وهذا ما قد يدفعها أحياناً أو يضطرها إلى أن تلطف الشخصية أكثر إنما السيدة سميحة أيوب تؤدي شخصية الريسة بكل أدواتها باقتدار شديد.[c1]* هل أضفت أو حذفت شيئاً لنص ماهاجوني أم هي الترجمة الأصلية؟[/c]- نحن نفذنا العمل على النص الأصلي وهو ترجمة د.يسري خميس، وبعد ذلك نفذت بتصرف في إطار ضيق جداً. [c1]نظرة مثالية* من المخرج المسرحي الذي تأثرت به في مشوارك الفني؟[/c]- الأول هو الأستاذ زكي طليمات طبعاً أستاذنا جميعاً واستاد النهضة التعلىمية بمصر وأوراسيا كوتيا أستاذ الإخراج، الذي تعلمت منه تفاصيل علوم الإخراج .. بالإضافة إلى أنني استفدت من كل مخرجي العالم وقرأت أعمالا لكبار المخرجين وتأثرت بهم منهم "جاك كوبوه". لأنه مخرج مثالي يدعو تلاميذه لأن يبدعوا الفن للفن، بصرف النظر عن الإيرادات المالية يمكن هي نظرة مثالية جداً ولكن بلاشك أنه استطاع من خلال هذه النظرة أن يؤسس فرقة عظيمة جداً لها شأن في المسرح الفرنسي.[c1]* ما رأيك فيما يقال عن المسرح المصري الذي كان متوهجاً في فترة الستينيات وقد تردى كثيراً الآن ؟ وما هو دور المسرح التجريبي في هذا ؟[/c]- المسرح التجريبي ضرورة لو استطعنا أن نستفيد بهذه التجارب الواردة إلىنا من العالم شرقاً وغرباً ولكي نستفيد لابد أن تكون هناك آلية تحقق هذه الاستفادة مهم وجود مسرح تجريبي يقدم لنا كل عام الجديد في عناصر العرض المسرحي.[c1]* جانب آخر لا يعرفه سوي الخاصة هو سعد أردش الأستاذ الأكاديمي، ما منهجك في إعداد الجيل الجديد من الممثلين؟[/c]- أنا أعطي خبرتي كأستاذ وكتجربة للطلاب سنة بسنة وأعرض علىهم استمرار المنهج الموروث لستان سلافسكي والمنهج الموروث لبرتولد بريشت وهم يختارون .[c1]* أيهما الأفضل بالنسبة لك؟[/c]- بالنسبة لي منهج برتولد بريشت طبعاً، لأنه هو الذي يحقق الوظيفة الحقيقية للمسرح وهي وظيفة التثقيف .[c1]* وأي من المؤلفين تحب التعاون معهم؟[/c]- في الحقيقة أنا قدمت كثيراً من الكتاب سواء من الكتاب المصريين أو الكتاب العالميين قدمت سعد الدين وهبة في كثير من الأعمال ويوسف إدريس ومحمود دياب وعلى سالم ونبيل بدران وسارتر في الندم والبرجوازي النبيل للوميير.[c1]* وأي الأعمال المسرحية التي تفتخر بها ولم تنسها؟[/c]- هناك أعمال كثيرة مثل "سكة السلامة، الإنسان الطيب، دائرة الطباشير القوقازية" والجنس الثالث ليوسف إدريس، باب الفتوح لمحمود دياب، كل هذه الأعمال مضيئة في حياتي.[c1]سلبيات محدودةـ المهم أكثر بالنسبة لك ، رأي الجمهور أم رأي النقاد؟[/c]مهم جداً نقد النقاد الناقد هو المرآة الحقيقية للعمل المسرحي ، وفي هذه المسرحية "الشبكة" أو "صعود وسقوط مدينة ماهاجوني" النقد كان متوائما معي، فهو لم يكن باستمرار إيجابيا إنما السلبيات كانت محدودة جداً والحمد لله .[c1]* ما المشاكل التي تعوقك في هذا العرض المسرحي "الشبكة"؟[/c]- هذا العرض بذلت فيه مجهوداً يقدر بأضعاف المجهود، الذي بذلته في الأعمال التي أخرجتها في الستينيات وهذا جاء نتيجة المتغيرات الحاصلة في المجتمع متغيرات في الإنسان، متغيرات في المسائل البيروقراطية متغيرات في السلوك العام خاصة وعانيت معاناة شديدة ، لكي يخرج بهذا الشكل.[c1]* على خشبة مسرح الحكيم أخرجت مسرحية المخططين وفي ليلة الافتتاح أصدر وزير الخارجية وقتها أمراً بمنع عرضها وبالفعل تم غلق المسرح فما الذي أزعج السلطات في المسرحية لكي تتخذ هذا القرار؟ [/c]- هذه المسرحية ليوسف إدريس وقد شرح فيها ما يسمي بمراكز القوي ومراكز القوي هم كانوا الحكومة كلها أمثال على صبري وشعراوي جمعة ومحمد فايق، فقد شرحهم جميعاً بعمل كاريكاتير شعبي لكل منهم مثير للضحك والدكتور ثروت عكاشة وقتها كان وزيراً للثقافة تحمس جداً للمسرحية وكلفني بإخراجها وأخرجتها بالفعل واستمرت البروفات لمدة 8 شهور متواصلة، وفي ليلة الافتتاح جاءت أوامر بغلق المسرح وعدم عرض المسرحية على الجمهور لماذا؟ لأن الدكتور ثروت عكاشة يبدو أنه خاف من مراكز القوى، فأرسل الشعراوي جمعة وقال له: إنني تحمست كوزير للثقافة لهذه المسرحية وكلفت فلانا بأن يخرجها ولكني أرسل إلىكم النص المسرحي، فقد يحتوي على بعض الإهانات السياسية فأسرع شعراوي جمعة بتشكيل لجنة من 40 فرداً وأرسلوا له مجلد بالشتائم الموجودة بالنص وأصر شعراوي جمعة برفعها وفعلا أغلق المسرح وتم اغتيال المسرحية ليلة مولدها، مرت السنوات وتحولت الظروف وأخرجتها على مسرح دمياط وقت الثمانينيات بعد أن تبدلت مراكز القوى وقد لقوا مصائرهم وراء قضبان السجون.