كلمة أولى :في قمة الغناء العدني الحديث يسكن النجمان المرحوم أحمد بن أحمد قاسم والمغترب مصطفى خضر .. ومن هذه القمة تنسكب علينا هذه الذكريات التي سجلها الفنان الكبير أحمد قاسم مساء يوم 3 نوفمبر 1990م على شريط كاسيت في أحد منازل أقرباء مصطفى خضر متحدثاً فيها عن ذكرياته مع هذا الشاعر الكبير .. (فنون) تنشر هذا التسجيل / الذكريات مع شيء من التصرف ليكون صالحاً للنشر ..[c1]أحمد ومصطفى .. روح ووجدان !![/c].. أنا لا أعرف الشاعر مصطفى خضر محمد معرفة سطحية أو بغرض أنني آخذ كلمات من أجل تلحينها وغنائها وإنما كانت العلاقة بيني وبين مصطفى علاقة أخوية أسرية وصداقة .. علاقة إنسان بإنسان .. علاقة أكثر من إخوة وتكاد تكون جسمين في روح واحدة وقلب واحد وتفكير واحد !!فمصطفى أخ أكثر من شاعر وفي نفس الوقت شاعر وأخ .. فقد كنت أنا ومصطفى أصدقاء نعيش مع بعض كأننا أسرة واحدة ..فأجيء له بيته في المعلا ، وكان هو يأتي الى بيتي في كريتر .. ثم كانت هناك لقاءات أسرية ، يعني تجتمع اسرتانا مع بعض نسمر وندردش .. وقد كانت علاقتي به كشاعر غنائي نقطة تواصل للصداقة المتواصلة من سنين طويلة بعدما أحسست أنه يعمل حاجات جميلة لفنانين كثيرين كانوا موفقين جداً في ترجمة أعماله وانتشرت له أغنيات كثيرة على الساحة .[c1]البداية .. هب الصفاء [/c]وكانت البداية مع مصطفى في أغنية :[c1]هب الصفاء هب الوفاء هبت ليالينا الجميلة [/c]التي لحنتها وغنيتها وقد كتبها مصطفى باللهجة اللحجية وترجمت الكلمات هذه بالخط اللحني الذي أنا ماشي عليه وهو مدرسة خاصة بي في التلحين التي يقول الناس دائماً أنها المدرسة المصرية لأنهم يجهلون المقامات !!والحقيقة أن أعمالي معه ليست كثيرة إنما النتيجة ليست بكثرة أو قلة الاعمال فأنا لحنت وغنيت لكثير من الاخوة الشعراء سواء من عدن أو اليمن بشكل عام أو الشعراء العرب .. ولكني أجد في كلمات مصطفى خضر أشياء تهمني .. وأقدر أقول أن هناك لقاءً روحياً بين مصطفى وأحمد قاسم خاصة أن الكلمات تكون مترجمة للانفعالات التي تلازمني في يوم معين أو فترة معينة .. يعني يأتي مصطفى ليترجمها ويكون دوره كأنه إسعاف يأتي كلما كانت عندي حالة معينة .. وقد أثبت بجدارة أن كلماته رقيقة ومن السهل الممتنع .. كلمات عامية بسيطة يرددها ابن الشارع والمثقف وتدخل القلب بدون استئذان !![c1]أغان .. وحكايات [/c]كل أغنية عملتها لمصطفى كان لها حادث يحدث تلقائياً من وحي الظروف التي أعيشها .. فكان مصطفى بالنسبة لي الطبيب..مثلاً أغنية ( قبل حبك) أسعدني فيها مصطفى وأنا في البيت في كريتر .. وجاء يزور ومعه الكلمات .. وكنت تعبان نفسياً حيث كنت في ذلك الوقت مبتلياً بحب فتحية الصغيرة ( الزوجة الثانية) .. وعندما دخل علي الحبيب مصطفى البيت كنت مضطجعاً على الأرض بجانب الباب فأعطاني الكلمات :[c1]قبل حبك كنت ما أعرف من أنا ولا ليش أعيش كنت ضايع بل وأكثر في ضياع ما ينتهيش كنت أشقى والذي شفته أنا ما ينتسيش كيف أنسى ؟ مستحيل أنسى دموعي والعذاب مستحيل أنسى الذي شيبني في عز الشباب بس حاجة ممكن أقدر أنسى فيها الذكريات حاجة أقوى من عذابي أقوى من كل الحياة حبك أنت ياحبيبي[/c]وعندما أكملت قراءة الكلمات بدل ما كانت الارض تدور في صدري استقرت وشعرت أنني شفيت مما كان في داخلي .. فقد كانت تعبر عن مشاعري تماماً .. وقلت لمصطفى : جيت في الوقت المناسب لنجدتي !! .. وبدأت تلحين الأغنية ، ثم سجلتها لإذاعة (صوت العرب) في القاهرة.