تقول وزارة الداخلية إنها سجلت (15122) حادثة مرورية خلال العام الذي مضى، وطبعاً هذا ما هو مسجل رسمياً، ونتج عن تلك الحوادث موت (3041) إنساناً أي بمعدل 9 كل يوم، وأصيب (19828) إنساناً، أي نحو (55) في اليوم الواحد، أما تكاليفها المالية والمادية فتعد بالمليارات، وهذه الأرقام عالية جداً قياساً إلى عدد السيارات والسكان وحركة النقل والانتقال، وأزعم أن أكثر الأمراض خطورة اليوم مثل فيروس أنفلونزا الخنازير لم تقتل وتصب خلال العام نفسه أكثر من خمس العدد الذي فعلته حوادث السير. انظروا في تلك الأرقام، أهذه حوادث مرور أم حرب؟ يبدو أن كثيراً من الناس في بلادنا لا يأبهون بسلامتهم ولا يلتزمون بقواعد السير في الطرقات، لقد كانت تقع حوادث يومية في شارع الستين الغربي بالعاصمة عند ملتقى شارع الرباط، فأنشأت السلطة المحلية جسراً معلقاً للمشاة ووضعت أسفله سوراً حديدياً لمنع مرور الراجلين وإجبارهم على سلوك الجسر الآمن، ومع ذلك يتسورون الشباك الحديدي معرضين حياتهم للخطر ومتسببين في حوادث. فهل كان يتعين تلغيم ذلك المكان أو كهربة الشباك لكي يجبروا على المرور عبر الجسر المعلق؟! أشهر حوادث السير هي انقلاب سيارة، تصادم سيارات، دهس مشاة، سقوط سيارة، وعندنا أضيف إليها سقوط من فوق سيارة، إما لأن السيارة غير مخصصة لركوب الأفراد أو لأن الزحام يكون شديداً حيث ترى سيارة “شاص” تقل عشرين آدمياً، منهم الجالس والمستقيم والمعلق عند الباب والممدد فوق المكينة، إضافة إلى طفل في حضن السائق وأربعة عند أرجل الثلاثة الجالسين على الكرسي يمين السائق، وبالإضافة إلى الإهمال والسرعة والسيارات المتهالكة والإطارات “التايوان” هناك الطرقات الرديئة، حتى أنه لا يوجد شارع واحد في العاصمة سليم من العيوب فما بالك بما دون عاصمة البلاد. إن تلك الأرقام العالية المسجلة عن حوادث المرور وما ينتج عنها من موت وخراب في الممتلكات الخاصة والعامة، والإصابات التي تصل إلى الإعاقة الكلية، توجب على الهيئات المعنية النظر إليها باهتمام كبير، وإذا كانت أشكال وأسباب تلك الحوادث معروفة فلابد من تحرك للتقليل منها إلى الحد المحتمل، وهذا مسؤولية تلك الجهات. يقال إن قانون المرور لا يطبق من قبل رجال المرور دائماً، صحيح إن الإنسان يحتاج إلى ضوابط داخلية تجعله يتصرف تصرفاً صائباً ويتبع قواعد السير ويهتم بسيارته، لكن هذه مسألة أخلاقية ولا يجب الركون إليها بالنسبة لكثير من الناس الذين لا يستقيمون إلا بضوابط خارجية، وهذه الضوابط الخارجية تتمثل في تطبيق نصوص القانون، ومن خالفها يعاقب عقاباً قانونياً، وليس حسب كرم السائق وقناعة شرطي المرور.
أهذه حوادث مرور أم حرب؟
أخبار متعلقة