جرت العادة أن نحصي خسائرنا جراء التفاوت في الآراء السياسية, وما قد تتسبب به على البلد من حالة عدم استقرار, وما قد تنتج عنها من اختلافات قد تصل حد الحروب, لكن أن نحصي ضحايانا أيضا جراء الحوادث المرورية التي تشير المعلومات إلى أنها أكثر عددا من ضحايا فلسطين المنكوبة أو العراق المحتل, فهذا ما كان ينقصنا.تقول المعلومات الصادرة من جهات رسمية إن ضحايا الحوادث المرورية تعد بالمئات والآلاف, وان خسائرها تفوق الملايين, وبهذا الشأن كانت جهات أمنية قد أكدت في إحصائية لها وفاة 625 شخصا في الربع الأول من العام الجاري 2010م، في حين قالت إن عدد حالات الجرحى بلغ 4578 حالة بعضها خطيرة, وجميعهم سقطوا ضحية 3420 حادثا مروريا، توزعت ما بين حوادث صدام مركبات, ودهس مشاة ، وحوادث انقلاب، وحوادث سقوط.وغير بعيد يا سادة, أن 70 شخصاً لقوا مصرعهم فيما أصيب 393 آخرون بإصابات مختلفة بينهم 174 وصفت إصاباتهم بالبليغة في حوادث سير وقعت خلال فترة إجارة عيد الفطر المبارك الممتدة من 8 - 13 سبتمبر الجاري, بإجمالي 221 حادثة سير في عموم طرقات محافظات الجمهورية.وقبل ذلك بقليل, لقي 162 شخصاً مصرعهم, فيما أصيب 1011 آخرون بإصابات مختلفة في حوادث سير وقعت خلال النصف الأول من شهر سبتمبر الجاري.وفي كل مرة ترجع وزارة الداخلية أسباب وقوع هذه الحوادث إلى السرعة الزائدة والتجاوز الخاطئ، وعدم الالتزام بالآداب والقواعد المرورية، وإهمال السائقين والمشاة والانشغال بغير الطريق خصوصا على الخطوط الطويلة التي تربط بين المحافظات.ولا ينكر أحد منا حالة العشوائية وعدم التنظيم التي تسود قيادة السيارات في بلادنا, فبإمكان أي طفل عمره أربعة عشر عاما, ينقص أو يزيد, أن يأخذ سيارة أبيه الوزير أو الوكيل أو المسئول بأي جهة حكومية, أو أيا كان عمل والده, ويقودها في شارع عام وبسرعة جنونية ومفرطة لا تراعي أي مسئولية, في حين أن رجال المرور يشاهدون ذلك بأم أعينهم, ولا يوقفون السائق عند حده, إما لأنه ابن فلان الفلاني, وإما لأن جيبه مكتظ, وبحق ابن هادي فلتذهب الأنفس البريئة هدرا, (وخلي القيامة تقوم, وأيش همني؟؟؟؟.)كما أن الشباب والمراهقين ومن في هذه السن العمرية, إضافة إلى المخمورين, وقائدي سيارات القات المتسابقة على السوق, كل يقود على هواه وبالسرعة التي تروق له, طالما أن دنيا قيادة السيارات «ساح وباح لا رقيب ولا معيب».ولقد تفاءلت كثيراً ببارق الأمل في الإجراء الذي اتخذته الحكومة الموقرة بتكليفها وزير الداخلية بتقديم تقرير متكامل حول مشكلة ارتفاع الحوادث المرورية التي تحصد العشرات يوميا، على أن يقدم مقترحات بالحلول العملية للحد منها وذلك بالتنسيق مع مختلف الوزارات والجهات ذات العلاقة.والأمر لا يعود إلى كون المشكلة قضاء وقدرا, فلنعمل بالأسباب, وما قدر الله فليكن, إنما من الواجب أن نحذر البينات, فبالأمس القريب يا عقّال كان قائد أي سيارة يخضع لتعليم قواعد المرور وتتم إجازة قيادته بعد التأكد من تأهله لذلك, حتى لا يظن أن أرواح الناس لعبة قد يتسلى بها..إنه لمن الواجب على وزارة الداخلية, وهذا ليس منا منها أو هبة, أن تنظم حركة السير البرية بالقدر الكافي, لأننا لسنا بحاجة إلى كثير من المآسي, كما أن ازدياد الخصوبة في اليمن ليس بحاجة إلى تنقيصها أو تنظيم نتائجها بهكذا بشاعة, ويكفينا الذي فينا.ومن المخجل أن تكون ضحايا الحوادث المروية في اليمن أكثر من ضحايا العنف في العراق المحتل أو مجازر الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة..فكم من أسرة بأطفالها وشبابها ورجالها ونسائها تقع أحيانا, وبشكل جماعي, ضحايا التهور في القيادة.. خصوصا أثناء المناسبات والأعياد.[c1][email protected][/c]
أخبار متعلقة