وأيضاً أغنية " نعم أهواك" لحنت الأغنية في الأيام التي كنت استعد فيها للزواج من فتحية الصغيرة وقد صادف أن قدمتها في سهرة خاصة بي في برنامج " جنة الألحان" الذي كان التلفزيون يقدمه في ذلك الوقت وأذيعت السهرة في اليوم الذي تزوجت فيه ، وقد غنيت الأغنية وأنا أعمل بعض الحركات بيدي وغيرها تشير الى الاصرار أنه :نعم أهواك أقولها حقيقة واعنيها وليش بأخاف وأحاول أني أخفيها / ذا قلبي عمره ما أتهنى ولا ذاق الهوى لولاك / وعاده كثير يذوق فرحة في حبك أو يقول أهواك ؟ / يخاف من إيش ؟ كلام الناس ؟ كلام فاضي مالوش معنى / كلام لو صدقه العاشق ما عاش في حبه يتهنى / ما دام قلبي أنا يشتيك بأقول للناس : نعم أهواك .وقد كنت أعمل هذه الحركات تلقائياً وبدون تخطيط مسبق ، ولكن الناس عندما شاهدوني طلعت الإشاعة في الشارع بأن أحمد قاسم كان يعاند مريم بزواجه من فتحية !!كذلك أغنية ( ابتدينا) كانت الكلمات معي أخذتها الى القاهرة ( عام 63م) وهناك حدث أن حصلت احتكاكات عائلية مع زوجتي الثانية فتحية الى أن وصل الحال أنا وهي الى ايصالها الى المطار لتسافر الى عدن عام (66م) ثم عدت على طول الى البيت ابحث عن اسعاف نفساني لما أعانيه داخلي فجاءت يدي على " ابتدينا" ابتدينا ياحبيبي بعدما قالوا إنتهينا / ذا أنتهى كل اللي قالوه إنما نحن ابتدينا.أخذتها ومافيش عشر دقائق إلاّ وأنا لحنت الاغنية لأن الكلمات وجدتها تحكي حكايتي أنا بأنني ابتديت مع مريم ( أم حمادة) التي هي الزوجة رقم واحد .. وقد كنت عندما لحنت الاغنية اشعر أن الكلمات ملحنة أمامي أو كأنني أردد لحناً عملته من سابق وأنا أقرأ نوتته واعزفها مباشرة .. فقد كانت كلمات الاغنية اصيلة وبسيطة لمشاعري وداوت جروحي حينها ، وقد سجلتها في القاهرة لإذاعة ( صوت العرب) ( عام 66م).[c1]ضابط البوليس .. الشاعر الرقيق[/c]الحكاية أنه كون الواحد شرطياً او نقيباً في البوليس ثم يكون شاعراً في نفس الوقت هي حكاية لا تحمل أي تناقض .. فمصطفى إنسان موهوب وربما يكون هناك انسجام بين الشعر والعمل الشرطوي .. فالشرطة فيها الضبط والربط أي نظام والشعر نفس الشكل هناك تفعيلة ونظام .. ثم أن لدينا مثالاً حياً عن الاستاذ خليل محمد خليل فقد كان مدير سجن مش بس ضابط بوليس وقد وفق في الموسيقى والطرب واصبح أباً للأغنية العدنية .. والامثلة كثيرة غير ذلك وفي مجالات أخرى مثلاً د. ابراهيم ناجي كان طبيباً وشاعراً والآن هو لايذكر إلاّ بابراهيم ناجي الشاعر وليس الطبيب.. ومصطفى خضر الاديب وليس الشرطي!![c1]ثلاثي عدن[/c]الحقيقة أن كل ماقدمه الحبيب مصطفى للأخ محمد عبده زيدي قدمه لإنسان يحس أنه سيقوم بالواجب ويترجم الكلمة ترجمة مخلصة ستوصل الى الجماهير كما يريدها الشاعر .. لقد كان الاستاذ الزيدي موفقاً في عمله وهذا يشكل تواصلاً طبيعياً بالنسبة للثلاثي مصطفى والزيدي واحمد قاسم لأن محمد عبده زيدي ابني وتلميذي واخي وحبيبي .. وطالما أن محمد عبده زيدي كان موفقاً في تلك الاعمال فكأنني أنا الذي لحنتها !![c1]والخاتمة طرفة [/c]حصل في الثمانينات إنني ذهبت الى الكويت عائداً من لندن عبر المانيا وعندما وصلت هناك قرأت قصيدة كتبها مصطفى في جريدة السياسة الكويتية اسماها ( مات من نطق الخشب) وكانت قصيدة رثاء في حيث انتشرت اشاعة بأنني قد مت ووصلت الى مصطفى فرثاني بتلك القصيدة ، وبعد أن قرأتها اتصلت بمصطفى تلفونياً من الفندق ، فرد علي مصطفى مندهشاً : من الذي يكلمنا ؟! .. قلت : أحمد قاسم .. أنا مامتش .. وفي الحال أرسل مصطفى برقية للصحيفة لنشرها .. وقد استفدت كثيراً منها حيث استضافتني وزارة الاعلام الكويتية لمدة 3 أشهر بعد أن علمت بالخبر وبوجودي في الكويت.
|
رياضة
الموسيقار أحمد قاسم يروي قصته مع شاعر عدن مصطفى خضر
أخبار متعلقة