في تقرير لليونسكو :
القاهرة/14اكتوبر/وكالة الصحافة العربية:صدر مؤخراً عن منظمة اليونسكو تقريرها السنوي حول مكافحة الأمية الذي جاء فيه أن مشكلة الأمية في العالم العربي هي أنها تعقد لها المؤتمرات والاجتماعات ليتحدث الحاضرون حول المشكلة وسبل التصدي لها من دون أن يتحول ذلك الحديث إلى عمل حقيقي وجاد ومخلص.وشدد التقريرعلى أنه ما يزيد على ثلث العالم العربي من الأميين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، موضحاً أن بعض البلاد العربية، مثل قطر والأردن والكويت تصل نسبة الأمية فيها إلي ما يزيد على %90 من الراشدين وأنه وصل عدد الأميين العرب إلى 60 مليون أمي.وخلص التقرير بعد مناقشات جادة ومريرة لأهمية محاربة هذه الأمة التي تهدد البشرية إلي أن المنطقة العربية تحتل المرتبة الأولى في انتشار الأمية التعليمية على مستوى العالم داعياً القائمين على مسئولية التعليم بضرورة السعي قدماً لمحو أمية أكبر قدر ممكن من الأميين، لما في ذلك من خلاص لهم من مرض يقضي على مقدرات الأمم خاصة في العصر الحديث.أكد د.أحمد كشك عميد كلية دار العلوم جامعة القاهرة أن نجاح الأمم وتقدمها الحضاري يتوقف علي منجزاتها العلمية والثقافية ودرجة مشاركتها في الناتج القومي العالمي ومستوى دخل الفرد حسب المعايير العلمية والعالمية وهذا يعود بالدرجة الأولى إلي الفكرة الحضارية التي تقاس بمرجعيتي الكم والكيف وغياب أي مرجعية منهما معناه تراجع الأمة وتخلفها.وأضاف: تحتاج المجتمعات حتى تتقدم إلى أرضية متعلمة ونخبة ثقافية وعلمية يتوافر لها الإمكانيات المادية والاقتصادية والاجتماعية التي تمكنها من الإبداع والابتكار والإنجاز وتحقيق التقدم، والمشكلة التي تواجهها مجتمعاتنا هي زيادة معدلات الأمية الأبجدية التي وصلت نسبتها إلى %60 وهي نسبة مرتفعة جداً وتأثيرها خطير على المجتمع ووضع الدولة لأن هذا يحرم مصر من إمكانات أبنائها ويجعل المجتمع يعاني من التخلف والتراجع وهذا أمر مخيف على المستقبل ويهدد أي جهود لتطوير وتغيير الأمة.وأضاف : يجب ألا نسمح للأمية الأبجدية أولاً أن تستمر لأنها تقود إلى أمية معرفية وثقافية وتقود إلىتخلف المجتمع، ولهذا علينا أن نبذل الجهود الحقيقية والمستمرة لتغيير هذا الوضع، فنحن نريد المواطن الناهض الذي يعلو فوق القراءة والكتابة ويتجه إلي تنمية ذاته معرفياً وثقافياً والشيء الآخر المهم توافر الإمكانيات التي تنهض بالمجتمعات وتساهم في توافر الكوادر العلمية والإبداعية والفكرية التي تستطيع أن تقدم المجتمع للآخر وعلى المستوى العالمي.[c1]الأمية الأبجدية[/c]وأشار د.كشك إلى أن عملية تغيير هذه الأوضاع تحتاج لخطة واعية ومجهود جبار وعلينا أن ننظر إلى السلبيات التي تؤدي إلي التسرب التعليمي وتجعل أبناء الوطن يهربون من التعليم وينضمون إلي طوابير الأمية الأبجدية، وبالتالي الثقافة ولعل من أهم الثغرات التي تجعل جهود الدولة في مجال مقاومة الأمة ضعيفة ضعف المكافآت التي تمنح للمكلفين بالعمل في محو الأمية وتكليف غير المتخصصين والنظر إلي هذه المشكلة على أنها شيء عادي دون التعامل معها علي مستوى الشعور بالحذر والخطر، فهذه القضية يجب التعامل معها بروح المشروع القومي بحيث تقف خلفها الأمة كلها ويشارك فيها الجميع من المسئولين والأفراد وهنا يأتي دور أصحاب الأموال المهم والمؤثر بحيث يقفون وراء مشروع محو الأمية وأصحاب المصانع للنهوض بالعمال ورفع مستواهم التعليمي والثقافي وفي نفس الوقت علينا أن نبني خطة جادة ترصد لها الميزانيات الحقيقية والواقعية لأن العملية التعليمية تكلف أموالاً طائلة، ويجب أن نعمل في هذا المشروع بروح الإصرار