منذ ثمانينات القرن الماضي أظهر المجتمع الدولي ملحوظاً بقضية انتشار فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيذر المعروف اختصاراً ب»hiv« كأحد أخطر الأمراض المنقولة جنسياً. ذات الانتشار السريع.وعلى الرغم من أن اليمن من البلدان الفقيرة، وذات معدل المنخفض إلا أ نها وفقاً للإحصاءات كانت تعبر من البلدان ذات معدل الانتشار المنخفض للفيروس حتى بداية عقد التسعينات.وخلال السنوات القليلة الماضية أظهرت التقديرات ارتفاعاً في حالات الإصابة بالفيروس من حالة واحدة في العام 1990م الى 60 حالة في العام 1996 ومن ثم إلى 870 حالة في العام 2001م وتطورت لتصل الى 1714 حالة في العم 2003 »كآخر إحصائية رسمية« وقد يرجع الأمر في جانب كبير منه الى تفاقم معدلات الفقر في ظل محدودية الموادر والامكانيات والاستخدام الكفوء لها وتدني مستويات الوعي.ولهذا اتجهت الأنظار نحو السعي لتحقيق تحول في مجال الحد من مخاطر ظاهرة الفقر والارتقاء بمستويات داخل الأفراد، وكان الأمر يتطلب في أحد جوانبه الوقاية »أولاً« من المشاكل الصحية سواء التي من الممكن الوقاية منها تماماً أوالأمراض غير القابلة لعلاج كوباء الإيدز الذي تعاني منه غالبية البلدان النامية ذات الدخل المنخفض والتي تتسم بارتفاع معدلات الفقر لديها وهو ما يزيد من قابلية وخطورة انتقال الوباء.وتتويجاً للجهود الرامية الى الوقاية من انتقال العدوى في اليمن أنشئ »ومنذ وقت مبكر« البرنامج الوطني لمكافحة الايدز في عام 1987م ومع الإعلان عن اكتشاف أول حالة إصابة في اليمن في العام 1990م بدأ الاهتمام بصورة أكبر وانشئت لهذا الغرض في العام 1995م لجنة عليا لمكافحة الايدز برئاسة نائب رئيس الوزراء وفي اغسطس من عام 2001م وقعت اليمن على اعلان الجمعية العمومية للامم المتحدة بشأن فيروس نقص المناعة البشرية / الايدز في دورتها الاستثنائية ،كما اعلنت الحكومة التزامها بمضامين الاستراتيجية العامة لمكافحة الايدز المقرة من اللجنة الاقليمية لمنظمة الصحة العالمية لاقليم شرق المتوسط المنعقدة في الرياض في اكتوبر 2001م وتطور الالتزام الحكومي باقرار الاستراتيجية الوطنية لوقاية ومكافحة الفيروس.وفي هذا الصدد وعلى المستوى العالمي تركز اهتمام برنامج الامم المتحدة المشترك المعني بالايدز لدعم البلدان في تصميم استراتيجيات وسياسات وطنية للعمل على اعتبار الفيروس الذي يموت بسببة (8000) شخص يومياً حول العالم كوباء عالمي ينبغي مواجهته.والتقديرات تشير الى ان عدد المصابين بالفيروس حول العالم بلغ حوالي (40) مليوناً حتى عام 2005م ونصف المصابين من النساء مقارنة بالرجال بنسبة اوتفعت باطراد من 35 عام 1990م و41 في العام 1997م الى 48 في عام 2004م ،ومع تزايد تأثير الوباء على النساء اصبحت حقوق النساء المصابات بالاضافة الى حقوقهن الانجابية الاخرى اكثر اهمية لوقف انتشار الوباء.فكثير من النساء المصابات بالفيروس متزوجات مما يزيد من احتمالية انتقال العدوى من الام الى الطفل ،وهناك برامج دولية رامية الى منع انتقال العدوى وتيسير حصول البلدان الفقير على ادوية مضادة للرثروفيروسات (ARV) تحقن بها المصابات (بعد اجراء لافحوصات الدوية لهن اثناء الحمل) من اجل الاطمئنان على الام الحامل والاعتناء بصحتها ومنع انتقال العدوى لأطفالها.