من اليمين نجيب مقبل، عصام خليدي، علي حيمد، عصام وادي وعبدالرحمن ابراهيم والهام عبدالوهاب ومحمد نعمان الشرجبي
علي حيمد:في البدء استميحك عذراً لأبدأ رسالتي معاتباً إياك كونك تركتنا دون وداع ولكنها مشيئة الخالق عز وجل وهي الحقيقة التي لا مفر منها لأنها حق على كل كائن حي على وجه هذه الدنيا الفانية فأرجو أن تسامحني لعدم تمكني من الحضور لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على جثمانك ولكني أقول الله يسامح الذين كانوا السبب في ذلك وهم الذين بخلوا حتى بمجرد إدارة قرص الهاتف لإبلاغي بخبر رحيلك المفجع،كما أرجو أن تسامحني على عدم تمكني من حضور تشييع جثمانك الطاهر إلى المثوى الأخير وهذا أتحمله أنا كوني بعد أن عرفت بنبأ وفاتك بعد الساعة الثانية والنصف من ليلة الأربعاء3/يونيو/2009م حصل عندي حالة من الأرق وحصل بين (عيني وبين النوم بادي) فلم يغمض لي جفن إلا تقريباً عند حوالي الساعة الرابعة فجراً على الرغم من ضبط المنبه عند موعد أذان الفجر وهذا ما جرت عليه العادة كوني ولله الحمد مداوم على صلاة الفجر جماعة في جامع الحي الذي اقطنه ولكن في ذلك اليوم لم يفِ المنبه بأداء الغرض ولم يتمكن من إيقاضي بعد أن غصت في نوم عميق بعد ليلة طويلة من السهر والأرق قضيتها في استعراض شرائط الذكريات الحلوة والمرة التي عشناها سوية منذ أن تعرفت على شخصكم الكريم آواخر ثمانينات القرن الماضي وتكونت بيننا علاقات صداقة وزمالة ومحبة اتسمت بالنواحي الإنسانية فخلال هذه الحقبة الزمنية تعرفت عليك إنساناً يتسم بالتواضع والأخلاق الحميدة والبساطة في السلوك والتعامل مع الآخرين،لم أجدك يوماً متعالياً أو متكبراً على من يبادلك التحية أو يتشرف بمقابلتك أو الجلوس معك كنت أستاذاً حقيقياً متمكناً من أدواتك وملكاتك الإبداعية التي حباك الله إياها وصقلتها وطورتها بعلمك وبقراءتك وبإطلاعك وبمثابرتك في التزود بكل مصادر العلم والمعرفة وبالذات في مجال الأدب والنقد الأدبي والشعر بكل تفرعاته،كنت مذهلاً لأساتذتك وزملائك أنت تجلس في مقاعد الدراسة أثناء تحضيرك لرسالة الماجستير التي حصلت عليها بكل تميز ونجاح(امتياز مع مرتبة الشرف) وكان لي وعدد من الزملاء شرف حضور دفاعك عن رسالة الماجستير وكم كنت أتوق وأتطلع إلى حضور دفاعك عن درجة الدكتوراه التي كنت تعد العدة لنيلها ووافاك الأجل وأنت بصدد وضع اللمسات الأخيرة على إنجازها وعلى الرغم من عدم حصولك على الدكتوراه إلا أن كل من يستمع إلى مداخلات وآرائك النقدية والأدبية في المنتديات والندوات لايتوان أو يتردد في أن يطلق عليك بل ويناديك يا دكتور عبد الرحمن ولقد سمعت ذلك بأذني لأن شخصية إبداعية بمقامك لا يمكن أن توصف أو تنادي إلا بلقب أستاذ ودكتور وكل الألقاب العلمية التي يستحقها بجدارة لأنك أهلٌ لها على الرغم من إنك تتضايق أو تبدي أمتعاظاً من ينادونك يا أستاذ وهذه قمة التواضع متمثلاً الحديث النبوي الشريف)إن من تواضع لله رفعه).