عالمية الاسلام .. هي المداميك القوية التي تأسس عليها أمر الدعوة.. وصبت فيها مضامين عظيمة قدستها الإنسانية في فكرها وفطرتها .. وخلدتها في بعث الانتصار لها ، كلما دعا إلى الله داع ، أحيا قلوبا ماتت ، وهي حية ( ! ) ونور ضمائر أظلمت وهي بصيرة ( ! ) . ولما كانت خلاصة دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لقومه (( مساواة الناس كلهم في حق إتباع الداعي .. والمسابقة في طريق الخيرات .. استنكرت صناديد قريش هذا الخلق الدخيل على طريقة حياتهم المترفة والمتعالية ، والتي تنظر إلى من هم دونها نظرة الازدراء والانتقاص والتأفف ! لكن هذا الاستنكار لم يمنع حياة قلوب ميتة أن تحيا من جديد .. وان يزداد عدد هؤلاء المؤمنين يوما بعد يوم .. لأنه قانون الفطرة الذي لا يتبدل من حين النشر إلى يوم الحشر !! . إسلام العبيد والموالي ومن سمّتهم قريش بالسوقة ( ! ) لم يمنع الاسلام من صناعة المستقبل .. وان منع مرضى من سادة قريش من الظفر ما حلموا به ، وما كانوا يأملون !! والسبب لا يحتاج إلى حذلقة مجتهد ، وتكلّف ناقد بصير ( ! ) .. انه التركيز على جملة القيم والمثل والمحاسن التي حالت أوضاع الجاهلية وثقافتها بينها وبين الفطرة التي فطر الناس عليها !! . كم عابت قريش جلوس النبي – صلى الله عليه وسلم – مع جملة من الصغار والعبيد والموالي .. قال الله تعالى : (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ، ولا تعدو عيناك عنهم ..)) .. لكن هؤلاء كانوا البذرة الصالحة للمجتمع الفاضل الذي نشدته الإنسانية في أحلام المثل العوالي ! . وكانوا السيوف البواتر التي مزقت أوصال الظلم والاستبداد والفساد في الأرض ! وكانوا اصدق رجال وعاهم التاريخ .. وأحصى فعالهم في تدويخ جبابرة البشر وعتاة الطواغيت !! .كم شدّني بيتان من الشعر .. وعتهما ثقافتي في ذاكرتها من أكثر من ربع قرن من الزمان .. هذان البيتان هما قول بعضهم : فلا تحسبِ الأنسابَ تنجيك من لظىً ولو كُنتَ من قيس ٍوعبد مداَنٍ! أبو لهب في النار وهو ابنُ هاشمٍوسلمانُ في الفردوسِ من خراسان !! تعلمتهما من أحد الخطباء وهو يتحدث عن مثالية العمل لله .. وأن كل شيء ما سوى الله باطل !! مما أودعني يقينا لم يتبدل بأهمية خطبة الجمعة عندما تكون من عالم لم يستهوه الشيطان ! ولم تفسده أحوال الزمان ! . ومعنى البيتين يكشف عن أحد مداميك هذا الدين ! وقاعدة من قواعد النجاة في تركيبة التصوّر الإسلامي القائم على ثقافة الاعتداد بالنفس ، والاعتزاز بالإيمان !! إنهما إعلان تاريخي لعهد الإيمان إلى جميع الأجيال ، ينقض أساساً من الأسس التي قامت عليها الجاهلية قروناً من الزمان .. إعلان أن الأنساب لا تصنع الرجال ! ولا تشفع لبواعث النقص في التصور والتفكير والقول والعمل ( ! ) . وإنما تفاضل الإيمان .. وتفاوت التقوى .. واختلاف الأعمال .. هي صانعة الرجال .. وماكنة حياكة لباس المستقبل .. (( ولباس التقوى ذلك خير .. )) ومن لم يتخذ يوما لباسا من التقى تجرّد عريانا .. وان كان كاسيا ! هذه هي التقوى التي رشحت بلالا الحبشي للصعود على ظهر الكعبة يوم الفتح المبين ليؤذن على مسامع قريش .. وآذان من عرفوا بالأشراف كأبي سفيان هي التي تصغى صاغرة إليه من تحته !!! . إن غرس هذه القيم الخالدة في النفوس .. هي أثقل واجبات الخطباء والدعاة .. لأنها وحدها القادرة على صناعة مستقبل خالٍ من الظلم والكفر البواح ، وهي التي تمتلك معمل أسباب النجاح .. فهل نفيق من حديث الخرافة .. وبلادة الافهام .. وداء الغمز واللمز .. وزهو الظلام .. واللعب بمفرداته كألسنة البقر عندما تلوي بلسانها المرعى ؟!! ترى هل بلغت ..؟.. اللهم فاشهد ! .
|
رمضانيات
عالمية الإسلام !!
أخبار متعلقة