مع الأحداث
كم هي الضريبة التي تدفعها بعض الشعوب جراء خيالات وطموحات فرد، بل كم هي مشؤومة بعض حالات الولادة! من سمعتها ومن اقتصادها ومن أمنها دفعت المملكة فاتورة باهظة لأن أسامة بن لادن أبصر النور حاملاً لهويتها، مثلما هي لبنان تدفع بالأطفال والنساء والكهول إلى المخابئ والملاجئ وتقسم شبابها إلى فصيلين، وكل فصيل يحمل قناعه وبيده الزناد على ضفتي كل الشوارع. كيف سيكون البلدان لو أن مشافي الولادة لم تستقبل رأسي أسامة وحسن؟ بين الاثنين عشرات الجوامع والمجامع حتى وإن اعتمرا عمامتين بلونين متضادين. كلاهما يتكلم لغة - الدين - التي تترك نهاية الكلمة مفتوحة بلا سكون أو تشديد. كلاهما يظن مؤمناً أن لديه، وحده، من الله عز وجل صك الولاية على هذه الأرض وأنه الخليفة القادم على صهوة الجواد، وأنه الذي بيده مفاتيح الإنقاذ للبشرية. كلاهما، وإن تطابقا لغة وشكلاً ومرجعية حد التطابق الحرفي للسان هذا فوق لسان ذاك، إلا أنهما على جانبي نقيض من بعضهما البعض، فكل يرى الآخر في زمرة الضلال: يتلوان علينا ذات الآيات، فيما هذا في عين ذاك رأس - النواصب - وذاك في قلب هذا رمز الروافض. كلاهما يعتمر ذات الألفاظ في عداوة أمريكا والصليب والعمالة فيما صاحب العمامة البيضاء يرسل خلاياه إلى الرياض والدمام ومكة والمدينة وإسطنبول وشرم الشيخ وبالي والدار البيضاء، وفيما صاحب العمامة السوداء يضرب أحياء المسلمين السنة في بيروت وكلاهما أكبر دليل على هرطقة ونفاق البوصلة. كلا الشيخين، أسامة وحسن، يمثلان رمزية رموز الجهاد والمقاومة في العصر الحديث: زفة للمخدوعين إلى مهاجع الحور العين فيما الرمزان هاربان إلى حصون آمنة محصنة يرسلان الأشرطة فيما شاءا من التوقيت ويمسحان الجباه بالمناديل المعطرة ويشربان الماء المثلج بين الجملة والجملة. كلاهما يدعي النصر الإلهي على أكتاف ورقاب الشعوب التي دفعت هدر الدماء: ذاك دمر برجين فسقطت في ذات العام عاصمتان، وذاك أسر جنديين فصدَّق أنه غير موازين كل القوى: آمن أن الضاحية يمكن أن تكون دولة. كلاهما آلة جبارة لتشويه ديانة وشعوب وباسمهما تكتب وتقرأ مفردة (الإسلام) في اللحظة ألف مرة ولكن: كيف وعلى أي صفة ووصف. *عن / صحيفة (الوطن) السعودية