ما يحصل في اليمن من أعمال عنف واختطافات وأعمال إرهابية ضد السياح والأجانب من قبل بعض الجماعات الشاذة الحاملة للأفكار المتطرفة المغلوطة والخارجة عن القانون والنواميس والقيم الإنسانية وعن مبادئ الدين الإسلامي السمحة والبعيدة عن قوانين المجتمع العربي واليمني المحب للتعايش والتعامل مع كل الأجناس والأطياف ، هذه الجماعات الشاذة والمتطرفة غريبة عن كل المجتمع العربي واليمني وهي ليست من نسيج الشعب اليمني الأصيل والعريق والمعروف بكرمه وتسامحه وشجاعته وإيثاره وحبه للغير وحمايته للضيف وإجارته للملهوف وإغاثته للمظلوم . ومرض التطرف والعنف والإرهاب هذا فيروس قديم وخطير ومدمر للحياة وأصبح ظاهرة عالمية تقاعس المجتمع الدولي عن مواجهتها بكل السبل وبما تستحق من دون هوادة ومن خلال المساواة والعدل والقضاء على الظلم والقهر والفقر كونها البؤرة الحاضنة للإرهاب والتطرف والعنف . وهذه الظاهرة نعتقد أنها أخطر من الكوارث المرضية والطبيعية المأساوية التي تصيب البشر والعالم لأسباب مختلفة .لذلك نؤكد أن اليمني بطبعه شخص يحب الحياة ويجنح إلى السلام والعمل والبناء والكد بعرق جبينه ويكرم الضيف ويحب الغير ولا يرضى أن يقتات من آلام الآخرين ، وكما قيل “ تموت الحرة ولا تأكل بثدييها “ ولهذا فإن الاختطاف والعنف اللذين نسمع بهما في اليمن السعيد هنا أو هناك ما يؤثر على الحياة والسياحة والاستثمار والاقتصاد ويعيق التنمية ما هما إلا مرض منقول ومعد تسعى الدولة بجدية للقضاء عليه ومحاصرته ولكن لا بد من دعم دول الجوار الشقيقة والمجتمع الدولي لجهودها.وإن اليمن تؤثر وتتأثر بما حولها وهي تعتبر العمق الاستراتيجي والأمني لدول الجزيرة والخليج العربية الشقيقة وتتحكم بالمدخل الجنوبي لباب المندب وتواجه بالنيابة عن الجميع الإرهاب بكل أشكاله وصنوفه فاليمن منبع العرب ومصدر حضاراتهم العريقة ، فيه قامت كثير من الممالك والدول مثل ( معين ، قتبان ، أوسان ، سبأ وحمير ) وبحكم موقعه الاستراتيجي المتميز تعرض لغزوات وانتهاكات من قبل الاستعمار الفارسي والروماني ، الحبشي ، البرتغالي ، التركي والبريطاني.وفي اليمن تلاقحت وانتشرت مختلف الثقافات والفنون وسارت القوافل التجارية محملة بكل أنواع السلع والبضائع ( من البهارات وأصناف البخور والعطور واللبان والحرير عبر ما سمي بطريق الحرير وغيرها) كما أكد على ذلك القرآن الكريم ( رحلة الشتاء والصيف).ومن اليمن عرف الإنسان طرق الري والزراعة الحديثة والمدرجات وبناء السدود كمثال ( سد مأرب) الذي كان له شأن عظيم وبعد انهيار ذلك السد تفرقت ( أيدي سبأ) وتوزعت القبائل اليمنية في ( بلاد ما بين النهرين ومصر والغساسنة والمناذرة والأوس والخزرج وبني هلال وبني مرة وغيرهم) وفي عهد الملكة بلقيس وضعت البذرة الأولى للديمقراطية والحكم الشوروي قال تعالى : بسم الله ( يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون ) صدق الله العظيم ، وكانت اليمن من الشعوب الأولى التي دخلت الإسلام برضى وقناعة بالدين الجديد دين السماحة والعدل والإخاء والحرية والمساواة ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم “ الإيمان يمان والحكمة يمانية” من منطلق أن اليمانيين كانوا أول من آمن وأول من ناصر الإسلام حيث كانوا في مقدمة جيوش الفتح التي وصلت إلى تخوم الصين وحدود فرنسا وفتحت بلاد فارس وما بين النهرين وشمال أفريقيا والأندلس .