ضرورة صحية تخالف العادات والأعراف:
دلائل عديدة ومؤشرات لا تحصي ودراسات وأبحاث علمية تؤكد جميعها علي أن انتشار الأمراض والأوبئة تعدت كل الحدود الآمنة، وربما علي الصعيد المصري تحتل أمراض الكبد الوبائية مثل الأمراض المرتبطة بفيروسات الكبد (C-B)، تلك الفيروسات التي تلعب العوامل الوراثية فيها دور كبير، حيث تأكد لدي العلماء انتقال فيروس (B) عن طريق المعاشرة الجنسية، أما (C) فإلي الآن الأمر لا يزال رهن البحث، و بغض النظر عن إمكانية انتقاله من عدمه، ولأن الصحة تاج علي رؤوس الأصحاء، كان من الضروري أن يتحرك المجتمع لمنع زيادة انتشار هذه الأوبئة، بأي سبيل مناسب.وبالفعل تولي المجلس القومي للأمومة والطفولة من ناحيته السبق في هذا السياق، وأصدر دراسة له يطالب فيها بضرورة الإسراع بوضع تشريع لحماية الأبناء من التشوهات الوراثية التي تنتقل عن طريق الزواج من الأب للأم أو من الآباء للأبناء، وذلك بوضع تشريع قانوني عاجل، يقضي بحبس الأشخاص الذين يرفضون الخضوع للفحص الطبي قبل الزواج لإثبات صلاحيتهم للزواج 3 شهور، وكذلك إلزامهم بدفع غرامة مالية 500 جنيه.ربطت قصة حب عنيفة بين أحمد وحنان استمرت عدة سنوات، أصبحت هذه العلاقة على مسمع ومرأي من الجميع، فكانت حديث الشارع، ولأن أهل الشاب والفتاة كانوا علي علم بهذه العلاقة باركوا هذا الارتباط بشكل رسمي، وبالفعل تمت الخطوبة، وبعد 3 سنوات خطوبة عاد «أحمد» من عمله منهكًا، ذهب به والده لأحد الأطباء وتم عمل الفحوصات والتحاليل اللازمة، وبعد عدة فحوصات تبين أنه مصاب بالتهاب كبدي وبائي.وفي صباح اليوم الثاني حضرت للمستشفي خطيبته ووالدها وأقر لهما الطبيب بنوع المرض، وقع الخبر علي الفتاة ووالدها كالصاعقة، ودون أن تتردد ضحت في سنوات طوال قضتها، بقصة حب مع «أحمد» بعد أن علمت بمرضه.[c1]وداع قاسي[/c]وفي هذه الواقعة كان الزواج تقليديًا، شأنه شأن العديد من الزيجات، التي تحدث في مجتمعاتنا الشرقية والتي يغلب عليها طابع الخطبة، ولأن الزوج والزوجة أبناء عم، تم الزفاف دون مشاكل أو عقبات تعرقله، ومرت السنوات أنجبا فيها الزوجان ولدين وبنتًا ملأت عليهما الدنيا سعادة، إلا أنه ذات يوم سقط الأب علي الأرض مغشيًا عليه، وفي حجرة الطبيب الموجودة داخل مستشفي قريب من القرية، فوجئت الأسرة بإصابته بارتفاع نسبة السكر في الدم، وقد أكد الطبيب أن المرض وراثي، وقد ينتقل للأبناء.وكانت الحالة الثالثة من نصيب فتاة تدعي «سعاد» من إحدي قري الصعيد، ربطتها قصة حب منذ أيام الدراسة بصديق كان يكبرها بعامين، ولأنه كان من أسرة ميسورة الحال، قرر أن يرتبط بها رغم أنه لم ينه دراسته الجامعية، ولأنه كان الابن الوحيد لأسرته، أراد الأب أن يفرح بابنه وذريته قبل أن يرحل عن الدنيا، فتم الزفاف بسرعة، لأن العريس من وجهة نظر أهل العروسة فرصة لا يمكن لأحد أن يتركها.انتهي الحفل واصطحب الزوج زوجته، وبعد لحظات من خلوتهما الشرعية داخل غرفة النوم صرخت الزوجة وسقطت علي الأرض مغشيًا عليها، فتم استدعاء الطبيب للمنزل ليكتشف أن العروس مصابة بالقلب، وفي حالة سيئة ولا ينصح لها بالزواج، وهي في هذه الحالة حفاظًا علي حياتها، وبدلاً من أن تكون ليلة زفاف كانت ليلة انفصال العروسين، بسبب هذا المرض.