«الوضع الاقتصادي والحياة الاجتماعية اليمنية في صدر الإسلام» دراسة للدكتورة إيمان بيضاني
إن المسيرة التاريخية المهمة والملحوظة في ركاب الوضع الاقتصادي والحياة الاجتماعية في اليمن في صدر الإسلام من المواضيع ذات الشأن ، لما يشكله من أهمية تاريخية في تاريخ اليمن.إنها القراءة والتقديم الذي يحدوني الأمل للتوفيق في استعراض هذا الكتاب القيم ((الوضع الاقتصادي والحياة الاجتماعية في اليمن في صدر الإسلام)) ،للدكتورة إيمان محمد عوض بيضاني أستاذ مساعد بكلية الآداب - جامعة عدن. ولتكن بدايتنا في الأهمية المتفردة والمتميزة لهذا الكتاب بموضوعه « الوضع الاقتصادي والحياة الاجتماعية في اليمن في صدر الإسلام ». التقديم لهذا الكتاب بقلم الأستاذ الدكتور عصام عبد الرؤوف الفقي- أستاذ التاريخ الإسلامي في كلية الآداب - جامعة القاهرة . وقد أشار في تقديمه لهذا الكتاب للباحثة الدكتورة إيمان محمد عوض بيضاني أنها أدركت- وهي على حق في ذلك- أن الحياة السياسية في اليمن قد درست تفصيلاً ، وظهرت العديد من الكتب التي تبحث في هذا الموضوع- لذلك قررت دراسة بعض الجوانب الحضارية في تاريخ اليمن في صدر الإسلام ، فدرست الحياة الاقتصادية والمظاهر الاجتماعية في فترة مبكرة من تاريخ اليمن الإسلامي ، وهي القرون الثلاثة الأولى من الهجرة التي عبرت عنها بصدر الإسلام، حيث أن تاريخ اليمن الإسلامي لم يكتب تفصيلاً وبدقة إلا مع بداية القرن الرابع الهجري.درست الباحثة الوضع في اليمن ، فكتبت عن الثروة الزراعية ووسائل الري ونظام ملكية الأرض والإنتاج الزراعي والتطورات التي أحاطت بالزراعة في القرون الثلاثة الأولى من الهجرة، وكتبت الباحثة عن الأزمات الزراعية وأسبابها وأثرها في حياة الفلاح، ودرست الباحثة الثروة الحيوانية وجهود أهل اليمن في تنميتها ، كما بحثت أسباب تقدم الصناعة في بلاد اليمن ، والمراكز الصناعية وأهم الصناعات ، ورواج الصناعات اليمنية في اليمن وخارجها.ووجهت الباحثة عنايتها بدراسة النشاط التجاري في اليمن ، فدرست التجارة الداخلية ، وأهم السلع المعروضة في الأسواق ، وحياة التجار فيها ، والرقابة على الأسواق ، وكتبت عن الطرق التجارية التي تربط بين اليمن بعضها ببعض من ناحية ، وبلاد اليمن بالجزيرة العربية وخارجها من ناحية أخرى، ودرست التجارة الخارجية في موانئ اليمن ، والاستيراد والتصدير، وحياة التجار ، والسلع المتبادلة بين بلاد اليمن وخارجها.كما درست الباحثة النظم المالية ، الدخل والمنصرف، ومن أهم مصادر الدخل : الجزية والخراج وضرائب التجارة والعشور والمكوس ، وكما كتبت عن موارد الدولة، كتبت عن مصارفها ، وكتبت عن بيت المال الذي يحقق التوازن بين الدخل والمنصرف، وكتبت الباحثة عن المعاملات المالية والتجارية ، ودرست الدنانير والدراهم وتطورها حسب الوضع الاقتصادي.وبعد أن حققت الباحثة هدفها وهو تغطية الوضع الاقتصادي ، قامت بدراسة الحياة الاجتماعية ، وبدأت دراستها بتركيبة المجتمع اليمني، ودرست وضع القبائل اليمنية .. الوضع الاجتماعي داخل القبيلة- العلاقات الاجتماعية بين القبائل- الأنظمة القبلية- علاقة القبائل بالسلطات الحاكمة ، أسباب الصراعات المستمرة بين القبائل- أثر النظام القبلي في التطور السياسي والاقتصادي في بلاد اليمن.