ماذا أقول وبماذا أتحدث عنك يا أبا مهيار فأنك أكبر من كل كلمات لما أجرحته من فكر وإبداع وثقافة وتواضع وصفات حميدة ولكن لا يسعني وأنا أسطر هذه الكلمات المغتصبة ألا أن أقول أن رحيلك كان خسارة فادحة للساحة الأدبية والثقافية والفنية ليس على مستوى الوطن اليمني فحسب ولكن على مستوى المشهد الثقافي والعربي فأنت من تتلمذ على يد عمالقة الأدب في الوطن العربي مثل جابر عصفور وارتبطت بعلاقات أدبية وشخصية بكبار الأدباء اليمنيين والعرب مثل أ.د.عبد العزيز المقالح والشاعر الكبير عبدالله البردوني رحمه الله ومحمد سعيد جرادة رحمه الله وحسين سالم باصديق وأحمد بو مهدي رحمهما الله وأ.د. أحمد علي الهمداني وأثريت الساحة الأدبية والفنية بالعديد من الإصدارات الأدبية التي رفدت المكتبة الثقافة اليمنية بأشعارك وكتاباتك النقدية كما أن الساحة الغنائية اليمنية كان لها نصيب من إبداعاتك الرائعة من خلال تعاملك مع عدد من كبار الفنانين اليمنيين أمثال الفنان الكبير محمد مرشد ناجي أطال الله في عمره التي قدمت له نصاً عتابياً رائعاً بالفصحى بعنوان (من أرض بلقيس) ومحمد عبده زيدي(وعيني أنتم الآتي) وقدم لك الفنان الكبير محمد محسن عطروش الأغنية الموضوعية(شجرٌ حبيب وأنا شجر) ولحن لك الموسيقار أحمد بن غوذل (زمن الحب ودعناه) التي تغنت بها الفنانة الرائعة ماجدة نبيه وقدم لك فيصل علوي (تعبنا من حبايبنا) وهذه الأغنية أخترتها لتكون عنواناً لمجموعتك الغنائية المخطوطة والتي كنت توشك على طباعتها وإصدارها..أتمنى من كل الخيرين العمل على استكمال هذا المشروع ليرى النور كونه يحتوي بين جنباته على أروع النصوص الغنائية التي كتبتها طيلة مسيرتك الإبداعية،كما لا أنسى ما قدمه لك الفنان المبدع نجيب سعيد ثابت مثل أغنية (أخاف أبقى أنا وحدي) والأنشودة الوحدوية الرائعة (الحب في صنعاء والعشق في عدن) والتي استمعنا إليها بصوت الفنان الجميل جمال داؤود عند بزوغ فجر يوم الوحدة المباركة في 22مايو1990م أخيراً صديقي وأستاذي القدير لا يسعني إلا أن أودعك الوداع الأبدي وأقول لك نم قرير العين هانيها فأمثالك لا يموتون ولكنهم خالدون بما تركوه من إبداعات تستنير بها الأجيال جيلاً بعد جيل وأطمأن على مهيار فلقد غدى شاباً يافعاً بل رجلاً كاملاً يستشعر بالمسؤولية الكبيرة التي حملتها إياه في الحفاظ على تراثك الوافر وكذلك رعاية والدته الكريمة وأخته التي لاشك بأنها ستقف إلى جانب أخيها لمواصلة رسالتك من خلال التزود بالعلم والمعرفة ومواصلة دراستها حتى ينالا أعلى المراتب والدرجات العلمية وتحقيق حلمك الكبير في أن تراهما وقد بلغا ما كنت قد رسمته وخططته لحياتها عزائنا نحن أصدقائك وزملائك ومحبيك في أن نظل أوفياء لمبدائك وقيمك التي تعلمناها منك لانك كنت بالنسبة لي الاستاذ الذي تعلمت منه أشياء كثيرة وأنني لن أنساك ما حييت ولا زالت ذاكرتي تختزن كم وافر من الذكريات ومن ما قدمته من أعمال في العديد من المجالات مثل دورك في اتحاد الأدباء ودورك في تأسيس جمعية الموروث الشعبي ووقوفك إلى جانبي في ِإنجاز أول مجموعة شعرية صدرت لي ودعمك لي في الحصول على عضوية اتحاد الأدباء وما دار بيني وبينك في آخر حديث هاتفي جرى بيننا يوم عيد ميلادك وأمور أخرى سأتناولها في مقال آخر إن شاء الله،رحمك الله يا أبا مهيار وإنا لله وإنا إليه راجعون.[c1]*عدن:11/يونيو/2009م[/c]