مع الأحداث
السلام الذي يسعى إليه البشر هو محاولات الخلاص أو النجاة أو البراءة من الأذى والمكروه، وهي محاولات لا تنقطع ولا تصل إلى غايتها، وتقف قدرات البشر على تخفيف الأذى، وتلافي بعض النقص، وعلاج بعض العيوب للحصول على مرحلة أو فترة زمنية من سلام مؤقت.وتشير دائرة المعارف البريطانية إلى أن السلام هو “التحرر” من الحروب والعداوات، وهو حالة من الصداقة أو التعاون أو التحالف للخلاص من شرور الحرب، ولذلك لا يكتمل الحديث عن السلام إلا بالحديث عن الحرب التي هي جماع الشرور والأذى والهلاك.ويعرف القانون الدولي السلام بأنه حالة الدولة عندما لا تكون في حرب مع دولة أخرى والسلام الدائم المطلق ليس له وجود، فهو اسم من أسماء الله الحسنى، فهو الباقي الدائم الذي يفني الخلق ولا يفنى، ويختلف عن سلام البشر الذين يتحولون في مجتمعاتهم بين حالات السلم أو الحرب التي حاول القانون الدولي ومازال أن يضع لها تقاليد وأعرافا باعتبارها ظاهرة تلازم تاريخ الإنسان منذ بداياته وتتطور معه، برغم أحلام وأمنيات تجول بخاطر الإنسان على مر العصور أن يتخلص من الحروب وينجو منها ولكن الحرب تظل قائمة مهما تقدمت الحضارة أو ارتفع مستوى الثقافة.ويتحدث الأدب ألسياسي حاليا عن السلام برؤية واقعية لتجارب البشر عبر حضارات تعاقبت وواجهت صعوبات لا حصر لها في «تعريف» السلام أو البحث عن السلام أو «حفظ السلام» لأن السلام مثل الحرباء يتلون بلون البيئة والظروف التي تحيط بالباحثين عنه والسلام الذي يتحقق عن طريق حرب وهزيمة هو استسلام وقهر وإنه لأمر يدعو إلى السخرية حقا أن نرى الجهود الجبارة التي يبذلها المجتمع البشري من أجل الوصول إلى السلام، وهي تتحول إلى عمليات حربية وعدوان تراق فيه الدماء وتبدد الثروات باسم السلام. ولقد تنازلت الرؤية الواقعية للسلام عن اعتباره هدفا بحد ذاته لأنها ترى أن السلام مثل الحرية، كلاهما يستمد قيمته العليا من المناخ الذي يتوافر للإنسان عندما يتمتع بها فهو يستطيع مع السلام والحرية أن يؤكد ذاته وإرادته.والسلام تنظمه اتفاقيات الحرب مثل اتفاقيات (جنيف) و(لاهاي) وتشمل القواعد الخاصة بمعاملات المتطوعين والأسرى والجرحى في البر والبحر وشروط استخدام الأسلحة وتحريم بعضها وكلها اتفاقيات تنظر إلى سلام ما بعد الحرب لكن كل هذه الاتفاقيات قد تتحول في لحظات إلى قصاصات ورق لا قيمة لها عندما يفقد المحاربون رؤية سلام يتوقعونه في المستقبل. ومن الواضح أن دويلة الكيان الصهيوني هي أكثر الدول انتهاكا لهذه الاتفاقيات الدولية واستخدامها لأسلحة محرمة دولياً مثل الصواريخ الفسفورية التي ضربت بها المدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ في حربها الأخيرة ضد غزة في فلسطين المحتلة بقصد كسر الإرادة الشعبية للمقاومة الفلسطينية.خلاصة القول إن الحديث عن السلام إنما هو إجراءات للأمن وإجراءات لكسب درجة من الثقة بين الدول وليس السلام غاية بل هو وسيلة للوصول إلى درجة من الأمان والاستقرار للمضي في التنمية في كل مجالاتها والسلام غير المنقوص الباقي الدائم فهو اسم من أسماء الله الحسنى وشتان بين اسم من أسماء الله عز وجل وسلام البشر الذي هو سلام يتقلب ويتلون كالحرباء.