ودرست الباحثة العادات والتقاليد اليمنية ، مستوى المعيشة متوسط دخل الفرد- الأجور والأسعار . كذلك درست المؤسسات الاجتماعية التي يجتمع فيها الناس لأغراض مختلفة مثل المساجد- دور العبادة والعلم وحفظ القرآن الكريم- الكتاتيب ورسالتها البيماستانات ، كما درست الحياة في المدن والحياة في الريف.ودرست الباحثة المجالس الاجتماعية ، مثل مجالس الطرب والفناء وسباق الخيل، والاستماع إلى مجالس الوعظ والقصص والحكايات والنوادر والأشعار والألعاب الرياضية ومجالس الفناء ، كما درست الباحثة وضع المرأة في الحياة الاجتماعية في اليمن.وأنهت الباحثة دراستها ببعض الملاحق التي تعطي تفصيلات عن بعض مواضيع الرسالة.اعتمدت الباحثة على المصادر الأصلية للموضوع، ومعظمها مخطوطات قرأتها بعناية ودقة ، وقرأت الكثير من المراجع ، والتزمت بمنهج البحث التاريخي في دراستها من حيث التحليل والتفسير ، وأقرت الكثير من الإحصاءات في توضيح دخل الدولة من بعض المصادر ، وقامت بتحليل هذه الإحصاءات ، واستنتاج الحقائق التاريخية من هذه الإحصاءات.ونضيف إلى ذلك أن الباحثة كتبت رسالتها بأسلوب يتميز بالوضوح ، وبذلت كل جهد ممكن في استقصاء وحقائق التاريخية من بطون الكتب،وعرضها بأسلوب يتميز بالوضوح.وهذا الكتاب القيم هو رسالة الباحثة التي حصلت بها على درجة الدكتوراة من معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية ، وحصلت الباحثة على درجة الدكتوراة في هذا الموضوع بمرتبة الشرف الأولى.وفي إيضاح شيق وجميل للقارئ، أكان في مقدمة الكتاب للدكتورة إيمان محمد عوض بيضاني «أم سارة» أو في فصول صفحات الكتاب لها. أستطيع القول إنها وبإبداع كتابي للكتاب المتميز استطاعت أن تشدنا بتسلسل وأن تنقلنا بإبداع فني وتاريخي رفيع ، وذلك من خلال التميز التاريخي في عملية المزج الكتابي ما بين الكتابة بلغة السيناريو والكتابة بلغة الجملة المقروءة بحيث يتضح للقارئ الكريم صور مرافقة مع المحتويات التاريخية الوثائقية والتسجيلية من فصول هذا الكتاب اليمني التاريخي الهام، والتي تنقلنا بصفحات فصوله إلى القرون الثلاثة الأولى من الهجرة التي عبرت عنها بصدر الإسلام ، حيث أن تاريخ اليمن الإسلامي لم يكتب تفصيلاً وبدقة إلا مع بداية القرن الرابع الهجري.وحتى نتوسع أكثر في العرض والتقديم للكتاب ويتضح للقارئ الكريم موضوع ومحتويات هذا الكتاب سوف نستعرض أقسام هذه الدراسة التي جاءت في ثلاثة أبواب مصدره بفصل تمهيدي ومذيلة بخاتمة .تم في الفصل التمهيدي دراسة الوضع السياسي في اليمن في صدر الإسلام.واحتوى الباب الأول وعنوانه: «الحياة الاقتصادية في اليمن « على ثلاثة فصول . تناول الفصل الأول منها: الزراعة ، وتم فيه دراسة الأرض، ووسائل الري المختلفة، والمحاصيل الزراعية على اختلافها ، ومناطق زراعتها.