ومع كون الزواج ماموناً (كما كان يتبادر الى الذهن منذ الوهلة الاولى) غير انه اصبح الان ينطوي على مخاطر كبيرة لاصابة النساء المتزوجات بالوباء من خلال امكانية اصباتهن بالفيروس عبر ازواجهن وقد شدد الاسلام على عقوبة الممارسة الجنسية خارج اطارها الشرعي (وبخاصة المحصن والمحصنة) خوفاً من اختلاط الانسان ومن انتقال العدوى وتضرر نفس بشرية (الجنين في رحم امه).وعلى الرغم من احتمالية انتقال العدوى من الزوج لزوجته الا ان النساء المتزوجات (وبخاصة اللاتي يعرفن او يشعرن بخيانة وعدم اخلاص ازواجهن لهن) يجازفن بالتعرض للاصابة بالفيروس عن ان يطلبن من ازواجهن استخدام الرفال (CANDOM)(العازل الواقي) ،او مطالبتهن بالخلع من ازواجهن (الذي اقره الدين الحنيف) حفاظاً على حياتهن وحياة اطفالهن ولربما يكون العيش بدون عائل ارحم من العيش في ظل زوج مصاب (يخفي اصباته التي كانت نتاجاً لممارساته وعلاقاته الجنسية المتعددة )فقد تقضي اصابته الى تعريض حياته وحياة زوجته واطفاله للخطر..والطرق الرئيسة للاصابة بالفيروس اربعة :1- الممارسة الجنسية.2- نقل الدم او الاعضاء من الشخص المصاب للشخص السليم3- اي مواد ثاقبة للجلد (غير معقمة) استخدمها شخص سليم وكانت ملوثة بالفيروس كادوات الجراحة والابر..4-من الام المصابة لطفلها ،عن طريق الحمل او الارضاع.لكن وفي اطار انتشار الوباء ترجح اغلب الدراسات الدولية الي ن من العوامل الرئيسية الاخرى الانتشار (بالاضافة الى الفقر) هو التمييز بين الجنسين والعنف القائم على اساس النوع الاجتماعي.فالتمييز بين الجنسين وبخاصة لدى المرأة يؤدي الى تجنب النساء المصابات الحصول على خدمات الاختبار والعلاج -المتوفرة -خوفاً من هجران ازواجهن وخوفاً من عواقب الاسرة والمجتمع وغالباً مايكون الاختيار اثناء الحمل هو السبيل الوحيد الذي تعلم الاسرة من خلاله بالاصابة بالفيروس وفي بعض الاحيان تلام المرأة لجلبها الايدزز الى المنزل وقد تواجه العنف او النبذ نتيجة لذلك حتى لوكانت العدوى قد انتقلت اليها من زوجها وفي هذا الجانب وجد ان ما يقرب من (40) من دول العالم لم يكن فهيا - بنهاية عام 2003م-اي قوانين تمنع التمييز ضد المصابين بفيروس الايدز..وفي اطار التميز كذلك -ومدى علاقته بانتشار الفيروس -فقد تؤدي قوانين واعراف الميراث في اغلب المجتمعات المختلفة التي يحابي فيها قارب الزوج وتحرم المرأة من حقوقها في الميراث الى افقار الارامل وطفالهن وهذا ماقدر يجبر النساء والفتيات على الاشغال بالجنس واقامة علاقات جنسية تتسم بالاستغلال وتنطوي على مخاطر انتشار الوباء (في ظل غياب الوازع الديني).فالفقر-في نهاية المطاف -يجبر نساء كثيرات على ممارسة الجنس (في ظل تجاهل المجتمع لحقوقهن واحتياجاتهن)،كما أن العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي الذي تعاني منه غالبية البلدان وبخاصة البلدان النامية كالتحرشات الجنسية وختان الاناث والزواج المبكر له تأثير في هذا المجال .فالتحرشات الجنسية في ظل وجود معارف خاطئة حول إنتقال العدوى يعزز من إحتمالية العدوى - سواء لوباء الايدز او لغيره من الامراض المنقولة - بواسطة استخدام أدوات غير معقمة .