إعداد / زكي نعمان الذبحانيأمام ما نشهده اليوم من مغريات ومفاسد وما يحاط به شبابنا من إغراءات هدامة تروج له بعض الفضائيات،وما تؤمنه تقنيات الاتصال ومواقع الإنترنت من صور ومعلومات خادشة للحياء والقيم يندى لها الجبين،يغمرنا شعور بالأسى لما آل إليه الحال على واقع يسعى فيه المفسدون في الأرض إلى ترسيخ أشكال متعددة من انحراف القيم والسلوك. في استعراض عام للوضع العالمي للإيدز والعدوى بفيروسه الخبيث يوضح تقرير منظمة الصحة العالمية أعد بمناسبة الاحتفالية باليوم العالمي لمكافحة الإيدز(11 ديسمبر2006م، تحت شعار: معاً نحو توفير الوقاية والعلاج والرعاية لجميع المعترضين والمصابين بالإيدز" يوضح أن عدد المصابين بفيروس الإيدز حول العالم على مدى خمسة وعشرين عاماً - منذ مطلع الثمانينات وحتى منتصف عام 2006م - بلغوا أكثر من (خمسة وستون مليون إصابة)، توفي منهم على الأقل حتى الآن (خمسة وعشرون مليوناً).ويوضح التقرير أن عدد المصابين بهذا المرض في البلدان الواقعة جنوب الصحراء الأفريقية وصل إلى حوالي (24,5مليون شخص)،ونحو(7،6مليون شخص) في بلدان جنوب شرق أسيا. كما ورد تقدير من هم بحاجة للمعالجة بمضادات الفيروسات حتى نهاية 2005م بنحو(6,5مليون مصاب).ولم يتجاوز عدد من يتلقون المعالجة بمضادات الفيروسات في العام ذاته على وجه التقدير(1,33مليون مصاب)،أي بنسبة تغطية تصل إلى (20).وليس الوضع في إقليم شرق المتوسط بأحسن حال،حيث أفاد التقرير بأن عدد المعايشين للإيدز في إقليم شرق المتوسط خلال العام 2005م بلغوا حوالي(ستمائة وعشرون ألف شخص)،ووقوع نحو(مائة ألف حالة عدوى جديدة).ولا تزال تشير الإحصاءات إلى أن معظم الحالات المكتشفة حالات جاءتها العدوى عبر الاتصال الجنسي غير المأمون،بالأخص خارج نطاق الزواج الشرعي أو عن طريق الحقن الملوثة بالفيروس لدى مدمني المخدرات.ومن واقع الإحصاءات تقل عدد حالات الإصابة بوسائل انتقال المرض الأخرى المعروفة،كنقل دم ملوث بالفيروس من المصاب إلى شخص أخر سليم،أو استخدام موس أو أدوات حلاقة ملوثة بالفيروس، أو استخدام أدوات حادة أو ثاقبة للجلد (أدوات الجراحة والأسنان - إبر الوشم - أدوا ت الحجامة)،أو من الأم المصابة إلى وليدها عبر المشيمة، أو عن طريق الرضاعة الطبيعية،علماً بأن علامات المرض لا تظهر من الوهلة الأولى لتلقي عدوى الإيدز،ولا تبدو على المريض أية أعراض مرضية،إلا بعد مضي فترة طويلة من الزمن تصل في العادة إلى سنوات عديدة من اكتساب العدوى،وقد تمتد عند بعض حاملي العدوى إلى عشر سنوات،يبدو خلالها بصحة جيدة،غير أنهم يظلوا قادرين على نقل العدو إلى الأصحاء.وبغض النظر عن وسيلة العدوى يُلحق بعض المصابين والحاملين لعدوى المرض بغيرهم،وأياً كانت من عمد أو تعمد. فالمتزوج المصاب مثلاً قد يستمر في المعاشرة الزوجية،ويظل المقيم لعلاقات غير شرعية خارج إطار الحياة الزوجية على النحو الذي اعتاد عليه،ولا يتوقف الشاذ جنسياً عن الشذوذ،فضلاً عن من قاد بهم إهمالهم أو إهمال غيرهم إلى الإصابة دون أن يقترفوا ذنباً..والنتيجة للأسف ارتفاع حالات العدوى أكثر فأكثر.