[c1]رفض وقبول[/c]أحمد علي طالب بكلية التجارة يؤكد أنه يشجع عملية الكشف الطبي قبل الارتباط بهدف تبين الحقيقة، فقد تكون العروسة أو الزوج أو كلاهما به مرض يمنع زواجه من أجل الحفاظ على حياته، وقد يكون الزوجان علي بينة دون زيف أو خداع استمرارًا للحياة بصورة سليمة.أما هند جمعة الطالبة بمعهد الخدمة الاجتماعية فتقول: إذا ارتبطت بشخص، وكانت هناك قصة حب، لن أطلب منه أن يخضع لأي فحوصات أو تحاليل طبية، لأن الأعمار بيد الله، وحتي إذا تبين أن به أي مرض طالما أنني ارتبطت به عاطفيًا، فلن أتخلى عنه مهما كان نوع هذا المرض.وتضيف: إذا تخليت عنه ستتحول حالته من سيئ إلى أسوأ، فأكون أنا في هذه الحالة قد عجلت بحياته·يقول المستشار أحمد موافي -رئيس محكمة بشمال القاهرة : من الضروري أن يقترن الزواج بفحص طبي، وأن يكون هناك جزاء قانوني رادع لمن يتزوج دون الخضوع لهذا الكشف، أما إذا كان هناك تشريع مثلاً بضرورة الكشف الطبي دون أن يكون هناك جزاء، فإن هذا التشريع سيفقد أهميته·ويضيف: إن الجزاء هو الضمان اللازم لتحقيق هذا الاقتراح، من أجل الفائدة المنشودة منه، وأنه من الواجب علي المأذون الشرعي أن يتخلي عن كتابة وثيقة الزواج، إذا لم تكن لديه أوراق وتقارير طبية تبين حالة العروسين الصحية، حتى لا يخدع أي منهما الآخر.المستشار مقبل شاكر رئيس محكمة النقض يري أنه من الواجب عند عقد القران أن تكون هناك خانة بالعقد بها شروط، ومن ضمن هذه الشروط الخضوع للفحوصات الطبية، خاصة بعد أن كشف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن ارتفاع عدد المطلقات في الفترة الأخيرة، بسبب اكتشاف أمراض صحية تتسبب في استحالة العشرة بين الزوجين.ويشير مقبل شاكر إلي أنه من الضروري الإسراع بإقرار تشريع بهذا المعني لتطبيقه، حفاظًا علي الحياة والبشر من التشوهات الخلقية الناتجة عن هذا الزواج المصحوب بمرض، علي أن تكون العقوبة هي الحبس 3 شهور، والغرامة لا تزيد على 500 جنيه، في حالة إثبات وجود مرض يترتب عليه نقل فيروس مرضي للزوجة أو الزوج، نتيجة العلاقة الجنسية.[c1]فوض التقارير[/c]د. لطفي حامد أبو الدهب أستاذ بكلية الطب جامعة سوهاج يشدد علي أن تطبيق هذا القانون سيجعل هناك فوضي من عملية التقارير الطبية، وسيتم تزوير وضرب تقارير مفبركة من أجل تقديمها علي أنها سليمة للمأذون وأهل الزوج أو الزوجة، من أجل إتمام الزفاف.ويوضح د. أبو الدهب أن هذا سيؤدي بدوره لوقوع الشباب في جرائم نصب، تجعلهم يقعون تحت طائلة القانون، وبدلاً من أن تكون العقوبة 3 شهور فقط سوف تصل لسنوات، بسبب التزوير في أوراق رسمية والنصب بقصد الزواج.أما د. سامية الساعاتي أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس فتري أن القول بوجود قانون يلزم المقبلين علي الزواج بالفحص الطبي، أمر ينطوي علي سلبيات وإيجابيات، فضرورة الكشف الطبي للمقبلين علي الزواج للقضاء علي جميع المشاكل ومنعًا لحدوث أمراض معدية، لعدم توافق الجينات أو وجود أمراض وراثية عقلية أو بدنية.وتشير الساعاتي إلي أن تطبيق هذا القانون سوف يضع العديد من العراقيل أمام الشباب المقبلين على الزواج، فضلاً عن الأعباء المادية، خاصة أنهم في حالة سيئة، بسبب الماديات، وتؤكد أنه في هذه الفترة ستزداد عمليات التلاعب بالمحررات الرسمية، من أجل تحقيق الزواج.