أما فيما يتعلق بالزواج المبكر سنجد أن المراهقات وصغار السن يواجهن مخاطر إضافية فالقنوات الانجابية للبنات دون سن الـ (41) سنة مثلاً ( وكما يشير المختصون) تكون عرضة بدرجة أكبر للتمزق لكونها لم تنضج بعد وهذا يؤدي الى يزادة مخاطر الاصابة بفيروس الايدز وغيره من الامراض المنقولة جنسياً .ومن هنا ينبغي مكافحة ظاهرة الفقر وتعزيز خدمات الرعاية الصحية الاولية وكذا توفير الرعاية الخاصة والمستمرة للنساء الارامل والمطلقات ، والحث على إخراج الصدقات ( وتوزيعها على ذوي الاحتياج من النساء أولاً ) اللاتي قد يدرأن مخاطر العدوى وإنتشار الفيروس ليس عن دافعيها (هم وأسرهم) فحسب بل عن المجتمع ككل باعتبارهم أفراداً من المجتمع يؤثرون ويتأثرون بما فيه .كما أن من الاهمية بمكان مكافحة ظاهرة التمييز والعنف ضد المرأة ومنحها كامل حقوقها سواء في إطار المجتمع ( من خلال إدماجها في الحياة الاقتصادية والسياسية ) أو حقوقها الخاصة في إطار الاسرة كالحق في التملك والميراث والحق في التعليم والحق في اختيار الشريك (بدون إكراه) والحق في الانجاب والمباعدة بين الولادات وتحديد عدد الولادات المرغوب فيها والحق بمطالبة الزوج المشكوك بعلاقاته الجنسية في استخدام الرفال حتى التأكد من خلوه من الامراض المنقولة جنسياً وبخاصة فيروس الايدز والحق في الخلع والحق في عدم تعريض الزوج لزوجته للخطر كخطر الموت او الاصابة بالامراض التي قد تفضي الى الوفاة او العقم او الاصابة بالامراض المنقولة جنسياً او التي قد تكون سبباً بالاعاقة الجسدية او النفسية الدائمة .وحت يصبح الزواج أمناً فإن على الزوج واجب الاعتناء بزوجته وعليه ايضاً أن يدرك مدى احتياجاتها للجوانب المادية التي تسد حاجاتها الضرورية والجوانب العاطفية التي تشعرها بأنوثتها مع منحها حقها الكامل في الاشباع وإن كانت له علاقات جنسية محرمة فإن عليه العدول عن ذلك ويخضع نفسه - وبشكل طوعي- للفحص للتأكد من خلوه من أي أمراض منقولة جنسياً / كالايدز حتى لايعرض حياته وحياة زوجته وابناءه للخطر ، فالدراسات تشير الى أن نسبة 59 من الاصابات بالفيروس تأتي عبر الممارسة الجنسية / خارج إطار الزوجية ( العلاقات الجنسية المحرمة).وبالنسبة للزوجة فإن عليها أن تتنبه لذلك وتخضع نفسها لاجراء الاختبار( أثناء الحمل) للتحقق من سلامتها اولاً والاطمئنان على جنينها من خطر العدوى وعليها ايضاً واجب القبول بمبدأ التعدد في الزوجات الذي أقره الاسلام لوقاية نفسها واسرتها ( واطفالها) من خطر انحراف الزوج وتعدد علاقاته الجنسية فالتعدد أفضل بالنسبة للمرأة من خطر إصابتها بالفيروس عبر زوجها .وكمحصلة ينبغي على المجتمع نبذ كل أشكال العلاقات المحرمة او التحرشات الجنسية ومكافحة ظاهرة ختان الاناث ورفع الوعي بمخاطر الايدز وطرق إنتقال العدوى وعدم التجاهل او التساهل في إقامة الحدود الشرعية ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) التي ومن دون شك ستعزز من الحمائية وتقلل في الوقت ذاته من احتمالية إنتشار وتفشي الوباء الذي اصبحت طرق ووسائل العدوى به خطراً يتهددنا ككل . أنور أحمد عبدالله السويديمدير إدارة التخطيط السكاني بالمجلس الوطني للسكان
الإيدز.... والزواج غير المأمون
أخبار متعلقة