وأمام هذه المأساة التي يساق إليها متلقين العدوى والمصابين بالمرض - منهم البريء ومنهم المذنب - يتبدد بعدها كل أمل بحياة المعافاة ومن وراءها الموت بأبشع صوره،يتعرض بعض المصابين بالإيدز إلى الإحباط بما يمارس ضدهم من تمييز ووصم،دون إدراك ممن يتصرف بهذه الرعونة من أن تصرفه المخل بالأدب والأخلاق من شأنه أن يولد لدى البعض منهم الشعور بالكراهية والنقمة على المجتمع،بل وربما يؤدي بالبعض - لضعف الوازع الديني والأخلاقي - إلى انتهاج سلوكيات سيئة ورغبة في الانتقام ممن حوله.فا لإسائة قد تقابل بإساءة أخرى،وما يلحق المريض من وصم وتمييز قد يحوله إلى شخص ناقم يسعى ويلهث وراء الانتقام من واصميه بلا تمييز. ورب إساءة نلحقها بمريض بالإيدز يكون ضحيتها الأبرياء.عدا ذلك أن المواقف السلبية تجاه المريض بالإيدز تزيد من عذابه وتضاعف آلامه،فالأولى أن نكون عوناً له في قهر مشاكلهم والتغلب على متاعبه ومصدراً لراحته..لا نبتعد عن المريض بل نتحاشى فقط الإصابة بالمريض بتلافي وسائل انتقال المرض المعروفة.فهب أخي القارئ أنك مصاباً..تذكر لو كنت مكان أحد منهم، كيف تريد حينها أن يعاملك الناس؟!كيف لك أن ترضى بالوصم وإلحاق الأذى بضحايا الإيدز وأنت تعلم أن ليس كل من أصيب بهذا المرض ضحية نزوات قادته إلى دروب الفاحشة،فهناك من لا ذنب له فيما تعرض إليه من إصابة قد يكون سببها نقل دم ملوث بالفيروس،أو استعمال أدوات حلاقة ملوثة،أو بسبب المعاشرة الزوجية ما إذا كان أحد الزوجين مصاباً بالفيروس ولا علم للآخر بذلك،أو نتيجة تلقي وخزه من حقنة أو من أداة ثاقبة للجلد أو الأذن ملوثة بفيروس الإيدز،أو بسبب أدوات الجراحة أو أدوات الأسنان الملوثة غير المعقمة..أياً كانت الأسباب يبقى من حق مرضى الإيدز أن يحظوا باحترام وإنسانية،فهم جزء من المجتمع،بحاجة إلى رعاية خاصة وإلى مراعاة حالتهم النفسية من قبل الأهل والأقارب والأصدقاء والمجتمع عموماً دون وصم أو إهانة أو نفور ودون فرض عزلة عليهم أو نبذهم وحرمانهم من حقوقهم في المواريث والممتلكات أو طردهم من أعمالهم،بل وحتى إبداء الشفقة على حالهم أمر مرفوض..يجب أن نتخلى كل المفاهيم السيئة والمواقف الخاطئة حيال هؤلاء المرضى وأن نبني تعاملاتنا معهم بصورة طبيعية يسودها الاحترام والتكافل الاجتماعي مع نبذ التوجس والريبة من أنفسنا.فلا خطر في التعاملات العادية مع مرضى الإيدز في أجواء يسودها المودة والإخاء،فالإيدز لا ينتقل بالمخالطة اليومية العارضة،كالمخاطبة أو المصافحة أو المجاورة في مقاعد الدراسة ووسائل المواصلات أو بلدغ الحشرات،ولا ينتقل أيضاً عبر عطس أو سعال المصاب أو عن طريق الطعام والشراب.وتذكر أخي القارئ أنه يمكنك مساعدة شخص مصاب بأن تتعامل معه بنفس الطريقة تماماً التي تتبعها في تعاملك مع أشخاص آخرين في حدود معايير الوقاية من المرض - التي سبق أن أشرنا إليها - فذاك فيه ورفق بالمرضى وصون لهم من الانعزال والوحدة،يزيل عنهم الشعور بالوصم والنبذ وفيه تخفيف من معاناتهم،بل ويجب أن يجد المريض آذاناً صاغية وأيد حانية تساعده وتقدم له العون.[c1]المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان [/c]
أخبار متعلقة