والتصميم لأن استمرار هذا الخطر فيه تهديد لمكانة مصر والأمة العربية ووضعهها الإقليمي والعالمي، وخاصة أن مكانة مصر تحددت بالعلم والتعليم والثقافة والإبداعية فدورنا مع الأشقاء العرب يتحدد بالعطاء المصري والمساهمة في تقديم المعرفة والمشاركة العلمية والثقافية ومساعدة الأخوة على التقدم، والحقيقة أن مصر لا تستطيع أن تتفوق إلا بالإبداع والتفوق والقدرة علي تعلم الآخرين، ولهذا فنحن نريد أن نركز على استعادة المهمة في قيادة المجتمعات التي حولنا بأن نكون معلمين ومبدعين ومفكرين ولنا رؤية ومساهمة ووجود إنتاج بحيث نتشارك مع أبناء الأمة فيما لدينا ومصر قادرة على تقديم الكثير. المهم أن نبدأ في تبني الخطة الواقعية والجادة التي تحمي الوجود المصري والمصالح المصرية.يقول د.منيع عبدالحليم محمود العميد الأسبق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر: الأمية آفة كبيرة معوقة لتقدم الأمم والشعوب وتعوق تربية أجيال جديدة قادرة علي بناء وطنها والدفاع عنه في وقت الحاجة وللأسف الشديد فإن هناك العديد من الدراسات الإسلامية الأمينة التي كشفت عن استمرار تفشي هذه الآفة في مجتمعاتنا الإسلامية بل إن هناك من يقول إن نسبة كبيرة جداً من سكان الريف ، خاصة من النساء يعانين من الأمية، وهي كلها أمور تشكل عائقا في التقدم واستمرار الوضع علي ما هو عليه يعتبر كارثة حقيقة خاصة أن البعض يؤكد أن الأمية تتزايد ولا تتناقص مما يعني تكاثر المشاكل الناتجة عنها والتأثير بصورة سلبية علي المجهودات التي تبذلها الدولة وإذا ظل الحال على ما هو عليه الآن فإن ذلك يشكل مؤشراً سلبياً يؤكد وجود خلل كبير في كل خطوط محو الأمية التي تطرح وتنفذ.ويضيف: لذلك كله يجب علي كل مسلم أن يكون لديه إحساس عميق بالمسئولية إزاء حاضر أمته ومستقبلها ويعتبر أن محو الأمية في مجتمعه المسلم هو أمانة ومسئولية ورسالة وواجب إسلامي في المقام الأول وضرورة حياتية لا تستقيم الشعوب والمجتمعات إلا بالاستجابة للنداءات الداعية للقضاء عليها وذلك بجهد جماعي ومنظم لمحو الأمية.[c1]طلب المعرفة[/c]ويرى د.عبدالمقصود باشا أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر أن القارئ والمتتبع للتاريخ الإسلامي سوف يلاحظ دون شك أن الرسولاتخذ ومنذ بداية ظهور الإسلام العديد من الوسائل لمحو الأمية، حيث كان الرسول يحث المسلمين على التعليم وطلب المعرفة ولم يقيد المرء هنا بسنوات محددة أو مرحلة معينة ليتعلم خلالها بل أمره بطلب العلم إلي آخر لحظة في حياته سواء طال عمره أو قصر ولم يقف حث النبي علي تعلم الكتابة والقراءة عند الرجال فقط بل شمل النساء أيضاً والثابت أن الشفاء بنت عبدالله قد علمت أم المؤمنين وحفصة رضي الله عنهما.وأشار إلى أنه هناك حديثاً شهيراًقال الرسول صلى الله عليه وسلم فيه: “ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم ولا يعلمونهم ولا يعظونهم والله ليعلمن قوم جيرانهم ويفقهونهم ويعظونهم ويتفقهون ويتعظون أو لعاملتهم العقوبة”، وكل هذا يؤكد أن محو الأمية هو المفتاح لإطلاق الإنسان من أسر البؤس والسبيل الوحيد لإخراج الإمكانات والقدرات لدي كل إنسان والأداة لفتح أبواب الحرية والأمل في المستقبل، ولهذا فإن هناك حاجة ماسة لمساهةالامة جميعها وتكافلها للقضاء علي الأمية بمختلف أنواعها لدي الكبار ولدي الصغار في البوادي وفي الحضر علي اعتبار أن محو أمية الأمي هو واحد من أهم الأعمال التي يتقرب بها الإنسان المسلم إلي الله تعالي ومن أول ما يجب أن تصرف فيه الأموال والجهود ليتركز الجميع حديث الرسول > “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”.