كما اهتم الفصل بدراسة ملكية الأرض وأشكالها مثل : أرض العُشر ، وأرض الخراج ، وأرض الصوافي، وأرض الوقف، والأرض المملوكة للخلافة والولاة، وأرض الإقطاع، والحمى ، والأرض المملوكة للقبيلة والأفراد ، والعلاقات الزراعية ، والمعاملات الزراعية .وتناول الفصل الثاني : الصناعة، واهتم بدراسة الصناعة وإبراز أهم الصناعات اليمنية التي نالت شهرة فائقة في اليمن، أو خارج اليمن ، مثل: صناعة الغزل والنسيج والصناعات المعدنية المختلفة كصناعة الذهب ، والفضة ،والجزع ، والعقيق ، والحديد ، وصناعة الجلود، وغيرها من الصناعات والحرف والصناع ، ومناطق الصناعات المختلفة .وتناول الفصل الثالث : التجارة ، متطرقاً إلى التجارة المحلية، والتجارة الخارجية وتشمل: المراكز التجارية كعدن، وصنعاء ، وصعدة ، وزبيد، ونجران، وكذلك دراسة الطرق البريد وأهميتها في التجارة الخارجية ، والصادرات والواردات من البلدان المختلفة إلى اليمن والعكس.كما اهتم الفصل بدراسة الاسعار ، وتم فرز قائمة للأسعار ، ودراسة المعاملات التجارية ، كالمكاييل، والموازين ، والمقاييس.واحتوى الباب الثاني وعنوانه :» الإدارة المالية « على ثلاثة فصول تناول الفصل الأول: الموارد المالية ، وفيه تم دراسة بيت المال والموارد المالية المختلفة مثل: الزكاة ، وعشور التجارة ، والفيء ، والغنائم ، والجزية ، والخراج.وتناول الفصل الثاني المصروفات ومما لا شك فيه أن كل نوع من الإيرادات لها أوجه صرفها ، وذلك شملت المصروفات رواتب الولاة والعطايا ورواتب الموظفين ، وهم : عمال الجباية ، والقاضي، والمحتسب ، وصاحب الشرطة ، وعامل وبريد، وعمال الدواوين ، وفي العمران.وتناول الفصل الثالث : المعاملات المالية ، وفيه دراسة للعملة كالدرهم والدينار ، وأولى الفصل اهتماماً بدور الضرب في العديد من المدن اليمنية، كصنعاء ، وصعدة ، وعدن ى، وبيشة ، وذمار، وزبيد.كما اهتم الفصل بدراسة سنوات ضرب العملة ووزن العملة الفضية «الدرهم»، والذهبية»الدينار» في عهد الدولة العباسية والدويلات اليمنية المستقلة.واحتوى الباب الثالث وعنوانه :» المظاهر الاجتماعية « على أربعة فصول: تناول الفصل الأول :عناصر السكان من القبائل العربية في اليمن وتنظيماتها وسكانها وعلاقتها السلمية والحربية ، ودراسة للعادات والتقاليد اليمنية، أما الفصل الثاني: طبقات المجتمع ، وفيه دراسة لطبقة رؤساء القبائل «ساداتها» وطبقة السادة الهاشميين، وطبقة الفقهاء والقراء ورواة الحديث ، وأهل الذمة والرقيق «العبيد».وتناول الفصل الثالث: المذاهب الدينية في اليمن ، مثل : المذهب الزيدي والمذهب الشافعي والمذهب الإسماعيلي .وتناول الفصل الرابع: المؤسسات الاجتماعية ، وفيه دراسة للمساجد والأوقاف وأهميتها في الحياة الاجتماعية ، وكذلك الحمامات المنتشرة في بعض مناطق اليمن.مسك ختامنا في العرض والتقديم للكتاب ، وهي تلك العبارات بقلم الدكتورة إيمان محمد عوض بيضاني ((يحدوني الأمل في أن يساهم هذا الجهد المتواضع في رفد المكتبة اليمنية والعربية ، ويفتح الباب لمزيد من الدراسات عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في اليمن في صدر الإسلام)).