واليمن في العصر الحديث لا زالت تحتل مكانتها المرموقة والإستراتيجية والسياحية الهامة بحكم تاريخها العريق وما تملكه من آثار تاريخية مهمة يجد فيها كل إنسان ما يبتغيه من عبق التاريخ وعمقه ، أكان في قصر غمدان أو المسجد الكبير في صنعاء أو في الصهاريج وقلعة صيرة ومسجد أبان في محافظة عدن ، سد مأرب جامع المحضار ، قلعة القاهرة أو مسجد ومدرسة العامرية وغيرها من الآثار والكنوز المغمورة في كل من محافظات ( إب ، البيضاء ، شبوة ، أبين ، ، صنعاء ، تعز وحضرموت وغيرها).وعلى الرغم من الظروف الدولية الحالية المعقدة بسبب الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وأعمال العنف والإرهاب والقرصنة البحرية التي أشرنا إليها وانعكست سلباً على الأوضاع الاستثمارية والاقتصادية و التجارية والسياحية في اليمن، فإن اليمن لا تزال تتقدم إلى الأمام في مجالات التنمية والتطور والسلام الاجتماعي من خلال قيادتها الحكيمة وفي ظل وحدتها المباركة ، حيث أن 22 مايو 1990م يوم تحقيق الوحدة المباركة وقيام الجمهورية اليمنية شكل منعطفاً تاريخياً هاماً في المنطقة العربية والعالم لعظمة ذلك الحدث الوحدوي الفريد وانعكاساته الإيجابية على الأمن والاستقرار في الإقليم والقرن الإفريقي ودول الجوار الشقيقة ، حيث كان للوحدة اليمنية عظيم الأثر في تعزيز علاقات اليمن العربية والدولية وجعلها تحتل المكان المؤثر في الوسط الدولي وكمثال : فإن العلاقات اليمنية الروسية التي احتفلنا مؤخراً بمرور 85 عاماً على قيامها تطورت بشكل متنامٍ لمصلحة البلدين الصديقين خلال الـ 15 عاماً المنصرمة كانت للزيارات المتبادلة على مستوى القمة بين البلدين أبلغ الأثر في تعزيز هذه العلاقات والدفع بها إلى الأمام خدمة للأمن والاستقرار والتعاون بين الشعوب والأمم وآخرها زيارة فخامة الأخ / علي عبدالله صالح إلى موسكو في فبراير 2009م ولقاءاته بالقيادة الروسية ممثلة بخفامة الرئيس/ ديميتري ميدفيديف ورئيس الحكومة الروسية/ فلاديمير بوتين، وتم خلال هذه الزيارة تعزيز أواصر التعاون والصداقة والعلاقات التجارية والاقتصادية والعلمية والثقافية والعسكرية، بين اليمن وروسيا على أساس الشراكة والمنافع وبناء على المتغيرات الدولية وواقع العلاقات الدولية الحديثة. ختاماً فإن اليمن سيكون دائماً الحضن الدافئ الفاتح ذراعيه بكل حنو للجميع مرحباً بهم في ربوعه الجميلة والخضراء وعاصمة المآذن صنعاء الحبيبة ( التي حوت كل فن ) أو في شواطئ عدن ومنطقتها الحرة والصناعية الكبيرة وصحارى مأرب والجوف وشبوة وجبال حجة ومناخه وسهول تهامة وجزر كمران وسقطرة وجزر حنيش المتميزة بهدوء وجمال وصفاء بحارها ومياهها المتلألئة وكل ذلك في الختام تصديقاً لما ذكر في القرآن الكريم ( بسم الله الرحمن الرحيم) : “لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم وأشكروا له بلدة طيبة ورب غفور” ( صدق الله العظيم) فهل يلتفت الإخوة العرب لهذه الآية الكريمة ليسعوا إلى تحقيقها في ربوع اليمن الآن وقبل فوات الأوان من خلال حضورهم ومشاركتهم في مختلف الاستثمارات التنموية وفي الصناعة والزراعة والأسماك والنفط وغيرها لصنع اليمن الميمون الذي سيعود بالخير والرخاء على الجميع؟!. [c1]* سفير الجمهورية اليمنية في موسكو[/c]
بلقيس .. تدعوكم إلى أرض سبأ
أخبار متعلقة